بعد حادث وفاة بطلة المصارعة.. كيف نقتل أبناءنا بالحب.. نجبرهم على سباق التفوق دون هدنة.. نظن أن حبنا لهم لا يحتاج لإثبات فينفجرون فى لحظة ونندم حيث لا ينفع الندم.. تعلموا من حسرة والد ريم مجدى

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2016 09:00 م
بعد حادث وفاة بطلة المصارعة.. كيف نقتل أبناءنا بالحب.. نجبرهم على سباق التفوق دون هدنة.. نظن أن حبنا لهم لا يحتاج لإثبات فينفجرون فى لحظة ونندم حيث لا ينفع الندم.. تعلموا من حسرة والد ريم مجدى ريم مجدى
تحليل تكتبه زينب عبد اللاه

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
زينب عبد اللاه

نحبهم حتى الموت، بل وبعد الموت، نقسو عليهم أحيانا لأننا نريدهم أن يحققوا أحلامنا التى لم نستطع تحقيقها، نحلم بأن يكونوا أفضل منا وأن تتحول انكساراتنا فى الحياة إلى انتصارات بأيديهم، نريد أن نصحح بهم أخطاءنا، وقد تدفعنا كل هذه المحاولات إلى قتلهم دون أن نشعر.

 

نظر الأب إلى يده، كرهها ولو طال لبترها، كيف لهذه اليد التى تحنو وتعطى أن  تضرب فتقتل، لم تكن المرة الأولى التى يضرب فيها والد ريم مجدى بطلة المصارعة ابنته ليحفزها على الجدية أكثر فى التمرينات حتى تحقق بطولات أكثر وأكثر، لم يتمكن هو نفسه من تحقيقها.

 

لم يكن الأب يتخيل أن ضربه لابنته قد يتسبب يوما فى موتها، وأن تأتى لحظة تنفجر فيها ابنته من شدة ضغوط الحب والحرص فتلقى بنفسها من السيارة لتزهق روحها أمام والدها الذى قتلته الصدمة.

 

بالتأكيد فإن هذا الحادث أصاب كل الآباء والأمهات كما أصابنى بالرعب والخوف، فالكثيرون منا اعتادوا على تعنيف أبنائهم وضربهم أحيانا، بمنطق "بنضربهم لمصلحتهم"، وهى العبارة التى نستخدمها حين نفقد أعصابنا أثناء التعامل مع أبنائنا، فهل تخيل كل منا موقف هذا الأب بعد أن ألقت ابنته نفسها من السيارة وحملها وهى تنزف حتى ماتت بين يديه.

 

من المؤكد أن الأب حينها تمنى لو أن شللا أصاب يده قبل أن يضرب ابنته، ولو عاد به الوقت كان سيغير من أسلوب تربيته لابنته وشقيقاتها، لكن الوقت والزمن أبدا لن يعود، ليظل الأب حتى آخر حياته معذبا، يسحقه الألم والندم على لحظة تمنى أن يموت قبلها حتى لا يراها.

 

وبالرغم من أن الأب ادعى أن سيارة طائشة صدمت ابنته أثناء عبورها الشارع وتركتها جثة هامدة ولاذت بالفرار، ورغم الشكوك حول شهادة الأب، خاصة بعد تقدم زوجته ببلاغ تؤكد فيه أن ابنتها ألقت بنفسها من السيارة بعد مشادة كلامية وقعت بينها وبين والدها أثناء التمرين، قام على إثرها الأب بضربها بقدمه، ثم صفعها على وجهها أثناء العودة إلى المنزل بالسيارة، بعد أن اتهمها بالانشغال بمواقع التواصل الاجتماعى وإهمال التدريب، فرغم كل هذا لا شك أن دموع الأب ندما وحزنا على ابنته وعلى ما اقترفه بحقها كانت صادقة، وأن عذابه لا يوصف ولن ينتهى، حتى وإن لم ينكشف أمره ولم يعاقبه القانون.

 

الكثير من الآباء والأمهات قد يتعاطفون مع الأب، رغم الحزن الشديد على الطفلة البطلة الرياضية ريم مجدى، التى لم تكمل عامها الخامس عشر، الكثيرون سيتخيلون إحساسه ومشاعره، ربما لأن أغلبنا يقع فى نفس الأخطاء أثناء التعامل مع أبنائه، وقد يتطور الأمر فى أوقات كثيرة إلى استخدام العنف بدرجات متفاوتة، ربما لأننا نعانى كثيرا من عناد أبنائنا ونفقد القدرة على التواصل والتفاهم معهم، للوصول إلى لغة مشتركة فى ظل التفاوت الفكرى الشاسع بيننا وبينهم، ربما لأنه بداخل كل منا عقدة يريد أن يساعده أبناءه فى التخلص منها بنجاحهم ووصولهم إلى مالم يصل إليه.

 

وقد يسخط الكثيرون أيضا على هذا الأب، وتتردد عبارات من عينة: "مش يحمد ربنا إن بنته بطلة حصلت على ميداليات وبطولات عالمية" ، وهم على حق، ولكن أحيانا ودون أن نشعر نجبر أبناءنا وأنفسنا على اللهاث فى سباق التفوق سواء الرياضى أو العلمى، دون أن نفكر فى مشاعرهم وحجم الضغوط التى نفرضها عليهم وعلى أنفسنا، حتى نفيق على كارثة ومصيبة كتلك التى وقع فيها والد ريم من شدة حرصه على استمرارها فى سباق التفوق الرياضى، وانشغاله بكل الوسائل التى تكفل لها هذا، فنسى مع هذا الانشغال والحرص أن يشعر بمشاعر ابنته وأن يدفعها للتفوق بطرق أخرى من التشجيع والحب والتحفيز، وهو الخطأ الذى يقع فيه أغلبنا ونحن نسعى ونحلم بنجاح أبنائنا، فننسى أن نحتضنهم وننظر إلى وجوههم، ولا ننتبه لمخزون الضغوط والأحزان فى نفوسهم، حتى يفيض بهم الحزن فيصدمنا بما لا نتوقعه وما لم يخطر ببالنا، فتنقلب حياتنا وحياتهم فى لحظة إلى مأساة مثل مأساة ريم ووالدها، فكيف لهذا الأب أن يكمل حياته وهو يرى فى يده آثار دماء ابنته، وكيف له أن ينظر فى عيون باقى أبنائه وزوجته.

 

نركز نحن الآباء والأمهات دائما فى مشاعرنا نحو أبنائنا، ونبرر لأنفسنا ما نفعله بهم، نظن أن حبنا الفطرى لهم لا يحتاج لإثبات، وحرصنا على مصلحتهم لا يحتاج لدليل، وهو الخطأ الذى نقع فيه جميعا، وعلينا جميعا أن نعيد النظر فى طريقة تعاملنا مع أبنائنا، وأن نسرع بأخذ هدنة من هذا السباق الذى نعيش ونجعلهم يعيشون فيه، قبل أن نتحول إلى قتلة يقتلون أبناءهم بالحب ويخنقونهم بالحرص.







مشاركة




التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

masria

عنوان مستفز

دا ماقتلهاش بالحب.. وعمر الحب مايقتل.. دا قتلها بالانانيه والقسوه وللرغبه في السيطره.. هؤلاء الاباء مرضي نفسيين وخطر علي المجتمع وعلي ابنائهم.. هذا هو عقوق الاباء

عدد الردود 0

بواسطة:

ئشن

الاستاذة زينب / احييكى على هذا التقرير الرائع

تقرير صياغة لغوية فوق الوصف وعميق فى معناه فى البعد النفسى والاجتماعى واحتواء الابناء فى سن معين ( الصحبة القريبة من النفس والشعور بالكينونة والثقة ) برافوا عليكى فى هذا التقرير وياريت كل الاباء والامهات يقرؤوه بعناية ويستفيدوا منه .. ورحم الله ريم وغفر لها لانها تحت هذا العبئ والضغط النفسى اقدمت على فعل قاسى على النفس والهم اسرتها الصبر .

عدد الردود 0

بواسطة:

هاني

شكراً استاذة زينب

شكراً استاذة زينب على تحليلك الرائع ولقد لمست قلوبنا وخاطبت عقولنا فعلاً نحن نقسو على ابنائنا كثيرا وهم نعمة وهدية من الله ولهم حقوق كثيرة علينا

عدد الردود 0

بواسطة:

اميره

ممتازه

اسلوبك حلو اوي في الكتابه بصراحه مقاله تحفه نتعلم منها

عدد الردود 0

بواسطة:

ماريا

الصحفي ناوي يقتل الاب

لو كنت الاب و بتقرا التعليق ده ما تقسوش على نفسك انت بتحب بنتك بس ماعرفتش تعبر عن حبك هي غالية و انت غالي في عين ربنا... انت مكنتش تقصد فمتكررش الغلطة مرتين مرة معاها و مرة معاك هي دلوقت مبسوطة مع ربنا... و مسمحاك لانها شايفة الدنيا اوضح انت لازم تسامح نفسك و تعوض اي ندم مع ناس تانية ربنا معاك

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة