قرأت لـ(شمس التبريزى) قواعدهُ الأربعين للعشق الإلهى، ورغم اختلافى مع فكرهُ الصوفى فى عدة أوجه إلا أنه لا يجدر بى إلا أن أقول أننى أجد فى بعض قواعدهُ مفتاحاً لخوض الحياه وطريقاً سلِساً لتجاوز عثراتها، لقد فتَنتْنى إحدى قواعده التى قال فيها "لاتسيرى مع التيار، بل كونى أنتِ التيار".
عندما كنت فى الثانوية العامة وفى أحد الامتحانات، وقعتُ بين خيارين أو بالأحرى قرارين.. فإما أن اختار حلمى أو اختار مبادئى وقد كان كل شىء من حولى يبيح المحظورات، فبعد أن سخر منى القدر وتخلى عنى أرشميدس مُخرِجاً لى لسانهُ وتلاشت معه الكتله والطاقه وفرّوا جميعاً بسرعة الضوء، أُصِبتُ بحالة من الزهايمر، لا أعرف ربما خوف ورهبه أو أنه القدر.
فبعد مجموع عالى جدا فى المرحلة الأولى من الثانوية العامة، وبعد اجتيازى لمواد المرحلة الثانية بامتياز .. جاءت الفيزياء لتُحوِّل مجرى حياتى وتضع سداً منيعاً ليَحولُ بينى وبين حلمى.. بل حلم عائلتى . أجاز لى مراقب اللجنة ورئيس اللجان أن أطلب المساعدة من زميلاتى بعدما علموا بحجم مأساتى . طلبوا منهم ذلك، ووافقت زميلاتى وأبَيْت....
أبَيْتُ أن أخون مبادئى، اخترتُ احترامى لنفسى، اخترتُ ماكتبه الله لى اخترتُ قدرى...لم أندم يوماًولن أندم أبداً فقد اخترتُ نفسى.
واليوم تجد أن المعانى تغيرت .. تجد الأبوين يحثان الإبن على الغش لنيل درجات عالية وتجد الحديث سلس خال من أى ضميرٍ يَئِنّ. لايعلمون أنهم يزرعون فيه بذره للخطأ بكل ما يشملهُ من معانى .
فتجد هذا الطالب هو نفسه من يصبح موظف يتقاضى الرشاوى تحت مسمى ( إكرامية ) لتسيير طلب لك هو حق ٌ لك وليس فضلٌ منه .
وتجده ذلك التاجر الذى يدفع الرشاوى ليدخل للبلاد أطعمه لاتصلح للبشر . أو ذلك المسئول الذى يتقاضى الرشوة لإدخال الأطعمة الفاسدة للبلد وللغلابه الذين لا يفرقون بين الصالح من الغذاء والفاسد . إنما تتضح آثاره على أجسادهم الهزيلة وأرواحهم التى لا ثمن لها.
وتجده أيضاً هذا المدرَّس الذى يتاجر بعلمهِ فيبيعَهُ للطلبة كسِلعة فى السوق السودا مُدعِّماً ومُنمِّياً لتلك الظاهرة المستبدة... ظاهرة الدروس الخصوصية.
وتجدهُ أصبح الطبيب الذى يتقاضى أموالاً ملوَّثة بالدماء لإجراء عمليات غير شرعية مُدعِّماً بذلك الإنحطاط الأخلاقى وتجارة الأعضاء التى أضحت ظاهرة مُتفشِّية فى مجتمعنا .
وتجده الأب الذى يُخرج لنا أجيالا ضائعة , لا مبادىء لديها ولا قيم.
ابحثوا داخلكم عن القيم والأخلاق والمبادىء ,دافعوا عنها .. أحيوا بها ولها .. علموها لأبنائكم . فمن يستطيع الآن أن يحيا حياةً يرضى فيها عن سلوكهِ وأخلاقهِ وأفعالهِ فهو حقاً من يستحق الإحترام والتقدير ويستحق أن يسمَّى إنســان.
أختم بجزء من قصيده من الأدب الإنجليزى للشاعر والكاتب البريطانى (روديارد كبلينغ) وتقول:
إذا استطعت أن تحتفظ برأسك
عندما يفقد كل من حولك رؤوسهم
إذا استطعت أن تحلم
ولا تدع للأحلام سيادة عليك
إذا استطعت أن تعامل الناس
من غير أن تتخلى عن فضائلك
وأن تسير فى ركاب الملوك
من دون أن تفقد مزاياك المعتادة
فلك الأرض وما عليها
وأنت ...فوق ذلك كله
ستكون رجلاً...... يابنى
قواعد العشق الأربعون
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد سعد بدر
اجمل شيء المباديء
بجد مقال روعة في الجمال ربنا يوفقك
عدد الردود 0
بواسطة:
احلام منير علام
التربيه من الاساس
عدد الردود 0
بواسطة:
مجاهد علام
صيانة الضمير