أكرم القصاص - علا الشافعي

شيخ الأزهر فى حديثه الأسبوعى: اتهام السيدة عائشة وأبيها بالتآمر "أكذوبة"

الخميس، 12 نوفمبر 2015 11:07 ص
شيخ الأزهر فى حديثه الأسبوعى: اتهام السيدة عائشة وأبيها بالتآمر "أكذوبة" الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أنه من المتفق عليه أن عائشة رضى الله عنها قالت إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فى مرضه، "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ"، قالت عائشة رضى الله عنها، "يا رسول الله إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِع النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ، فقال -صلى الله عليه وسلم: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فعادت عائشة تقول لحفصة قولى له، "إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِع النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ، فأعادت حفصة ما قالته عائشة رضى الله عنها، فضجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من هذه المراجعة وقال: " مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ".

وأضاف شيخ الأزهر، فى حديثه الأسبوعى الذى سيذاع غد الجمعة على الفضائيَّة المصرية، "أن هذا هو الحديث المتفق عليه عند أهل السنة والجماعة، وله صلة بالتهمة الباطلة التى قيلت فى شأن خلافته -رضى الله عنه - وقد تنبَّه العقاد بذكائه المعتاد ولفظاته العبقرية إلى أن هذا الحديث يهدم هذه الادعاءات، ويأتى عليها من الأساس، فهذا الحديث برهان لا يمكن رده على براءة السيدة عائشة مما قيل عن ضلوعها فى مؤامرة التخطيط لخلافة أبيها، فنحن نعلم أن عائشة رضى الله عنها لم يُعهد منها مخالفة لأمر النبى -صلى الله عليه وسلم- فى أمر خطير كهذا قط، ولو أنها كانت تخطط لخلافة أبيها لتلقفت قوله -صلى الله عليه وسلم:" مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ" تلقف اللهفان ورفضه بين الناس وأذاعته على أنه توجيه للناس على خلافة أبيها للنبى -صلى الله عليه وسلم- وهو فى مرضه الأخير، وهذا الأمر لو كانت رضى الله عنها تخطط له، هو أكبر دعاية لأبيها بين المسلمين، لكنها رضى الله عنها تردَّدت، وغامرت بمراجعة زوجها الذى كانت تحرص على رضاه وسماع كلامه، وتحرص فى الوقت نفسه على ألا تزيد فى إرهاقه -صلى الله عليه وسلم- وهو مريض وإلى درجة الضجر.. حين قال: "إنكن صواحب يوسف" لم تغامر بكل ذلك إلا لأنها بريئة من موضوع المؤامرة على الخلافة الذى لم يخطر لها على بال.

وهذا أقوى دليل على أنها لم تفكر مجرد تفكير فى هذا الأمر، فضلًا عن أن التآمر المزعوم ليس من أخلاق عائشة ولا أخلاق أبيها ولا أخلاق عمر وأبى عبيدة.

وأوضح "الطيب" أن أبا بكر رضى الله عنه استأذن من النبى -صلى الله عليه وسلم- بعد أن اطمأن عليه ورآه يصلى بالناس وهو جالس، فقال له أبو بكر "إنى أراك قد أصبحت بنعمة من الله وفضل، كما نُحب، واليوم يوم بنت خارجة أفآتيها؟" فأذن له النبى -صلى الله عليه وسلم- وذهب أبو بكر إلى زوجه هذه التى كان يقيم بها فى ضاحية اسمها "العالية" خارج المدينة المنورة، وشاءت الأقدار أن النبى -صلى الله عليه وسلم- تُوفِّى فى هذه الليلة التى كان أبو بكر فيها بعيدًا عن المدينة، ولم يكن إلى جوار النبى -صلى الله عليه وسلم- ولا فى بيته، فلو كان أبو بكر رجلا متآمرا وأراد الخلافة لما ترك بيت النبوة فى هذه الظروف، وانتظر إشارة من النبى -صلى الله عليه وسلم- أو وصية بالخلافة من بعده، وهذا يفند مسألة تآمره رضى الله عنه - فعدم وجوده وعدم حرصه على البقاء إلى جوار ابنته وزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدل دلالة قاطعة على عدم طمعه فى شىء؛ لأن المتآمر دائما ما يتحين الفرص للوصول إلى بُغيته .

وتابع الإمام الأكبر: "أما القول بأن عمر – رضى الله عنه- كان أحد المتآمرين فى موضوع الخلافة وصرفها عن على إلى أبى بكر رضى الله عنهما، فهذه فرية مغرقة فى التفاهة والتهافت، ومصادمة للواقع والتاريخ، يتبين ذلك من رصد سيرته رضى الله عنه حين تُوفِّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكيف تلقى خبر وفاته؟ هل تلقاه تلقى المتآمر على الخلافة، المترقب لوفاة النبى -صلى الله عليه وسلم- والمدبِّر لأمرها بليل كما يقولون؟ التاريخ يقول: إن عمر حين سمع نبأ وفاة النبى -صلى الله عليه وسلم- فَقَد وعيه مِن هَول النبأ، وأقسم أن يقتل من يقول: إن محمدًا قد مات: "من يقول إن محمدًا قد مات ضربته بسيفى هذا" لم يتحمل الموقف ولم يستوعبه رغم صلابته وقوته وجرأته المعهودة، ولم يرده إلى صوابه إلَّا أبو بكر حين تلا قوله تعالى: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِى اللّهُ الشَّاكِرِينَ، وقال: "وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَتْلُوهَا حَتَّى وَقَعْتُ إِلَى الأَرْضِ، مَا تَحْمِلُنِى رِجْلاى، وعرفت أن رسول الله قد مات"، هل هذه حال رجل مترصد لوفاة النبى -صلى الله عليه وسلم- ليبدأ الخطط والمؤامرات على الخلافة؟ لو أنه كان يفكر فى أمر الخلافة، فلماذا أصابه الذهول من الوفاة، ولماذا لم يؤكدها ويسارع بتجهيز الجسد الطاهر ليتفرغ لهذه المؤامرة؟!!

وأشار إلى أن الذين يقولون: إن أباعبيدة -رضى الله عنه- كان ثالث ثلاثة فى هذه المؤامرة يستندون إلى أنه كان مع أبى بكر وعمر فى سقيفة بنى ساعدة، ونحن نعلم من التاريخ أن الأنصار اجتمعوا فى سقيفة بنى ساعدة لاختيار خليفة منهم، وأن أبا بكر وعمر بلغهما ذلك فسارعا إلى هناك، وفى الطريق لقيهما أبو عبيدة فذهب الثلاثة مجتمعين، ولم يكن بينهم اتفاق، بل لم يفكر أى منهم فى أمر الخلافة إلَّا بعد سماع نبأ اجتماع الأنصار فى السقيفة لاختيار خليفة، لافتًا إلى أن هذا التآمر المزعوم لا يصدقه عاقل، فكيف يعقل أن يجتمع صفوة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليتآمروا على وراثته وهو حى؟ وكيف أمنوا أنْ ينزل قرآن يفضح أمرهم ويُسمِّى للخلافة شخصًا آخر؟! ومن أدراهم أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يفارق الدنيا يوصى بأحد غير هؤلاء الثلاثة؟

وأكد الإمام الأكبر أن مسألة اتهام عائشة وأبيها وعمر وأبى عبيدة – رضى الله عنهم- بالتآمر أكذوبة، ولا يصح أن تبعث من الكتب القديمة غير الموثوقة لتذاع الآن ويصدق المستغفلون هذه الفرية التى قُتِلَتْ بحثًا ورَدًّا من علماء الكلام عند أهل السنة حتى من المؤرخين، لكن المشكلة تكمن فى أن الناس انقطعت عن تراثها، وأن هذه الشبهة الكاذبة التى يروج لها الآن عبر النشرات والكتب وفضائيات الفتنة والطائفية دون أن تصدر معها الردود تقصير واضح يجب أن نتدراكه، وهذا ما نحاول القيام به فى هذه الحلقات، مشددا على أنه لا يستطيع أحد أن يثبت تحت أى لافتة أن أبا بكر وعمر وأباعبيدة وعائشة -رضى الله عنهم- تآمروا فى مسألة خلافة النبى –صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه – صلى الله عليه وسلم- تُوفِّى ولم يكن أحد من الصحابة يعلم مَن الخليفة بعد وفاته – صلى الله عليه وسلم.

وأكد شيخ الأزهر أن هذه الحلقات –كما قلنا- إنما تهتم فى المقام الأول بالدفاع عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والتصدِّى للتهم الباطلة الكاذبة التى يروج لها دُعاة الفتنة والفرقة بين أمة المسلمين الواحدة، وقد سارعنا فى الحديث عن أبى بكر الصديق –رضى الله عنه-؛ لأنه لَمْ يُغمز فى وصفه بتصديق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طوال فترة الرسالة.. ولكن خلافته تعرضت من كثير من المغرضين لمطاعن ومغامز شتى، وكان من الواجب أنها إذا ما أثيرت أن تُعاد معها أجوبتها التي فندتها وزلزلت "مصداقيتها " قديمًا وحديثًا.

يذكر أن حديث الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف يذاع على الفضائية المصرية عقب نشرة أخبار الساعة الثانية ظهراً كل يوم جمعة.












مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة