أكرم القصاص - علا الشافعي

د. محمد ممدوح عبد المجيد يكتب: تهديدات "بيت المقدس" والمروق من الدين

الثلاثاء، 02 سبتمبر 2014 02:40 ص
د. محمد ممدوح عبد المجيد يكتب: تهديدات "بيت المقدس" والمروق من الدين صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى تسجيل بالصوت والصورة، انتشر مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعى تهديد صريح لا يحتمل المواربة ولا التأويل من جماعة إرهابية تختبئ خلف الدين تُدعى "أنصار بيت المقدس"، جاء فيه على لسان المجرم المتحدث مخاطباً جنودنا البواسل "من أجبرك على ارتداء هذا الزى وأنزلك فى الحملات الأمنية أذية لعباد الله وتنفيذا لطلبات الصليبيين، من الذى أجبرك على الوقوف فى نقاط التفتيش تتربصون بالمجاهدين، أهو طلب الرزق، أدرك نفسك أيها العسكرى قبل أن يدركك أمر الله، أصلح حالك قبل أن يحل بك القدر فتخسر الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين، فانجُ بنفسك إن كان لك بنفسك حاجة".

هذا الخطاب الإجرامى، وهذه اللغه التهديدية والتخريفية على جنودنا الأبطال، إنما يحمل فى جوفه مغالطات دينية لا حصر لها، وهذه المغالطات ليست غريبة أو جديدة على مثل هؤلاء المجرمين، فكثيرا ما يدعون شرف الدفاع عن الإسلام مع أنهم أول من ينتهكونه، إنهم كالخوارج الذين استباحوا دماء الصحابة ثم عاتبوا بعضاً منهم على أكل ثمرة حرام!!

هؤلاء الآثمون، يظنون بهذه التهديدات الإجرامية أنهم يخيفون جنودنا، أو يرعبونهم، دون أن يعلموا أن أهل الحق لا يخافون أبدا، بل يدفعون أرواحهم طيبة بها نفوسهم فى سبيل الوطن ،وفى سبيل الحق، وفى سبيل الله الحق والعدل، ألا يعلم هؤلاء أن الجندية فى الإسلام الذى لا يعرفون عنه سوى اسمه شرف لأصحابها، لأنهم يسهرون على أمن المجتمع وقضاء حوائج الناس.

أليس الأمن والأمان هو أولى واجبات هذا الإسلام، ألم يدع الخليل إبراهيم ربه بأن يرزق بلده الأمن والأمان "رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبنى وبنى أن نعبد الأصنام" ذلك أن الأمن فيه معايش الناس، وبدونه لا معاش لهم، وفى ذلك عبر القرآن الكريم بقوله "فليعبدوا رب هذا البيت الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف"، فربط بين الأمن والاقتصاد فى مثل قرآنى فريد لا يحتمل التأويل على غير مراده.

لقد حملت تلك التهديدات الآثمة مغالطات ثلاث، لا تستقيم مع عقل أو دين أو منطق، أولاً أنهم وجهوا تهديدات إلى الجنود، ألم يصلهم الحديث الشريف لرسول الله صلى الله عليه وسلم "عينان لا تمسهما النار أبدا، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس فى سبيل الله"، وهؤلاء الجنود هم العيون الساهرة على حدودنا لحمايتنا من الأعداء المتربصين من كل جانب.

وثانيها، هل نزل وحى بعد رسول الله صلى الله عليه وسم يبيح قتل المسلم لأخيه المسلم تحت أى بند، ألم يصلهم قول النبى صلى الله عليه وسلم "من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله فقد عصم بها دمه وماله وأمره إلى الله"، وقوله صلى الله عليه وسلم "لا يشيرن أحدكم إلى أخيه بحديدة فى يده" حتى مجرد الإشارة بيد السوء، نهى عنها الإسلام أتباعه، فكيف بالقتل "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها" ألا تحرم كل هذه النصوص دماء الجنود على هؤلاء الآثمين إن كانوا يفهمون هذا الدين، هل من الدين، أى دين، أن يُطرح الجنود العزل أرضاً ويطلق عليهم الرصاص..لم يفعل هتلر بجبروته مثل هذا الفعل، ولم يرد عن النازيين مثل هذه الجرائم ولكن تُرى هل يسمعون، وإذا سمعوا فهل يفهمون ..!

أما ثالث تلك المغالطات فهى دعوتهم إلى هدم الدولة وسيادة شريعة الغاب، فتهديدهم للجنود، وحثهم إياهم على البحث عن عمل غير الجندية، دعوة صريحة إلى اللادولة، إلى دولة الميليشيات والطائفية، دولة الغاب، وشريعة الغاب التى يسودها مبدأ البقاء للأقوى، دون أن يعلموا أن الإسلام دين ودولة، الدين القاعدة والدولة البناء، الإسلام جاء ليبنى دولة لا ليهدمها، ودولة المدينة كان فيها اليهودى والنصرانى والمسلم، الكل يعيش وفق دستور وضعه النبى صلى الله عليه وسلم فى أمن وأمان ما التزموا عهودهم، ولم يتعد المسلمون على أحد منهم إلا إذا ما نقضوا عهودهم وركسوا وعودهم.

إن هؤلاء يأتون بدين جديد، دين لا يعرف عن أى دين أقل شىء، دين يبيح القتل والعنف والظلم، دين يتلذذ بسفك الدماء، دين يعشق السادية والمازوخية، دين يخرب البلاد ويشرد الآمنين.

إن جميع هذه الحركات الإسلامية إنما خرجت من عباءة واحدة، داعش مثل أنصار بيت المقدس مثل كتائب حلوان مثل أنصار الشريعة، مثل شتى الجماعات المتشددة، كلهم فى الإثم سواء، ولو تمكنت هذه الجماعات -لا قدر الله ــ منا لذبحوا أطفالنا واستباحوا نساءنا وهجّروا شركاء وطننا من النصارى، وباعوا بناتنا بالمزاد العلنى سبابا وذرايا، هذا ما يريدونه، وهذا ما يسعون إليه بتمويلات مقصدها الرئيسى هدم الدولة وعودة شريعة الغاب، وهو مالن يكون بإذن الله.

إن هؤلاء البغاة قتالهم واجب شرى ودينى وأخلاقى بالمقام الأول، فمن قاتلهم وقُتل فهو شهيد، أما قتلاهم ففى النار خالدين فيها لأنهم هم المعتدون، ولأنهم أول من سعى إلى إهلاك الحرث والنسل وإشاعة الفساد فى الأرض.

ثم أتوجه بالسؤال إلى تلك العقول الخربة، والذمم العفنة، والضمائر الميتة، ألا ترون علم إسرائيل يرفرف فوق بيت المقدس، فأين أنتم يا أنصار بيت القدس من هذا البيت، ثم لماذا مصر بالذات هى مطيتكم، هل عدلتم عن جهاد اليهود إلى استباحة دماء المسلمين، لبئس ما تصنعون، ولبئس ما تنتهجون، والله وحده يعلم ما تخفون وما تعلنون.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة