قال الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب، إنَّ الطالب الأزهرى فى المرحلة الابتدائيَّة والإعداديَّة والثانويَّة يدرس كل المواد التى يدرسهاالطالب فى مدارس التربية والتعليم، مادة مادة، وكتابًا كتابًا، ثم يتحمَّل الطالب الأزهريُّ عبئًا استثنائيًّا أثقل ورُبَّما أعمق دراسة، وهو: المواد الأزهريَّة في المرحلتين: الإعداديَّة والثانويَّة، بقسميها: العلمي والأدبي،و هؤلاء الطُّلاب والطَّالبات هم نوع استثنائي مُتميِّز: ثقافةً وعِلْمًا ومعرفةً، وسِعَة اطلاع على علوم اللُّغَة والأدب وعلوم النَّقْل والعَقل معًا.
وأضاف خلال كلمته بحفل الأزهر لتكريم اوائل الشهادة الثانوية الأزهرية بحضور الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب ،وقيادات الأزهر، ولأنني درستُ هذين المنهجين حيث كنت طالبًا بالقسم الثانوي من عام 1960م إلى 1965م من القرن الماضي. أُدرك حجم المعاناة التي يلقاها الطالب الأزهري في التعليم ما قبل الجامعي،الأمر الثاني: هو لفت نظر من عنده استعداد للنَّظرِ المنصف المتجرد إلى طبيعة منهج الأزهر التعليمي.. إنه –باختصارٍ شديدٍ أيضًا- منهج يحرص على دراسة الإسلام دراسة مجرَّدة خالصة لله وللعلمِ والحقِّ، وليست دراسة موجَّهة بأجنداتٍ أو سياساتٍ أو أموال موظَّفة لخدمة أغراض ومصالح ليست من العِلم لا في قليلٍ ولا كثير.. ثم هو منهجٌ يعتمدُ على ثقافةِ الحوار، وقبول الرأي والرأي الآخر، بل الآراء الأخرى، دون تكفير ولا تفسيق ولا تبديع، مادام لهذا المذهب أو ذاك سند من كتابٍ أو سُنَّة أو إجماع أو قياس.
وتابع :هذا المنهج التربوي الحواريّ يُرسِّخ في ذهنِ الطالب الأزهريّ منذ طفولته مبدأ شرعيَّة الاختلاف منذُ اليوم الأوَّل في دراستِه بالصَّف الأول الإعدادي، وحتى آخر يوم من دروس الصف الثالث الثانوي، حيث يختار كل طالب مذهبًا من المذاهب الفقهيَّة المتعدِّدة يدرس ويتمعَّن في رؤاه المختلفة، ويُدرِّب ذهنه ويهيئه لاستيعاب أكثر من رأي، وأن هذه الآراء –رُغم تبايناتها الواسعة- كلها صحيحة ومقبولة، ومنهج مُعتدل كهذا يُصاحِب طلاب الأزهر في دراستهم على مدى سنواتٍ ست، وهم ما بين الثانية عشر والثامنة عشر من عمرهم لاشكَّ يصيغ عقولهم ووجدانهم صياغة وسطًا تجنِّبهم الانغلاق والاستقطاب والوقوع في براثن الفِكر المتشدِّد والمتطرِّف، والانغلاق في مذهبٍ واحدٍ يَراهُ المتطرِّف هو المذهب الصَّحيح، وغيرهم باطل وضلال، ويرى المتمذهب به مارقًا من ربقة الإسلام، حلال الدَّم والمال والعرض.
ونحن لا نُنكر أن تاريخَ المسلمين –قديمًا وحديثًا- قد ابتُلي بمذاهب مُنحَرِفة تجنح للعُنفِ والتَّشَدُّد والتطرُّف، وتكفير المذهب -أو المذاهب- المخالفة، ولكن من الجهل الفادح أن يقال: إن هذا الانحراف هو السمة الغالبة على تُراث المسلمين لأن الأمانة العلميَّة والتاريخيَّة تُحتِّم القول بأن هذه المدارس أو المذاهب المتشدِّدة مثلَّث شذوذ في تاريخ هذا التراث العظيم، وأنها قد تطفو على السطح حينًا من الدَّهر وتتسلَّط على البُسطاء من العامَّة والدُّهماء، لكنها سُرعان ما تسقط وتنهار بكِّل ما أُنْفِقَ عليها من ثروات ودنانير الذَّهب ودراهم الفِضَّة.
ووجه شيخ الازهر عدد من النصائح للطلاب وهى : وإن كانت لي من نصيحة أبوية في هذه المناسبة فهي –بعد تقوى الله عز وجل في السِّر والعلانية- أن تعتصموا بالأخلاق، وتتحلوا بالعلم، «وأنبِّهكم إلى زيادة الجد والعمل»، وألا ترهنوا عقولكم لدُعاة الشر والتخريب وابتعدوا عنهم وعن مغرياتهم المادية والخِدْميَّة بُعد الطَّيِّب من الخبيث، وتذكَّر دائمًا أن أُسرتكَ أرسلَتك للعلم، والتفرُّغ لتحصيله آناءَ اللِّيل وأطراف النهار، واحرصوا على أوقاتكم ولا تضيعوها في الثرثرة والأحاجي والسَّهر فيما يضر ولا يفيد،واعلموا أنكم إن أعطيتم العلم كل وقتكم فسوف يعطيكم بعضه فقط، وإن أعطيتموه بعضكم فلن يعطيكم شيئًا.
من جانبه أعرب الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، عن سعادته بوجوده فى تكريم أوائل الثانوية الأزهرية للعام الثاني على التوالى، مؤكدا تقديره البالغ لما بذله الأزهر من جهد وما حققه من تفوق ونبوغ ، فمصر والأزهر ينتظران منهم الكثير فتقع على عاتقهم مسئولية كبيرة.
وأضاف خلال كلمته بحفل تكريم أوائل الثانوية الأزهرية:" أزهركم الشريف هو محل آمال وتطلعات المسلمين في العالم ليستمدوا منه تعاليمهم فهو الذى يبلغ عمره أكثر من 1000 عام يقبل الاختلاف ولايرضى بالتشدد.
واستطرد:" إن مصر تعمل علي تطوير التعليم وفق أحدث النظم ولقد أدرك الرئيس بأهمية العلم والعلماء فوجه بالاهتمام بالبحث العلمي ورفع كفاءة المعلمين وتطوير منظومة التعليم ، كما أوجه التحية لفضيلة الإمام الأكبر على اهتمامه بتطوير التعليم الأزهرى، فلقد شهد الأزهر في السنوات الأخيرة، سعيا كبيرا نحو التجديد ومواجهة دعوات التطرف والإرهاب.
وأكد عبد العال، أن رجال الأزهر تصدوا للأفكار المغلوطة مدافعين ببسالة عن وحدة النسيج الوطنى، فليست مصر وحدها التى تعول على الأزهر لمواجهة الإرهاب، بل إن العالم لن يربح حربه ضد الأفكار المتطرفة دون الأزهر وعلمائه ومناهجه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة