الـ F.B.I تحاول إلصاق تهم أسطورية لشبكة القرصنة المصرية
بدأت المباحث الفيدرالية الأمريكية F.B.I فى كشف تفاصيل شبكة القرصنة الإلكترونية المشكلة من مصريين وأمريكيين، والتى اخترقت حسابات بنكية للعديد من عملاء أبرز البنوك الأمريكية على مدار عدة أعوام، وبدا واضحا أن المباحث الفيدرالية الأمريكية تسعى لتبرير إهمالها المعلوماتى، على خلفية القدرات المتطورة، والأجهزة الحديثة التى استخدمها المتهمين المصريين، رغم أن الأسلوب الذى استخدمته الشبكة تقليدى ولا يتطلب مهارات كبيرة فى مجال القرصنة.
محاولات المباحث الفيدرالية الأمريكية لتهويل القضية لا تتوقف عند مجرد توصيفها
بـ"الأكبر فى التاريخ" فقط، لكنها تتجاوز ذلك إلى الإيحاء بأن وراء القضية أبعادا أخرى تتعلق بالأمن القومى الأمريكى، وتشير من طرف خفى إلى احتمالية تعرض مواقع أمريكية حساسة لاختراق القراصنة المصريين، وهى اتهامات بعيدة كل البعد عن الحقيقة التى يدركها أى مستخدم إنترنت متوسط المهارة، فأسلوب "البوابات الوهمية" الذى لجأت إليه شبكة القرصنة معروف وتقليدى جدا، ولا يعدو كونه عملية "نصب" تقليدية، يتعلق جزء كبير من نجاحها بغباء الطرف الثانى، الذى يسلم – بمحض إرادته – كافة البيانات السرية الخاصة بحسابه البنكى، عندما يطلب منه أعضاء الشبكة تلك البيانات عبر بوابة "وهمية" المفترض أنها الصفحة الرئيسية للبنك الذى يتعامل معه، أو بوابة أى موقع آخر مختص بتقديم خدمات مدفوعة عبر الإنترنت.
وبمجرد إدخال المستخدم "المغفل" لبياناته فى الأماكن المخصصة لها بالبوابة الوهمية، تصل كافة البيانات لأعضاء الشبكة الذين يستغلونها كيفما شاءوا، دون أن يدرك صاحب الحساب أنه فرط فى بياناته السرية بتلك السهولة، خاصة وأن تلك البوابات تصمم بطريقة حرفية عالية، لا يستشعر معها المستخدم أنها "وهمية" أو مجرد وسيلة للنصب عليه، لكن ذلك لا يعنى بالتأكيد أن المسألة بسيطة لدرجة التفاهة، على العكس، يتعلق جزء كبير من نجاح الشبكة الأخيرة التى أطلقت عليها جهات التحقيق الأمريكية اسم "PHISH PHRY" بقدرة أفرادها على تنظيم أعضائها، وتوزيعهم بين عدة دول، أبرزها مصر وأمريكا، الجانبان الأساسيان فى العملية، فضلا عن الوسطاء الذين باع عبرهم القراصنة المصريون حسابات البنوك الخاصة بالعملاء الأمريكيين، والتى هى فى الغالب دول أفريقية يبرع أعضاؤها فى عمليات القرصنة عبر الإنترنت، ويقومون هم بالتصرف فى تلك الحسابات، مقابل نسبة متفق عليها للقراصنة المصريين والأمريكيين".
يتعلق الأمر أيضا بمهارة إدارية واضحة فى التنسيق والعمل دون إثارة أى شبهات لسنوات عديدة، أكثر من تلك التى تحاول الـ F.B.I إيهام وسائل الإعلام بأن الشبكة لم تتخطاها، أو بأن المبالغ التى استولت عليها لم تتخط 1.5 مليون دولار فقط، فهناك العديد من قرى محافظة الشرقية والبحيرة برعوا فى تلك الخدعة على مدى سنوات عديدة، ونفذوها بطرق مختلفة، ليست متعلقة بحسابات البنوك فحسب، بل امتدت إلى سرقة حسابات الفيزا كارد ومعروف لجميع محترفى ألعاب الإنترنت الجماعية التى تتطلب شراء بعض المزايا عن طريق الفيزا طرق عديدة لسرقة حسابات "الخواجات" عبر نفس الخدعة البسيطة، لدفعها لهم من جديد فى الألعاب التى توفرها مواقعهم.
حتى الأجهزة المستخدمة فى تلك الخدعة، والتى وصفتها بعض وسائل الإعلام بـ"المتطورة" و"أمريكية الصنع" لا تعدو أكثر من تلك الموجودة فى كل بيت مصرى، من "وارد الخارج" التى يصدرها الأمريكان أنفسهم لمصر ودول الشرق الأوسط على أنها أجهزة "لقطة" زهيدة السعر، فى حين أنها لا تعدو أكثر من نفايات إلكترونية E-WAST، يدفع أصحابها المال فى الغالب للتخلص منها بشكل آمن، وقليل المخاطر، والنظرة الفاحصة والمحايدة لتلك الأجهزة تؤكد أنها مجرد أجهزة شخصية، لا يمكن بأى حال أن تمثل تهديدا لأمن أمريكا القومى، أو حتى لأن الصومال القومى، إن كان لها ما يمكن إطلاق ذلك الوصف عليه.
وبالطبع لا ترفع بساطة الخدعة تهمة النصب واختراق الخصوصية عن المتهمين، لكنه فى نفس الوقت من غير المنطقى أن يذهب المتهمون ضحية لمحاولات الأجهزة الأمنية الأمريكية تبرير فشلها الواضح فى تأمين نظم معلوماتها، أو لتبرير أن نسبة كبيرة من مستخدمى الإنترنت الأمريكيين "مغفلين" ويكشفون حساباتهم السرية والهامة لأى موقع "وهمى"، خاصة وأن الأمريكان يدفعون الأمر فى اتجاه تهديد الأمن القومى الأمريكى، أو غيرها من العبارات الرنانة التى ستخدع جهات التحقيق المصرية لتحمل المتهمين المصريين بما لا يستحقون من اتهامات، خاصة، وأن الأنباء الواردة حتى الآن تشير إلى إجراءات جهاز أمن الدولة المعقدة، والتحقيقات شديدة الخصوصية التى تتم مع المتهمين - بمعاونة أمريكية بالطبع – للظهور بمظهر جيد ومشرف أمام جهات الـ F.B.I، والجهات الأمنية الأمريكية التى تقف من خلف التحقيقات.
تجديد حبس قراصنة البنوك الأمريكية 15 يوماً