صدر حديثا.. الترجمة العربية لـ"قبل شروق الشمس" رائعة زوشينكو ترجمة يوسف نبيل

السبت، 29 أغسطس 2020 01:00 ص
صدر حديثا.. الترجمة العربية لـ"قبل شروق الشمس" رائعة زوشينكو ترجمة يوسف نبيل غلاف الرواية
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صدرت حديثا الترجمة العربية لرواية "قبل شروق الشمس" للكاتب الروسى الشهير زوشينكو، عن سلسلة إبداعات عالمية، التابعة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ترجمة الكاتب والروائى يوسف نبيل، ويعد الكتاب العمل الثانى الذي ترجمه "نبيل" لـ زوشينكو. 
 
يقول المترجم يوسف نبيل فى ترجمة الكتاب: 
 
"نُشرت الفصول الأولى من هذا العمل في مجلة أكتوبر، ورغم أنها حظيت بتقدير الكثيرين في البداية، فإنه سرعان ما منع نشر فصولها اللاحقة، ولم تنشر الرواية بعد ذلك في طبعتها الكاملة إلا في عام 1972".
 
قبل أن تشرق الشمس
 
وميخائيل زوشينكو أحد أبرز أعلام الكتابة الساخرة في روسيا في القرن العشرين، وقد كان معشوق الجماهير في فترة العشرينيات والثلاثينيات. ترجمنا له سابقًا في نفس السلسلة "قصص مختارة" لتعرض ألوانًا مختلفة من قصصه الساخرة، لكن هذا الكتاب يختلف تمامًا عن بقية إنتاج زوشينكو، ويعتقد الكثيرون أنه أفضل أعماله على الإطلاق، ويرى الناقد الروسي "ديمتري بيكوف" أنه واحد من أفضل مائة عمل أدبي على الإطلاق.
 
في البداية علينا أن نشير إلى إن الكتاب يصعب تصنيفه، فهو يضم ألوانًا من الكتابة الروائية والقصصية والسيرة الذاتية، والدراسة النفسية والعلمية.... هو كتاب عصي على التصنيف.
 
في هذا الكتاب يحاول المؤلف تتبع جذور اكتئابه ومعرفة أسبابه مستندًا على نظرية العالم السوفيتي بافلوف حول الانعكاسات الشرطية؛ فيعود إلى جذور مخاوفه الأولى في مرحلة الشباب ثم يتبعها بالصبا ثم الطفولة، فالطفولة المبكرة في بحث مضن عن جذور اكتئابه. 
 
 قصة زوشينكو إذن ليست عن الحرب، كما كان مطلوبًا في هذه الفترة من كل الأدباء إبان الحرب العالمية الثانية، لكنها عن قهر المخاوف والعبودية، فزوشينكو رأى أن من يقهر العبودية لا يمكنه أن يكون عبدًا للفكر الفاشي الذي يعادي العقل في الأساس... سيتحرر الإنسان من هذه الأوهام، وسيتحرر من مخاوفه ويصبح إنسانًا حقيقيًا يسير في ضوء العقل.
لماذا إذن يمكن أن يُغضب هذا الكتاب ستالين حتى يقوم بمنعه فور صدور الجزء الأول فقط منه؟
يرى زوشينكو أنه إن قام المرء بتفكيك مخاوفه، سيتمكن من هزيمة العدو  ويتحرر، فهل هذا ما يريده ستالين من روسيا في عهده؟
مطلوب من روسيا الستالينية أن تتحول إلى شيء بسيط تمامًا... إلى معسكر واحد، وحينها لا يكون هناك مكان للتعامل مع مشاكل المرء الخاصة. كان زوشينكو يرى أن البلاد كلها تسعى إلى الفوز على عدوها، وهو أيضًا يسعى إلى الفوز على عدوه الذي يتمثل في مخاوفه، لكن ستالين لا يريد التعامل مع الشعب الروسي على أنه مجموعة من الأفراد، ولكل منهم مشاكله الخاصة. إنه يريد روسيا واحدة... معسكر واحد يزحف بكل ما لديه من قوة صوب النصر... يريد نثرًا يتغنى ببطولات الشعب الروسي الذي لايتميز فيه فرد عن الآخر. إن مجرد قهر المخاوف والتحرر الفردي من شأنه أن ينتج أفرادًا أحرارًا، وهو أمر غير مطلوب على الإطلاق في عصور الأيديولوجيات الشمولية.
 
 يطرح لنا زوشينكو في كتابه مشاهد قصيرة ماسية، تشبه كتابات تشيخوف من حيث قوة التركيز وكثافة المعنى في أقل عدد من السطور، ويناقش نظريات فرويد وبافلوف، ويحدثنا عن كثير من الشخصيات الفنية المعروفة مثل جوجول وبوشكين وإدجار آلان بو وغيرهم، ويواصل البحث بكل ما لديه من قوة حتى يتوصل إلى مكمن الخطأ. إنه بحث مضن عن السعادة التي من شأنها أن تحرر صاحبها من التعاسة والمخاوف والعبودية، لذلك لم يكن من السهل قبول هذه النزعة الفردية في زمن الأنظمة الشمولية.
 
 على الرغم من مرور أعوام طويلة على صدور هذا الكتاب، وما توصل إليه العلم، فإن قيمة الكتاب الفنية لا تزال مبهرة. 
 
لقد كلَّف هذا الكتاب صاحبه الكثير والكثير، فسنعرف من مقدمته ظروف كتابته والتضحية التي بذلها من أجل إتمامه، كما يمكننا أن نعرف من نهاية زوشينكو الحزينة وتضييق الخناق عليه هو وآخرين مثل أنا أخماتوفا وكافة الكتاب الأحرار، طبيعة الثمن الذي يمكن أن يدفعه كاتب حر لم يحاول حتى الاصطدام بالسلطة بشكل مباشر، بل كان مؤمنًا حقيقيًا بالثورة البلشفية وبالسعي صوب مجتمع لا طبقي، لكنه لم يتنازل ويكتب نفايات الأدب الدعائي المطلوبة في هذه المرحلة.
 هذا الكتاب يضع زوشينكو وسط مصاف الكتاب العالميين بنزعته الإنسانية المفرطة، وعبقرية نثره التي تضارع من وجهة نظري في بعض الأجزاء عبقرية تشيخوف، والأهم من ذلك أنه كتاب من نوع خاص، يجمع بين الرواية والسيرة الذاتية والقصص القصيرة والدراسات النفسية، وهي نوعية نادرة من الكتب تستحق الالتفات إليها بشكل خاص.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة