أكرم القصاص - علا الشافعي

براء الخطيب

لولا دفاع شباب الإخوان عن الميدان يوم الأربعاء الدامى لذُبِح الجميع

الخميس، 17 فبراير 2011 07:49 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تدور الأيام دورتها وليست الليلة أشبه بالبارحة، 25 يناير 2011 حلقة من حلقات انتفاضات شباب مصر الحقيقية، حلقة مجيدة، من الهبة الشعبية التى بدأت سنة 1919 وتبعتها حلقة حركة الطلبة 1968 وتبعتها حلقة 18 و19 يناير 1977 وها هى هبة 25 يناير2011 المباركة التى اكتسبت كل الخبرات العظيمة فاختلفت عن كل ما سبقها من هبات فقد كانت المظاهرات فى 1919 و1968 و1977 هبات شعبية مجيدة للانتقام من حكومات ظالمة، لكن هبة 25 يناير 2011 المجيدة توجت نفسها ثورة مجيدة فريدة فى التاريخ الحديث.

وجدت نفسى يوم الجمعة صباحا فى حاجة ملحة لدخول دورة المياه، ولأننى كنت أبيت فى الميدان فقد وجدت أن دار نشر «ميريت» تلاصق ميدان التحرير فهى لا تبعد عنه أكثر من عشرة أمتار فى بداية شارع قصر النيل، فذهبت إلى «ميريت»، التى كانت خلية حية تمتلئ بالحياة بشباب الثورة يشرف عليهم «محمد هاشم» الناشر وصاحب الدار وهو مناضل قديم اعتقل معنا عدة مرات، وجدت «محمد هاشم» يشرف على مجموعة من الشباب والفتيات فى تحضير الساندوتشات والشاى الساخن لتوزيعه على الشباب فى ميدان التحرير مع البطاطين التى أمكنه جمعها بمعاونة المخرج السينمائى «مجدى أحمد على» والشاعر «إبراهيم داود» اللذين كانا مشتركين فى التظاهر منذ اللحظات الأولى.

بعد مدة قصيرة تركت «ميريت» فى محاولة لدخول ميدان التحرير، لكن كان الميدان يمتلئ بجنود ومصفحات الأمن المركزى، فوجدت أنه يتحتم على أن أذهب إلى شارع طلعت حرب حتى أتمكن من دخول ميدان التحرير من شارع البستان، وجدت بعض الشباب متجمعين وهم يهتفون: «الشعب يريد إسقاط النظام» فانضممت إليهم وسرعان ما تجمع الشباب بكثرة شديدة فوجدت نفسى محمولا على الأعناق وفى يدى العصا التى أتوكأ عليها، ولم أعرف كيف حملنى الشباب ولا أعرف واحدا من الشباب الذين حملونى، وكان لابد أن أرفع شعارا يخص انتفاضتهم (الثورة المجيدة بعد ذلك) فهتفت من وحى اللحظة «ثورة.. ثورة شبابية مصر طالعة للحرية» وارتج شارع «صبرى أبو علم» من هتاف الشباب، وفيما يبدو أنه قد بدا على الإجهاد فوجدت بعض الشباب يعاونوننى على الوقوف وتبينت بينهم بعض شباب «اليوم السابع» وسرعان ما تضخمت المظاهرة بعد أن طاردت قوات الأمن المركزى شباب مظاهرة الميدان، فانضموا إلينا فى شارع «صبرى أبو علم» ليتعاظم حجم المظاهرة، وبدأت قوات الأمن المركزى فى إطلاق القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطى وهم يقاومون الاختناق باستنشاق الخل والبصل وغسل أعينهم بالمياه الغازية (يا له من اختراع أوصت به الثورة التونسية) وجرينا جميعا هنا وهناك ثم عاد الشباب جميعا لمواجهة قوات الأمن المركزى وهم يهتفون بشعارهم الأساسى: «سلمية.. سلمية..سلمية» لكن أبدا لم تعتبرها قوات الأمن كذلك وطورت هجومها على الشباب بالرصاص الحى «الخرطوش» فى البداية ثم بالرصاص الحى، فتفرقت المظاهرة ووجدت شابا يسحبنى من يدى ليخرج بى من هذا الجحيم، وبعد أن خفت درجة اختناقنا أنا وهو تبينت أنه الصحفى بجريدة اليوم السابع «محمد ثروت» الذى ساهم فى محاولة إنقاذ شاب مصاب بطلق نارى فلم يكن هناك طبيب ولا مسعف، بل الغريب فى الأمر أن الذى كان يحمله جندى من جنود الأمن المركزى خلع سترته وأقسم لمحمد ثروت أنه لن يعود إلى معسكره، وسوف يعود إلى قريته فورا لكن بعد أن يطمئن على الشاب المصاب.
وسوف أقفز الآن فوق خمسة أيام لأصل إلى يوم الأربعاء 2 فبراير ولهذه الأيام شهادات تفصيلية فى أيام الثورة المجيدة، أما عن يوم الأربعاء الدامى فقد بدأ بالنسبة لى حوالى الساعة الحادية عشرة حيث كنت أساعد شابا اسمه إبراهيم (لا أعرف بقية اسمه) فى تعليق لافتة ضخمة كتب بنفسه عليها مطالب الثوار، بعدها بمدة قصيرة سمعت هرجا ومرجا وصراخا ورأيت الأحصنة والجمال وعليها رجال يضربون المتظاهرين بالعصى والسيوف، لكن شباب الثوار استطاعوا القبض على أربعة من الخيالة وراكبى الجمال، واقتادوهم إلى السجن الذى أقامه شباب الثورة فى محطة المترو، بعد ذلك مباشرة تغير شكل ميدان التحرير فقد انخرط شباب الإخوان المسلمين فى بسالة وعزم الرجال الأشداء يدافعون عن شباب الثوار ورحنا نهتف حتى غابت الشمس وظهرت الإضاءة الخفيفة فى الميدان واستطاع شباب الإخوان المسلمين الحصول على بعض ألواح الصاج من سور كان يحيط بأحد مشاريع البناء فى أول شارع قصر النيل، وصنعوا منها متراسا قريبا من تمثال «عبد المنعم رياض» فصل بين قوات البلطجية وأنصارالحزب الوطنى وأفراد الأمن بالملابس المدنية الذين تم طردهم من ميدان التحرير ليصعدوا فوق كوبرى أكتوبر، حيث بدأوا هجومهم فيما بدا للجميع أن النظام الفاسد ينوى أن ينهى المسألة كلها فى هذه الليلة، وتغير الوضع تغيرا رهيبا حيث بدأ القناصة تخير بعض الشباب بإطلاق الرصاص عليهم، وسقط المصابون والشهداء واندفعت سيارات إسعاف الجيش فى محاولة إسعاف المصابين بطلقات القناصة، وأنا أقول بضمير مستريح لقد كان هدف النظام الفاسد فى يوم الأربعاء الدامى هو القضاء النهائى على شباب الثورة قبل أن يشرق نهار يوم الخميس، وأقول بضمير مستريح وأقسم بشرفى وبكل ما هو مقدس بأنه لولا شباب الإخوان ودفاعهم عن ميدان التحرير فى هذا اليوم الدامى لتم ذبح الجميع.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة