ثقافة

سمر فرج فـودة فى ذكرى والدها تكتب.. أبى الحبيب

الجمعة، 08 يونيو 2012 02:09 م

تصوير سامى وهيب

سمر فرج فـودة

طالما قلت لنفسى وأنا صغيرة من شدة خوفى عليك "لماذا أنا لست ابنة رجل عادى لكى نعيش حياة هادئة آمنة؟"، وكنت أكره شعورى بالاختلاف عن باقى زملائى وزميلاتى فى المدرسة، ولكنى الآن دائماً أقول لنفسى لماذا ليس كل الناس أبناء رجل مثل "فرج فودة"، لطالما كنت أتهمك فى قرارة نفسى بأنك تحب مصر أكثر من أبنائك ولكنى الآن قد أدركت معنى أن تسمو بحب مصر فوق كل أحبائك وحتى نفسك.

مازلت أذكر عندما كنت أقول لك من شدة خوفى عليك كفى يا أبى، لن تفعل لمصر أكثر مما فعلت، فنحن نحتاج إليك، ما زلت أذكر عندما كنت تقول لى إنك تعلم أن نهايتك سوف تكون على يد هؤلاء القتلة الإرهابيين، مازلت أذكر عندما كنت تقول لى أن ما تفعله من أجل مصر، سوف يكتب فى التاريخ، مازلت أذكر عندما كنت تحارب بقلمك ضد الفتن الطائفية وتدافع عن حقوق الأقليات وعن إخواننا المسيحيين، مازلت أذكر عندما كنت تقول لى دائماً "إنتى اللى طلعالى فى ولادى"، مازلت أذكر عندما كنت تختار لى الكتب من مكتبتك لأقرأها، لأنى أحب القراءة مثلك، مازلت أذكر عندما انتابنى الرعب الشديد من مكالمات التهديد بقتلك وسألتك وقتها بكل عفوية وبراءة، "إذا قتلوك من سوف يربينا؟، فقلت لى سوف تجدى كثيرا من الآباء حولك، وجدت بالفعل ولكن لا أحد فى الوجود يعوضنى عنك، لا سامحهم الله من حرمونا منك!!

أنظر حولى فلا أجد سمر فرج فوده غيرى، الكل يعمل على شاكلة أبيه، اطمئن فلك ابنة لا تخاف إلا الله ولا تخشى فى الحق لومة لائم، ابنة أراد الله لها أن تمتهن نفس المهنة رغم كرهها الشديد لها لأنها سبب موتك، اطمئن فلن ينال أحد من مصرنا الحبيبة، الحرة الأبية، المدنية.

أبى الغالى.. مصر الآن تمر بوقت عصيب، فنحن فى عصر الضحالة الفكرية، عصر اختلطت فيه الأمور وأصبح الحق باطل والباطل حق، عصر ندر فيه القادة السياسيين، أصبح المصريون يلتفون حول السفهاء والقتلة، عصر الجهل المقدس الذى لا يؤمن بالعقل والتنوير، عصر فيه السفهاء زعماء والأشرار أخيار، نحن الآن وبعد مرور ٢٠ عاما على فقدك أصبحنا فى أمس الحاجة إليك، فقد كنت سابقاً لعصرك، كنت مصباح التنوير الذى ينير العقول المظلمة.

اطمئن واسترح فى قبرك يا أبى، فكرك و قلمك سيبقى إلى الأبد، فكم من الناس يموت كل يوم ولا نذكر لهم شيئا، أما أنت فمن الخالدين، وأخيراً و ليس آخر كانت جدتى رحمها الله تقول بالعامية "الميت يدرا قبل الحى"، أتمنى من كل قلبى أن تكون الآن كما قالت، تدرى ما أرسلت لك من كلمات بالرغم من أنها لا تستطيع أن تعبر عما أشعر به نحوك من حب، افتقدك كل يوم أكثر من الذى قبله، فخورة بك وباسمى الملتصق باسمك إلى يوم الدين.