أكرم القصاص - علا الشافعي

حيثيات قضية التمويل .. المحكمة: شكل من أشكال السيطرة واستعمار ناعم للدولة.. جهل المتهمين بالقانون لا يحميهم من العقوبة ولا يجوز لأى منظمة أجنبية ممارسة العمل إلا بعد إبرام اتفاق مع وزارة الخارجية

الأربعاء، 05 يونيو 2013 12:50 م
حيثيات قضية التمويل ..  المحكمة: شكل من أشكال السيطرة واستعمار ناعم للدولة.. جهل المتهمين بالقانون لا يحميهم من العقوبة ولا يجوز لأى منظمة أجنبية ممارسة العمل إلا بعد إبرام اتفاق مع وزارة الخارجية جلسة قضية التمويل الأجنبى
كتب محمد عبد الرازق ومحمد شرقاوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أودعت محكمة جنايات القاهرة، حيثيات حكمها فى قضية التمويل الأجنبى الصادر بمعاقبة 27 متهما غيابيا بالسجن 5 سنوات وبمعاقبة 5 آخرين حضوريا بالحبس سنتين وبمعاقبة 11 آخرين بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ وتغريم كل متهم 1000 جنيه وغلق جميع مقرات وأفرع المعهد الجمهورى الحر والديمقراطى الأمريكى وفريدم هاوس وكونراد ايناور الألمانية على مستوى محافظات الجمهورية ومصادرة أموالها والأوراق التى ضبطت بها.

صدر الحكم برئاسة المستشار مكرم عواد بعضوية المستشارين صبحى اللبان وهانى عبد الحليم، رئيس المحكمة وأمانة سر محمد علاء ومحمد طه.

وأكدت المحكمة، أن التمويل أصبح أحد الآليات العالمية التى تشكل فى إطارها العلاقات الدولية بين مانح ومستقبل وأن التمويل شكل من أشكال السيطرة والهيمنة الجديدة ويعد استعمارا ناعما أقل كلفة، تنتهجه الدول المانحة لزعزعة أمن واستقرار الدول المستقبلة التى يراد إضعافها وتفكيكها فى ظل النظام البائد الذى قزم من مكانة مصر الإقليمية والدولية وانبطح أمام المشيئة الأمريكية فى مد لسور التطبيع مع إسرائيل برز على السطح "التمويل الأجنبى" لمنظمات المجتمع المدنى كأحد مظاهر هذا التطبيع بدعوة الدعم الخارجى والحوار مع الآخر ودعم الديمقراطية والحكم ومنظمات حقوق الإنسان وغيرها من المسميات التى يستترون فى ظلها.

وأضافت المحكمة، أنه إزاء تردى الأوضاع السياسية والاجتماعية فى مصر وإحساس الشعب بضعف ورخاوة الدولة وتفككها بأنه ترك مصيره فى يد جماعات سياسية "عصابة" تحكمها المصالح الخاصة ولا يحكمها الولاء للوطن، اندلعت فى 25 يناير 2011 ثورة شعبية حقيقية لإزاحة هذا الركام عن كاهل الشعب المصرى وكسر قيود الهيمنة والتبعية والارتهان الإسرائيلى التى أدمت معصم كل مصرى.. واستعادت الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية التى غابت عن مصر كثيرا؟.. فأطاحت بالقائمين عن السلطة ومهدت الطريق نحو بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة.. فأوجس ذلك فى نفس الولايات المتحدة الأمريكية والدول الداعمة للكيان الصهيونى خيفة ورعبا.. فكان رد فعل أمريكا أنها رمت بكل ثقلها ضد هذا التغيير الذى لم تعد آلياتها القديمة قادرة على احتوائه ومن ثم اتخذت مسألة التمويل الأمريكى أبعادا جديدة فى محاولة لاحتواء الثورة وتحريف مثاراتها وتوجيها لخدمة مصالحها ومصالح إسرائيل.. فكان من مظاهرة تأسيس فروع لمنظمات أجنبية تابعة لها داخل مصر خارج الأطر الشرعية لتقوم بالعديد من الأنشطة ذات الطابع السياسى "التى لا يجوز على الإطلاق الترخيص بها " للإخلال بمبدأ " السيادة" وهو المبدأ المتعارف عليه والمستقر فى القانون الدولى ويعاقب عليه فى كافة دول العالم ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية نفسها .

وقالت المحكمة بأن الجانب الألمانى قام عن طريق المركز الرئيسى لمنظمة كونراد اليناورد الألمانية بتمويل القائمين على تلك المنظمة من أجل إدارة نشاط سياسى لا يجوز الترخيص به أصلا، حيث قام بتنفيذ المئات من برامج التدريب السياسى وورش العمل وتمويل العديد من الأشخاص الطبيعيين والمنظمات والكائنات غير المرخص لها بالعمل الأهلى والمدنى وذلك لا يجوز الترخيص به لإخلاله بسيادة الدولة المصرية .

وأوضحت المحكمة أنها اطمأنت إلى شهادة كل من د. فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولى الأسبق والسفير مروان زكى بدر، المشرف على مكتب وزيرة التعاون الدولى وأسامة عبد المنعم شلتوت مدير شئون المنظمات غير الحكومية بوزراة الخارجية وليلى أحمد بهاء الدين نائب مساعد وزير الخارجية لشئون حقوق الإنسان وعزيزة يوسف رئيسة الإدارة المركزية للجمعيات والاتحادات بمنظمات التضامن والعدالة الاجتماعية وتحريات الأمن الوطنى والرقابة الإدارية والأموال العامة وما جاء بتقرير لجنة تقصى الحقائق وما قرره المتهمون أمام قاضى التحقيق بقيامهم بتأسيس هذه الفروع من تلك المنظمات وتمويلها من المراكز الرئيسية للمنظمات بالولايات المتحدة الأمريكية وكذلك من ألمانيا.. وما أسفر عنه الضبط والتفتيش لمقر المنظمات الذى تم بمعرفة النيابة العامة .

وتناولت المحكمة فى الحيثيات الرد على دفاع المتهمين بشأن الاعتذار بجهل المتهمين بالقانون بأن العلم بأن القانون الجنائى والقانونين العقابية المكلمة له مفترض فى حق الكافة ومن ثم لا يقبل الدفع بالجهل والغلط فيه كذريعة لنفى القصد الجنائى وأن قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 84 لسنة 2002 ذو جزاء جنائى، ومن ثم فهو بهذا الاعتبار قانون مكمل لقانون العقوبات فله حكم قانون العقوبات ومن ثم لا ينفى الغلط فيها القصد الجنائى.

وقالت المحكمة، بالتالى فإن كون المتهم غير عالم بأن المنظمة غير مرخص بها من الحكومة أمر لا ينفى لديه القصد الجنائى إذ يعتبر جهلا منه بحكم القاعدة الجنائية ذاتها وهو جهل لا يصلح عذرا طالما أن هذه القاعدة الجنائية تفرض على المخاطب بها التزام التحرى عن المنظمة التى يعمل بها قبل إقدامه على ذلك فإن هو أغفل عن هذا التحرى وفرط فى أداء الالتزام به فلا يلومن إلا نفسه فهذا الإهمال والقصد يعتبران شيئا واحدا .

وتناولت المحكمة أيضا على ما أثارته هيئة الدفاع عن المتهمين من أن الاتهامات المسندة للمتهمين تحكمها المواد التى جاءت فى قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 84 لسنة 2002 واللاحقة فى تاريخها على المواد المضافة لقانون العقوبات وهى الأصلح للمتهمين وبحسبان أن مواد الاتهام الواردة بقانون العقوبات ملغاة بموجب نص المادة 7 بالمواد إصدار قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية، فردت المحكمة على هذا الدفع بقولها بأن القانون الجنائى يحكم ما يقع فى ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة لقانون لاحق وأن تغيير الدستور لا يلغى الجريمة التى مازالت فى نظر المشرع معاقب عليها من وقت حصوله.

أما ما أثاره الدفاع بتطبيق قانون الجمعيات باعتباره الأصلح للمتهمين، فقد ردت عليه المحكمة بأن المادة 76 من قانون الجمعيات المذكور بالباب الخامس منه قد أحال على قانون العقوبات أو أى قانون آخر إذا كان به عقوبة أشد من العقوبة الواردة فى المادة 76 ولما كانت الجرائم المسندة للمتهمين يعاقب عليها قانون العقوبات بعقوبات أشد من العقوبات الورادة بقانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية ومن ثم وجب إعمال مواد الاتهام الواردة بقانون العقوبات المنصوص عليها فيها ولا مجال لإعمال القانون الأصلح للمتهم .

وأضافت المحكمة، بشأن ما أثاره دفاع المتهمين عن المنظمة الألمانية كونراد اليناورد من تقادم الجريمة التى يحاكم بشأنها المتهمين بمضى المدة.. فقد ردت المحكمة على ذلك بأن الاتهام المسند للمتهمين من أنهم أدارا بغير ترخيص من الحكومة المصرية فرعا لمنظمة ذات صفة دولية بغير ترخيص من الحكومة المصرية وتسلما أموالا مقابل ارتكابهما تلك الجريمة وأن الجريمة المسندة إليهما هى ليست تأسيس فرع لمنظمة ولكن إدارة فرع لمنظمة وهى طبيعة الفعل المادى فيها جريمة مستمرة لا تبدأ المدة المقررة بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة إلا عند انتهاء حالة الاستمرار.. وهو استمرار تجددى ويظل المتهم مرتكبا للجريمة فى كل وقت وتقع جريمته تحت طائلة العقاب مادامت حالة الاستمرار قائمة ولم تنته بعد.

وأوضحت المحكمة فى سياق ما أثاره الدفاع بشأن تقديم بعض المنظمات بطلبات أمام وزارة الخارجية للحصول على تصاريح بالعمل منذ عام 2005 .. ولم يبت فى هذه الطلبات مما يعد تصريح ضمنى بالعمل بأنه لا يجوز لأى منظمة أجنبية غير حكومية ممارسة العمل فى مصر أو فتح فروع لها إلا بعد إبرام اتفاق نمطى مع وزارة الخارجية المصرية وإرساله لوزارة التضامن والعدالة الاجتماعية ليقوم بتسجيل فرع المنظمة بالوزراة وأنه لا يترتب على مجرد تقديم الطلب أى أثار قانونية تجيز لتلك المنظمات الأجنبية غير الحكومية العمل فى مصر.. لاختلاف وضعها عن الجمعيات والمؤسسات الأهلية المصرية التى يتيح لها القانون التأسيس وممارسة العمل بعد إخطار وزارة التضامن بذلك إذا لم تقم الوزارة بالاعتراض على التأسيسى أو رفضه بعد 60 يوما من ذلك الإخطار ومن ثم يستوى فى عدم وجود التصريح أو الترخيص أن تكون المنظمة قد تقدمت بطلب للحصول عليه من الجهات المعنية ولم يبت فى هذا الطلب أو صادف رفضا أو لا يكون تقدمت المنظمة بطلب على الإطلاق .

وانتهت المحكمة فى حيثيات حكمها بأنه أولا لا يتصور عقلا ومنطقا بأن لأمريكا أو لغيرها من الدول الداعمة للكيان الصهيونى أى مصلحة أو رغبة حقيقية فى قيام ديمقراطية حقيقية فى مصر.. فالواقع والتاريخ يؤكد أن تلك الدول لديها عقيدة راسخة أن مصالحها تتحقق بسهولة ويسر مع الديكتاتوريات العاملة ويلحقها الضرر مع الديمقراطيات الحقيقية .

وأن الحقيقة الثانية أن من ما يدفع المال فهو يدفع وفق أجندته الخاصة التى حددها واستراتيجيا يريد تحقيقها من ورائها وأهداف ينبغى الحصول عليها هى فى الغالب تتناقض مع الأهداف النبيلة للمنظمات التطوعية الساعية إلى توعية وتطوير المجتمع والدفاع عن الحقوق الإنسانية .

وتتمثل الحقيقة الثالثة فى أن التمويل الأجنبى للمنظمات غير الحكومية يمثل حجر عثرة أمام مصر التى يريدها شعبها ولكن فى الوقت ذاته يمهد الطريق أمام مصر التى يريدها أعدائها .

والمحكمة بعد أن أكدت على تلك الحقائق أهابت بالجهات المعنية فى الج تمع المصرى أن تحث وتشجع الجمعيات الأهلية وجمعيات حقوق الإنسان التى لا تبغى سوى الحق والارتقاء بصرح الديمقراطية فى المجتمع بوعى ونية خالصة وأن يتم تمويلها من الداخل حتى لا تحوم حولها الشبهة أو يلعب بها الغرض.. وطالبت المحكمة النائب العام بإجراء التحقيق مع المنظمات والجمعيات والكيانات التى تلقت تمويلا من بعض الدول العربية والأجنبية والتى ورد ذكرها فى لجنة تقصى الحقائق أسوة بما تم مع المنظمات المعنية بهذا الحكم وبسرعة إنهاء التحقيق مع كل من مكن المتهمين الأجانب من الهرب .

واختتمت المحكمة أسباب حكمها بقول الله سبحانه وتعالى" يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".


موضوعات متعلقة:


تعليقاً على الأحكام الصادرة ضد موظفى المنظمات غير الحكومية.. سيناتور أمريكى: من الصعب أن تدعم واشنطن مرسى إذا واصل أسلوبه القمعى.. باتريك ليهى: أحكام الإدانة "مروعة وهجومية"








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد الدمياطى

القضاء الشامخ به رجال حقيقيون

عدد الردود 0

بواسطة:

الأزهري / متولي إبراهيم متولي صالح 01227972399

في ميزان حسناتكم أيها القضاة الشرفاء . . جزاكم الله عن مصر وشعبها خيرا

عدد الردود 0

بواسطة:

المصرى الاصيل

اين الباقى

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة