صحافة أمريكا تشرب "الدواء المر" وتسير على درب الاندماج.. "جيت هاوس" تستحوذ على "جانت" مقابل 1.4 مليار دولار لمواجهة الخسائر.. خطة لخفض الإنفاق 300 مليون دولار.. وتوقعات بالاستغناء عن خدمات مئات الصحفيين

الثلاثاء، 06 أغسطس 2019 01:25 م
صحافة أمريكا تشرب "الدواء المر" وتسير على درب الاندماج.. "جيت هاوس" تستحوذ على "جانت" مقابل 1.4 مليار دولار لمواجهة الخسائر.. خطة لخفض الإنفاق 300 مليون دولار.. وتوقعات بالاستغناء عن خدمات مئات الصحفيين صحافة أمريكا تشرب الدواء المر
كتبت : ريم عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 
ـ فيس بوك واحتكار سوق الاعلانات الرقمية ونشر المحتوى دون مقابل أبرز أسباب الخسائر
 

ـ الإعلام الأمريكى يدعو لـ"وحدة الصف" فى مواجهة عمالقة السوشيال ميديا.. ولندن تطالب بالعدالة فى الامتيازات والحقوق

 

ـ دراسة: عدد الصحف الأمريكية تراجع 1800 صحيفة من 2004 لـ2018

 

ـ 47% تراجع فى معدلات التوظيف داخل الصحف ودور النشر الأمريكية من 2008 لـ2018

 
"الاندماج هو الحل"، شعار يبدوا أنه سيكون عنواناً للمرحلة الحالية من عمر الصحافة المطبوعة والإلكترونية على حد سواء، ليس فقط فى عالمنا العربى الذى يعانى أزمات مالية طاحنة، وإنما أيضاً فى الولايات المتحدة الأمريكية.. فما بين قارئ ملول وسوق إعلانات يخرج عن السيطرة لصالح منصات التواصل الاجتماعى، ومحتوى لا يجد ما يكفى من قوانين لحماية ملكيته الفكرية.. باتت التحديات تفوق كثيراً كافة التقديرات، وصارت الصحافة التى طالما عرفت بـ"مهنة البحث عن المتاعب"، مطالبة بامتلاك أدوات الاستمرار، وإجادة فنون البقاء.
 
وفى صفقة ربما يتبعها إعادة هيكلة تنتهى بالتخلى عن بعض الاصدارات وما فيها من صحفيين وإداريين، أقدمت شركة "جيت هاوس ميديا" على شراء شركة "جانت" للنشر مقابل 1.4 مليار دولار، فى خطوة اعتبرتها صحيفة "واشنطن بوست" محاولة لمواجهة التراجع اللافت فى توزيع الإصدارات المطبوعة، والتقلص الذى لا يمكن إنكاره من عائدات الإعلانات والاشتراكات، مؤكدة أن الأمر يحتاج جهداً إضافياً من خلال خفض التكاليف فى الإصدارات الفرعية فى الشركتين لتحقيق قدر من الأرباح.
 
جانت واجهت العديد من الضغوط الاقتصادية فى الآونة الآخيرة
جانت واجهت العديد من الضغوط الاقتصادية فى الآونة الآخيرة
 
 

اجراءات قاسية لخفض التكاليف

وبموجب صفقة الاندماج التى تم الإعلان عنها الثلاثاء، صارت جيت هاوس ميديا تمتلك مجموعة تضم أكثر من 250 صحيفة ما بين يومية وأسبوعية ونصف شهرية، على أن يحتفظ الكيان الجديد بعد الدمج باسم "جانت" وسيكون لها إصدارات فى 47 ولاية، وتتمتع بما يزيد على 145 مليون زائر للمواقع الإلكترونية شهرياً.
 
وفى بيان مشترك ، أعلن مسئولو الشركتين أن الاتفاق الجديد "فرصة لخفض التكاليف العامة السنوية بواقع 300 مليون دولار عبر خطة مداها 24 شهراً، مع مواصلة الاستثمار فى غرف الأخبار وتطويرها، وخلق الصحافة القادرة على جذب المزيد من المشتركين والمعلنين الرقميين فى الوقت الذى أصبحت فيه أمريكا توظف عدد من الصحفيين أقل بالآلاف عما كانت عليه قبل عقد مضى".
 
وتنشر جيت هاوس 156 صحيفة يومية محلية داخل الولايات والمقاطعات مثل "أريزونا كابيتول تايمز"، و464 صحيفة مجتمعية تصل إلى أكثر من 22 مليون شخص فى الأسبوع. بينما  تظل "جانت" أكبر ناشر فى أمريكا من حيث التوزيع ومن أبرز إصداراتها "يو إس إيه توداى"، وأيضا "أريزونا ريبابلك" و"لوزيانا كورير جورنال" و"ديترويت فرى برس".
 
 
وكانت شركة جانت قد حققت صافى دخل فى الربع الثانى بلغ 26.7 مليون دولار بزيادة 64% عن نفس الفترة العام السابق وذلك بفض عائدات بيع عقارات، بينما انخفضت الإيرادات بنسبة 9.6% لتصل إلى 660.3 مليون دولار. وهبط صافى دخل  الشركة المالكة لجيت هاوس "نيو ميديا" فى الربع الماضى بنسبة 76% بتصل إلى 2.8 مليون دولار، بعد أن حققت 11.7 مليار دولار فى العام السابق. وارتفعت الإيرادات بنسبة 4% لتصل إلى 404.4 مليون دولار.
 
يو اس اية توداى أبرز إصدارت شركة جانت
يو اس اية توداى أبرز إصدارت شركة جانت
 
ومن المتوقع ـ بحسب واشنطن بوست ـ أن تكون تلك الصفقة محركاً لكيانات صحفية كبرى آخرى نحو الاندماج مثل ماكلاتشى وتربيون ، غير أن الصحيفة تستبعد أن تؤدى الطموحات الكبرى للصحف فى العالم الرقمى إلى الحد فى الخفض فى غرف الأخبار على المدى القصير، والتى أضرت بالفعل بصناعة الأخبار محليا فى أمريكا فى السنوات الأخيرة. فأيا كان هيكل مالكى الصحف، أغلق الكثير منها فى السنوات الأخيرة حتى أن عدد الصحف انخفض على الاقل 1800 صحيفة مقارنة بما كان عليه فى عام 2004، وفقا لدراسة أجرتها جامعة نورث كارولينا. كما انخفض التوظيف فى صناعة الصحف بنحو 47% بين عامى 2008 و2018.
 
وبخلاف توقعاتها بإعادة هيكلة سيتبعها بطبيعة الحال تسريع لمئات وربما آلاف من الصحفيين والإداريين، ترى "واشنطن بوست" أن عملية الدمج قد تؤدى أيضا إلى إصدار مطبوعات أقل اعتمادا على الصحفيين المحليين وأكثر تركيزا على القصص الإخبارية كتلك التى تنشرها صحيفة "يو إس إيه تودى" والتى يتم إعدادها وتحريرها فى أماكن بعيدة ونشرها فى العديد من إصدارات الشركة. 
 

تعددت الخسائر والسبب : جوجل والسوشيال ميديا 

 
وخلال السنوات القليلة الماضية، تعانى وسائل الإعلام ودور النشر الكبرى على مستوى العالم من خسائر واضحة وتراجع لافت فى عائد الإعلانات للإصدارات المطبوعة والإلكترونية على حد سواء لأسباب عدة بمقدمتها انتهاك قوانين حماية الملكية الفكرية من قبل محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" و"تويتر" التى تنشر المحتوى المنتج من الصحف دون مقابل، بل وتشارك فى الوقت نفسه تلك الصحف فى سوق الإعلانات الرقمية.
 
وقبل عامين، وتحديداً فى يوليو 2017، طالب اتحاد ناشرى الصحف الكبرى فى الولايات المتحدة، الكونجرس بالتدخل ومنحهم الحق فى الاستثناء من قواعد مكافحة الاحتكار، والمساواة بمواقع مثل فيس بوك وجوجل  اللتان تستحوذان على أكثر من 70% من سوق الإعلانات الرقمية فى الولايات المتحدة، الذى يبلغ 73 مليار دولار. 
 
مؤسس فيس بوك فى جلسة استماع سابقة بالكونجرس حول أزمات السوشيال ميديا
مؤسس فيس بوك فى جلسة استماع سابقة بالكونجرس حول أزمات السوشيال ميديا
 
وفى ذلك الحين، قال ديفيد تشافيرن، المدير التنفيذى لتحالف وسائل الإعلام الإخبارية الأمريكية إن  فيس بوك وجوجل لا توظف الصحفيين ولا تتعقب السجلات العامة للكشف عن الفساد، وإرسال المراسلين فى مناطق الحرب. انهم يتوقعون أن يقوم صناع الأخبار، الذين يتعرضون للضغوط الاقتصادية، أن يقوموا بذلك العمل المكلف بدلا منهم، ورغم ذلك ينشرون ذلك المحتوى دون جهد، ويشاركوننا فى الأرباح عبر استفادتهم بالاعلانات الرقمية.
 
وأضاف تشافيرن أن الدور الفريد الذى تلعبه وسائل الإعلام فى السياسات الأمريكية وتاريخ الولايات المتحدة يجعل من المهم ضمان معركة عادلة حول الإيرادات بين الناشرين وهذه المنصات الضخمة". وأضاف أن قوانين منع الاحتكار تستثنى فيس بوك وجوجل من قوى السوق، وقد أصبح على ناشرى الصحف ضرورة كبح جماح هذه القوى للدفاع عن استثماراتهم فى الصحافة.
 
ومن الولايات المتحدة إلى بريطانيا، لم تختلف الخسائر، ولم تغب محاولات وقف النزيف، حيث قامت الحكومة البريطانية فى فبراير الماضى بتعيين مفوضة خاصة لتقديم مقترحات بشأن سبل الحفاظ على صحافة حرة، وهى دام فرانسيس كيرنكروس، والتى أوصت أوصت بضرورة منح المنتجات الإخبارية الرقمية نفس الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة التى تتمتع بها الصحف الورقية. فبينما يتم إعفاء الصحف الورقية من ضريبة القيمة المضافة بسبب أهميتها فى تعزيز محو الأمية والمحاسبة الديمقراطية، فإن المفوضة أوصت أن يشمل ذلك الإعفاء المطبوعات الرقمية.
 
الصحافة المطبوعة فى مقدمة الخاسرين من توغل السوشيال ميديا فى سوق الاعلانات
الصحافة المطبوعة فى مقدمة الخاسرين من توغل السوشيال ميديا فى سوق الاعلانات
 
وفي العام الماضى، رفعت شركة News UK، ناشر صحيفة التايمز، دعوى تطالب بإسقاط ضريبة القيمة المضافة من إصداراتها اليومية من الأجهزة اللوحية والهواتف المحمولة. وقبل قاضى ضريبى بأن الطبعات الرقمية "هى نفسها بشكل أساسى" مثل الصحيفة المطبوعة، لكنه قال إنه لا يمكن إعفائها من الضريبة بدون تغيير فى القانون.
 
وتتضمن التوصيات الأخرى، فى المراجعة  إنشاء منظم "جودة الأخبار" لمحاسبة المنصات على الإنترنت مثل فيس بوك عند نشر المعلومات الخاطئة. كما تواجه هيئة الإذاعة البريطانية قيودًا على عملها الرقمى بعد أن وجهت المراجعة بضرورة القيام بتدقيق أكبر لتأثيرها على الصحف المحلية.
 
وتناولت المفوضة البريطانية قضية سوق الإعلانات الرقمية، واصفة هذا السوق بالمقعد الغامض، ودعت إلى التحقيق فيه من قبل هيئة المنافسة والأسواق CMA. وكان ناشرو الأخبار قد طالبوا فرانسيس أن تقترح فرض ضريبة إلزامية على عمالقة التكنولوجيا لتمويل الصحافة التى يستفيدون منها.
 
واستحوذت شركتى جوجل وفيس بوك على 54% من جميع عائدات الإعلانات على الإنترنت فى بريطانيا عام 2017، وفقًا لأرقام رسمية.
 
 
وفى مصر، تعد وزارة المالية مشروع قانون لفرض ضرائب على إعلانات فيس بوك وجوجل وإنستجرام، تمهيداً لعرضه على البرلمان، وهى المطالب التى تسعى لتنفيذها أيضاً نقابة الصحفيينن من خلال قوانينها لتنظيم الصحافة فى محاولة لحماية تلك الصناعةن ومنح القائمين عليها حقوقهم الإعلانية دون احتكار أو ضوابط.
 
وأمام الأزمات الاقتصادية التى شهدتها العديد من الدول العربية، ومعدلات التضخم المرتفعة بشكل لافت، غابت العديد من الصحف وتوقفت عن الصدور بعدما عجزت عن الاستمرار فى ظل الارتفاع اللافت لأسعار الورق عالمياً.
 
وفى 2016، توقفت "السفير" اللبنانية عن الصدور ، وغيرها العديد من الصحف اللبنانية مثل "البيرق" و"الأنوار" و"البلد"، فضلاً عن توقف الطبعة اللبنانية من صحيفة "الحياة" الدولية.
 
وفى منتصف أكتوبر 2018 فوجئ اللبنانيون بصدور العدد المطبوع لصحيفة النهار فى 8 صفحات بيضاء، بالتزامن مع تخصيص مساحات بيضاء فى مختلف أقسام الموقع الإلكترونى للصحيفة، وكذلك الحال فيما يتعلق بحساباتها على "فيس بوك" و"تويتر"، ما خلق حينها موجة تضامن واسعة من الصحفيين والمفكريين اللبنانيين والعرب مع الصحيفة وغيرها من الصحف العربية فى ظل الأزمات المالية الطاحنة التى تواجهها.
 
السفير اللبنانية تودع قرائها قبل 3 أعوام
السفير اللبنانية تودع قرائها قبل 3 أعوام

وخلال العام الماضى، أعدت وزارة الإعلام اللبنانية بدراسة تهدف لمساعدة وسائل الإعلام اللبنانية على تحمل ما يواجهونه من أعباء، مقابل التحول إلى الإعلام الرقمى بشكل كامل خلال 3 سنوات.
 
وتضمنت الخطة اقتراحات من بينها إعفاء الورق المستورد ومستلزمات الطباعة من الرسوم الجمركية، بالإضافة إلى تخفيض رسوم الهاتف والكهرباء وغيرها، على أن تؤول جزء من ملكية تلك الصحف للدولة ولو بشكل مؤقت.






مشاركة



الموضوعات المتعلقة


لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة