رغم مثابرة رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماى لتمرير اتفاق البريكست عبر البرلمان، إلا أن الانقسامات الشديدة بين النواب حالت دون حدوث ذلك، بل وصل الأمر للتصويت على سحب الثقة منها للمرة الثانية خلال شهر. ورغم نجاتها، إلا أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يحظى بدعم الأحزاب.
وقالت صحيفة "الجارديان" إن تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا نجت من سحب الثقة عن حكومتها بعد فوزها بفارق بسيط فى تصويت بعد فشل تمرير اتفاقها الخاص بالخروج من الاتحاد الأوروبى، ولكنها لا تزال تناضل من أجل التوصل إلى حل وسط يرضى أحزاب البرلمان.
دعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الأربعاء النواب في مجلس العموم إلى العمل معا لتنفيذ اتفاق الخروج من الاتحاد الاوروبي "بريكست".
وقالت ماي إن على النواب وضع "المصالح الشخصية جانباً" و"العمل بصورة بناءة" للمضي قدماً وتنفيذ خطة الخروج.
ونجت ماي من تصويت بحجب الثقة عن حكومتها بـ 325 صوتا مقابل 306 أصوات، الأمر الذي أدى إلى تفادي إجراء انتخابات عامة.
وكانت رئيسة الوزراء تعرضت قبل 24 ساعة فقط بهزيمة قاسية في التصويت على اتفاقها للخروج من الاتحاد الأوروبي فيما اعتبر أكبر هزيمة لحكومة في تاريخ بريطانيا.
والتقت ماي مساء الأربعاء بزعماء الحزب الوحدوي الديموقراطي الايرلندي، والليبرالي الديمقراطي وحزب العمال، إلا أنها لم تقابل جيرمي كوربن، زعيم حزب العمال.
وأضافت الصحيفة أنه مع ضرورة تقديم ماى لخطتها المتعلقة ببريكست، استمر داونينج ستريت في الإشارة إلى أنها غير مستعدة لوضع خطوطها الحمراء ، بما في ذلك عضوية الاتحاد الجمركي.
وينقسم السياسيون المحافظون بشدة بشأن الطريقة التي ينبغي على ماي أن تضع بها اتفاقها للفوز بتصويت البرلمانيين المعادين.
وقالت أندريا ليدسوم وزيرة شؤون الدولة فى مجلس العموم البريطانى اليوم الخميس إن البرلمان سيناقش خطة بديلة لاتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبى الذى تفاوضت عليه رئيس الوزراء تيريزا ماى وسيجرى تصويتا عليها يوم 29 يناير.
ورفض البرلمان خطة ماى بأغلبية كبيرة هذا الأسبوع، وقالت ليدسوم إن رئيسة الوزراء ستطرح الإجراء وتدلى ببيان بشأن خطواتها التالية يوم الاثنين.
وقالت ليدسوم أمام البرلمان "ستجرى مناقشة الإجراء على مدى يوم كامل يوم الثلاثاء 29 يناير إذا وافق المجلس على ذلك".
حزب العمال يضغط على زعيمه لتأييد إجراء استفتاء ثان بشأن بريكست
ومن ناحية أخرى، أكد زعيم حزب العمال جريمى كوربين أنه قبل إجراء أي "مناقشات إيجابية"، ينبغي على رئيسة الوزراء استبعاد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون أي اتفاق.
وقالت مراسلة بي بي سي، لورا كونسبرج إن " حزب العمال كان واضحاً، وأكد انه في حال لم تصدر رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بياناً تقول فيه إن بريطانيا لن تنسحب من الاتحاد الأوروبي من دون أي خطة مدروسة، فإن كوربن لن يشارك في المحادثات".
وأضافت أن قرار حزب العمال غير واضح، لأن الكثير من أعضائه لا يريدون بريكست - الأمر الذي يعني أن كوربين قد يتعرض لانتقادات إذا ساعد في مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وذكرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أن النواب عن حزب العمال أطلقوا دعوة لإجبار زعيم الحزب على تأييد إجراء استفتاء ثان من أجل إعطاء قول نهائى فى الخروج من الاتحاد الأوروبى (بريكست)، فى موعد أقصاه الأسبوع القادم.
وقالت الصحيفة البريطانية أن "العمال البريطاني" يرى أن السياسة الرسمية الحالية تتطلب تركيز قيادة البلاد كل اهتمامها صوب إجراء تصويت جديد، بعد أن فشلت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى فى الحصول على تأييد البرلمان لاتفاق الخروج الذى توصلت إليه مع بروكسل.
وأوضحت الإندبندنت أن حزب العمال يخشى من أن يتجاهل كوربين الدعوة لإجراء استفتاء جديد؛ تجنبًا منه لحدوث انقسام فى حكومة الظل التى يرأسها وفى الحزب بشكل عام.
ومن المرجح أن يتم تحديد أمر الاستفتاء الجديد يوم الثلاثاء المقبل، حيث من المقرر التصويت على خطط ماى المقررة للأسابيع القادمة.
كاتب: فوضى "الخروج" مهينة للندن شأنها شأن ما حدث بعد "تأميم السويس"
بينما وصف الكاتب البريطانى شون أوجريدى، فشل الحكومة البريطانية فى ملف خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى بأنه مهين وأشبه بالأزمة القومية التى أعقبت تأميم المصريين قناة السويس فى 1956، تلك القناة التى كانت تنقل من خلالها بريطانيا النفط والتجارة، حيث ظنت لندن حينها أيضا أنها يمكن أن تلعب دورا عالميا باعتبارها "قوة عظمى".
وأضاف فى مقاله بصحيفة "الإندبندنت" البريطانية أن بريطانيا انضمت إلى الفرنسيين والإسرائيليين للتواطؤ في غزو مصر، حيث كانت الفكرة المخطط لها مسبقا وقتها في معاهدة سرية ، تقتضى بغزو الإسرائيليين لسيناء ، وبعد ذلك يغزو البريطانيون والفرنسيون قناة السويس ويؤمنونها.
وأوضح أوجريدى فى مقاله المعنون "مثل أزمة السويس..إذلال بريكست تذكرة بتراجع النفوذ البريطانى عالميا"، أن خطة بريطانيا وفرنسا وإسرائيل كانت لتسير بشكل جيد لو لم يكتشف الأمريكيون بها، حيث تدخلت وطلبت من البريطانيين أن يتوقفوا مهددين بسحق الإسترلينى وإلحاق ضرر اقتصادى هائل بالنظام الاقتصادي والمصرفي في المملكة المتحدة. وحينها أدرك البريطانيون حدود قوتهم ولم لم يستطيعوا فعل ما يريدون، وتراجعوا هم والفرنسيون فى ذل، لتتراجع سمعتهم.
واعتبر الكاتب أن الاتحاد الأوروبي الآن في نفس موقف الأمريكيين في خمسينيات القرن الماضي، خاصة من الناحية الاقتصادية بمعنى أن بإمكانه التأثير على الاقتصاد.أما من الناحية الداخلية، فخلقت الفوضى المتعلقة بالخروج انقسامات عميقة.