فى منتصف الأربعينيات من القرن الماضى كان النضال ضد الإنجليز فى قمته، انتهت الحرب العالمية الثانية عام 1945، وصارت مطالبة الشعوب بالتحرر على أشدها، لذا خرج الطلبة المصريون ينددون بالاحتلال وأعوانه واتجهوا إلى مقر الحكومة وعبروا كوبرى عباس، لكن كانت أمامهم مفاجأة فقد فتح الكوبرى بهم وسقط الكثيرون فى النيل.
كان النقراشى باشا قد تولى رئاسة الوزراء وأعاد فتح باب المفاوضات مرة أخرى مع بريطانيا حول الجلاء وحاول إحياء اتفاق "صدقى - بيفن" الذى أفشلته المظاهرات الشعبية واستقالة صدقى، فتقدمت حكومته فى 20 ديسمبر 1945 م بمذكرة للسفير البريطانى بطلب بدء المفاوضات حول الجلاء، وكانت الآمال العريضة فى قرب الاستقلال تسيطر على الشعب المصرى بعدما انتهت الحرب العالمية الثانية وتأسست الأمم المتحدة التى أخذت تلعب دوراً مناصراً للشعوب فى تقرير مصيرها، إلا أن الرد البريطانى فى 26 يناير 1946 عاد وأكد الثوابت الرئيسية التى قامت عليها معاهدة 1936م، والتى أعطت مصر استقلالًا منقوصاً يتمثل فى بقاء قوات بريطانية فى مصر لتأمين قناة السويس، فكان الرد البريطانى بمثابة صفعة لكل آمال الشعب المصري، فاندلعت المظاهرات العارمة للطلبة فى كل أنحاء مصر تطالب بالجلاء وقطع المفاوضات.
وفى يوم 9 فبراير 1946م خرج الطلبة فى مظاهرة من جامعة فؤاد الأول (القاهرة) فى مظاهرة وصفها المؤرخون بكونها من أضخم المظاهرات التى عُرفت منذ قيام الحرب العالمية الثانية متوجهين إلى قصر عابدين وسلكوا طريق كوبرى عباس، وتصدى لهم البوليس وحاصرهم فوق الكوبرى وتم فتح الكوبرى أثناء محاصرة الطلبة، فسقط العديد من الطلبة من فوق الكوبرى فى النيل وقتل وجرح أكثر من مائتى فرد وأطلق البعض على هذا الحادث اسم "مذبحة كوبرى عباس"، وأسفر ذلك عن احتجاجات واسعة على مستوى الجمهورية ليبدأ يوم 21 فبراير1946 الإضراب العام من طلاب مصر ضد سلطات الاحتلال البريطانى ردًا على أحداث 9 فبراير، حيث أدى الإضراب إلى التحام الطلاب مع القوات البريطانية فى ميدان التحرير التى فتحت النار عليهم فقام الطلاب بحرق أحد المعسكرات البريطانية، وامتدت الثورة الطلابية إلى أسيوط جنوبًا والإسكندرية شمالًا، وأسفرت تلك الأحداث عن 28 قتيلًا و432 جريحًا.
الكثيرون ألقوا بالتبعية على رئيس الوزراء النقراشى الذى كان رئيساً للوزراء وكان يتولى وزارة الداخلية أيضاً فى تلك الوزراة، فاتخذ إجراءات قمعية ضد مظاهرات الطلبة وأطلق يد البوليس فى استخدام العنف ضدهم، والبعض الآخر اتهم حكمدارى القاهرة راسل باشا والجيزة فيتز باتريك باشا، لأنهما المسؤلان عن قمع مظاهرات الطلبة باستخدام أساليب غاية فى القسوة.
وحده الإعلامى إبراهيم عيسى ذهب إلى أن هذا الحادث لم يقع أبدا، ذكر ذلك خلال برنامج «صحصح وصحح»، عن حقيقة فتح كوبرى عباس على طلاب مصر خلال عامى 1935 و1946، مشددًا على أنه لم يحدث أن وقع هذا الأمر.
وأضاف إبراهيم عيسى، أن البعض دائمًا ما يتحدث أن كوبرى عباس فُتح على الطلاب وغرقوا فى النيل، لكن السينما مسؤولة على ترويج مثل هذه الأسطورة.
وتابع "ليس حقيقًا ولم يحدث فى أى يوم من الأيام أن وقع هذا الأمر، ومفيش كوبرى اتفتح على طلاب لا من خلال حكومة مصرية ولا قوات احتلال".