أكرم القصاص - علا الشافعي

خالد عزب يكتب: عرب إيران القضية المنسية فى تاريخ العرب المعاصر

السبت، 21 نوفمبر 2015 02:15 م
خالد عزب يكتب: عرب إيران القضية المنسية فى تاريخ العرب المعاصر خالد عزب مدير قطاع المشروعات والخدمات المركزية فى مكتبة الإسكندرية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
یرجع تاریخ حضور العرب فی الأهواز لما قبل الإسلام، أی قبل تأسیس الحکم الساسانى، حیث ناصروا أردشیر الساسانى، مؤسس هذه السلالة فخذ من بنى حنظلة وهم بنو العم الذی هم من بنی تمیم، جاء ذلك فی الفصل الثالث من کتاب " تاریخ عرب الأهواز" تألیف عبد النبی القیم الصادر عن " دار مدارك" للأستاذ ترکی الدخیل، حيث أسس سید محمد المشعشعى أول حکم عربی مستقل فی الأهواز و عاصمته "الحویزة" فی عام 845 هجرية ، وأطاح إسماعیل الصفوى بحکمهم المستقل بعد 70 عاماً وأصبحوا یدفعون الجزیة للصفویین ولکن کانوا شبه مستقلین ولهم معاهدات مع البرتغالیین والعثمانیین وسلطانهم المقتدر أی السید مبارك کان ینوى الإطاحة بالشاه عباس الصفوى أقوی حاکم للصفویین كما يذكر الفصل الرابع من الکتاب .

بنوا بنی کعب حکمهم المستقل فی " القبان" و بعد ذلك فی" الفلاحیة" فی جنوب الأهواز وقریب من الخلیج فی عام 1060 هجرية وکانوا یحکمون علی أراضٍ واسعة من الأهواز وبعض الأحیان البصرة ولهم حروب بقبیلة "المتفق" من آل سعدون وحرب مع الکویتین وهو حرب "الرقة" وبسطوا هیمنتهم علی الجزء الشمالی من الخلیج ولشیخ سلمان الکعبی أقوی شیخ بنی کعب حروب مع البریطانیین وکانوا یستلمون الجزیة من جمیع بنادر الخلیج ومسقط وعمان ولم یسلموا لحکام الفرس وهزموا کریم خان الزند وبعد ذلک هزموا جیوش العجم أی القاجاریین، كما ذكر الكتاب.

مع أفول قدرة بنی کعب وازدهار التجارة فی مدینة "المحمرة" توسعت قدرة الحاج جابر آلبو کاسب حاکم المحمرة وظهرت سلسلة آلبو کاسب والذين ینحدرون من بنی کعب، تم ذلک فی أواسط القرن التاسع عشر المیلادی، بوفاة الحاج جابر وحکم ابنه الشیخ مزعل 15 عاماً وفی هذه الأیام ازدادت سطوة آلبو کاسب وفی عام 1897 بعد مقتل الشیخ مزعل أصبح الشیخ خزعل حاکم الأهواز التی کانوا الفرس یسمونها "عربستان". جاء ذلک فی الفصل السادس من الکتاب.

کان الشیخ خزعل سیاسی محنک، حیث بسط هیمنته علی جمیع الأهواز وراح یبسط نفوذه الی أبعد من ذلک وکانت له سطوة علی بعض العجم خارج الأهواز، حکم الشیخ خزعل 28 عاماً و کما کتب جهاد الخازن فی مقاله بـ"الحیاة" تعلیقاً علی کتابی باللغة الفارسیة التی صدر فی طهران فی 2013 " فراز و فرود شیخ خزعل" أى " صعود ودفول الشیخ خزعل" عن الشیخ خزعل والمقال یحمل عنوان" کتب تستحق القراء" أن حسب ما قال له الشیخ زائی رحمه الله: أن الشیخ خزعل کان شیخ مشایخ الخلیج، حیث کان ینعم علی شیوخ الخلیج.
فبعد ثورة البلاشفة فی روسیا تغیرت سیاسة الإنجلیز وراحوا یبحثون علی حاکم مقتدر لبلاد فارس ومن الضروری أن یکون هذا الحاکم عسکريا ومستبدا لکی یوحد البلاد وتصبح إیران حاجزا وحائلا أمام المد الشیوعى للحیلولة دون وصول الشیوعیون للهند، لهذا السبب جاءوا برضاخان وبعد صراع مریر وبعد أربعة سنین سلموا الشیخ إلی رضاخان فی عام 1925 میلادی.

لیس هناک أی إحصائیة رسمیة لعدد العرب فی الأهواز و لكنهم يقدرون بین 3.5 إلی 4 ملایين نسمة، ویعتنق الأهوازیون دین الإسلام ومذهبهم بعضهم شیعی وعدد كبير منهم سنة، و فی الآونة الأخیرة أصبح الکثیر من شباب العرب و لاسیما المثقفون سنة و لکن لم یبوحوا بمذهبهم، حسب بعض الروایات، وهناک قری بأکملها أصبحوا سنة، ومن ممیزات المثققین والمتعلمین الأهواز أنهم لیس طائفیین وما یهمهم هی عروبتهم وهویتهم القومیة.

مع أن بعض السیاسیین والتنظیمات السیاسیة لاسیما الذین یقیمون فی الخارج یعتبرون حدود الأهواز من غرب مدینة العمارة إلی سواحل الخلیج وبندر لنجة وبندر عباس و لکن حسب رأیى أن الحدود الجغرافیة للأهواز تکون کما یلی:
من الشمال سلسلة جبال زاغروس والتی تسکنها البختیاریین ومن الشرق الحدود الإیرانیة العراقیة التی تبدأ من مدینة العمارة مروراً بمدینة القرنة وصولاً إلی مدینة البصرة، ومن الجنوب تبدأ من شط العرب و تنتهی إلی الخلیج ومن المشرق تبدأ من جنوب مئینة أیذج مروراً بمدینة بهبهان ووصولاً إلی مدینة هندیجان والتی تقع علی الخلیج.
مدن الاهواز: من الشمال الغربی مدینة موسیان، البستین، من الشمال مدینة سوس، جنوب دزفول، تستر، رامز من المشرق مدینة العمیدیة، معشور، هندیجان، من الجنوب مدینة الفلاحیة، عبادان والمحمرة من الغرب الخفاجیة، الحویزة، الحمیدیة وتقع العاصمة مدینة الأهواز فی المرکز، جدیراً بالذکر أن هناک مدنا تقع بین هذه المدن وللاختصار لم نذکر أسماءها.

بعد أسر الشیخ خزعل من المحمرة إلی طهران فی عام1925 میلادی، بدأت هجرة العجم والفرس إلی إقلیم الأهواز، حیث لم یکن لهم وجود قبل ذلک. استبدل رضاخان أسماء المدن العربیة بأسماء فارسیة: عبدان أصبح "آبادان" و المحمرة باتت " خرمشهر" والخفاجیة صارت" سوسنکرد" والفلاحیة أصبحت " شادکان" و الحویزة باتت" هویزه" وهکذا دوالیک، أما اسم الإقلیم الذی کان "عربستان" و هو اسم أطلقه الفرس والعجم علی الإقلیم (راجع الفصل الثالث من کتاب الآنف الذکر، تحت عنوان الأهواز، عربستان، خوزستان) وکان سائداً فی جمیع المراسلات الحکومیة استبدل بـ"خوزستان"، ومن أجل تشویه الاسم وتضلیل الرأی العام أطلقوا اسم عربستان علی المملکة العربیة السعودیة وسموا المملکة بـ"عربستان سعودی" أو باختصار" عربستان". فی حین أنهم لم یستبدلوا أسماء الأقالیم الأخری التی يسکن فیها الکرد أو البلوش أو الترک وبقى کردستان وبلوشستان وآذربیجان کما کان من ذی قبل(آذربیجان یرجع تسمیته إلی الأذریین أی الأتراک).

کما قاموا باتخاذ سیاسة التفریس للمنطقة والشعب بتأسیس مدارس تدرس فیها جمیع المواد الدراسیة باللغة الفارسیة، وإنشاء محاکم فارسیة بدلاً عن المحاکم العربیة الشرعیة أی الدینیة، وإقصاء العرب من جمیع المناصب الحکومیة وتشجیع هجرة الفرس إلی الإقلیم، وبالتوازی لهذه السیاسة انتهجوا منهج ازدراء وتحقیر العرب فی جمیع الحقول حتی یتبرأ الإنسان العربی من قومیته وهویته، و نجحوا کثیراً فی هذه السیاسة حیث کانوا مسیطرين علی وسائل الإعلام والکتب الدراسیة والإذاعة والمنصات و... و منع العرب من ارتداء زى العربی أى الدشداشة والکوفیة.

احتذی محمد رضا شاه ابن رضا خان حذوا والده بعد تسلمه مقالید الحکم وأصبحوا العرب مهمشین ومواطنین من الدرجة الثانیة واستولی علیهم الفقر والحرمان وبقوا منغمسون فی نعرات القبلیة والتخلف، وبما أن حکم محمد رضا استمر لأکثر من ثلاثة عقود و هیمن السافاک (استخبارات الشاه) علی کل شاردة واردة فأن الاضطهاد القومی للعرب ازداد سوءاً فی عهده.

استمرت هذه الحالة بعد الثورة وازدادت أکثر فی العقود الماضیة، حیث لیس هناک أی تغییر فی هذه السیاسات، أسماء المدن لم تتغیر، التعلیم أصبح باللغة الفارسیة، التهمیش والإقصاء ازداد ومحاولة تغییر الترکیب الدیموغرافی للمنطقة ازدادت من خلال عدم توظیف العرب أو توظیف القلیل من العرب و ترغیب هجرة العجم الی بلاد العرب و توظیفهم فی المناصب المفصلیة، وبعد مرور أکثر من 35 عاماً لم يعين محافظاً عربیاً للإقلیم، کما لم یعینوا إمام جمعة عربى لمدن مثل الأهواز وعبدان والمحمرة، ولم نر قائم مقام عربى لتلک المدن، ناهیک عن رؤساء الدوائر الحکومیة علی صعید المحافظة أو حتی المدن، کما لیس هناک وزیر عربى علی مدی الـ35 سنة الماضیة؛ ورغم أن بعض شباب العرب انخرط فی حرس الثورى والتعبئة (الباسیج) فی بدایة الثورة وضحى بنفسه وبالمال ولکن حتی هؤلاء لم یحصلوا علی حقوقهم بالمقارنة مع زملائهم العجم والفرس، وبعد انتهاء الحرب العراقیة – الإیرانیة تم إقصاؤهم من المراتب والدرجات العسکریة، والمفارقة العجیبة أن بعض من هؤلاء أصبح قومیین وقاموا بالدفاع عن قومیتهم وعن شعبهم، بینما فی بدایة الثورة کانوا یتصدحون بالمساواة ولا فرق بین عربى وأعجمى.

جدیر بالذکر أنه فی الانتخابات الرئاسیة الماضیة ترأس أحد العرب (جاسم جادرى) الحملة الانتخابیة لـ" روحانى" فی المحافظة أى محافظة خوزستان وبعد فوز روحانى بالانتخابات الرئاسیة قرر روحانى أن جاسم جادرى یکون محافظاً وبعد نقاش عارضت الاستخبارات تولی جاسم جادرى، منصب محافظ الإقلیم لکونه عربيا ولا یجوز للعربى أن یکون محافظاً للإقلیم وحتى لو جاسم جادرى محسوب من أبناء النظام، بعد فترة عیّن جاسم محافظاً لمحافظة "هرمزکان" فی الجنوب والتى مرکزها میناء بندرعباس.

منذ أسر الشیخ خزعل شيخ عرب الأهواز فی 1925 وإلی یومنا هذا لم یهدأ عرب الأهواز من النضال من أجل کسب حقوقهم، وهناک حرکات أو ثورات منها ثورة الغلمان والذی قاموا بها غلمان الشیخ خزعل بعد أسره وحرکة الشیخ عبد الله بن الشیخ خزعل (یذکر أن الشیخ عبد الله حسب تحلیل کتاب "فراز و فرود شیخ خزعل" للباحث عبد النبی القیم کان مشبوها بتعاونه وتواطؤه مع رضاخان لأسر والده)، کما هناک ثورة الشیخ محيی الزئبق شیخ قبیلة الشرفة فی الحویزة فی عهد رضاخان.

ولکن الحرکة المنظمة والتی أثرت بکثیر علی الشعب هی حرکة محيی الدین آل ناصر ورفاقه عیسی النصارى ودهراب شمیل ناصری فی عام 1963 میلادیاً والتى تشکلت فی مدینة عبادان بتأسیس "جبهة تحریر عربستان"، حیث التقوا بجمال عبد الناصر فی القاهرة و لکن نتیجة لخیانة بعض الأفراد ألقی القبض علیهم و تم إعدام هؤلاء الثلاثة فی مرکز المحافظة فی مدینة الأهواز، بعد هذه الانتکاسة تأسست منظمة أخری والذی کان مرکزها فی العراق إبان حکم أحمد حسن البکر وأعتقد اسمها کان "جبهة تحریر عربستان" دو "جبهة تحیر الأهواز" وانخرط فی صفوفهم عدد من الشباب لاسیما من مدن عبادان والمحمرة والأهواز والخفاجیة والبستین. کانوا متأثرین من حرب العصابات ومنهج جیفارا وکاسترو فی الستینیات لقد قاموا بعملیات مسلحة داخل الإقلیم وسجن الکثیر من کوادرهم. فبعد اتفاقیة الجزائر بین الشاه وصدام حسین منعوا من النشاط فی العراق و لهذا السبب انشقت عنهم جماعة وهاجرت إلی سوریا وبقى منهم فئة قلیلة بلا نشاط و عمل. شارک العرب بصورة نشیطة وفعالة فی الثورة ضد نظام الشاه خاصة فی مدن الکبار مثل عبدان والأهواز والمحمرة وقدموا الکثیر من الشهداء وعقدوا أمالاً علی نجاح الثورة من أجل حصول حقوقهم وفى الآونة الأخيرة بدأ عرب الأهواز وشرق الخليج العربى حراكا لتحرير مناطقهم من الاحتلال الإيرانى خاصة مع الانفتاح الإعلامى الرقمى عبر شبكات التواصل الاجتماعى الذى سمح لهم بدرجة من التواصل لم تكن موجودة من قبل.


موضوعات متعلقة..


إيران ترفض استضافة مباريات العراق فى "الأهواز"








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة