فى عام 2013 دخل أحمد القرملاوى عالم الأدب بأول أعماله الإبداعية المجموعة القصصية "أول عباس" واتجه بعدها إلى عالم الرواية، فأصدر خمس روايات منها "أمطار صيفية" التى حازت على جائزة الشيخ زايد للكتاب عن فئة المؤلف الشاب عام 2018، و"نداء أخير للركاب" الفائزة بجائزة أفضل رواية فى معرض القاهرة الدولى للكتاب عام 2019.
ومع انطلاق معرض القاهرة الدولى للكتاب 2021، فاجأ جمهوره بعودته إلى القصة القصيرة مرة ثانية بـ"قميص لتغليف الهدايا"، بل واقتحم عالم الترجمة الأدبية بترجمته لكتاب "كافيهات.. حكايات من مقاهى باريس" وهو الكتاب الفائز بجائزة جورج براسان عام 2019، لمؤلفه ديديه بلوند.
فى حديثه لـ"اليوم السابع" كشف أحمد القرملاوى تفاصيل وكواليس عودته إلى القصة القصيرة، فى زمن صارت فيه الرواية كالماء والهواء، يتنافس فيها كبار الأدباء وصغارهم، وكيف ولماذا اقتحم عالم الترجمة الأدبية.
الكاتب أحمد القرملاوى
فى البداية وصف أحمد القرملاوى صدور أول كتاب قام بترجمته بالخطوة المكتملة، التى شهدت قبلها بسنوات طويلة محاولات لم يكتب لها الاكتمال، ناهيك عن مساعدته لكثيرين من أصدقائه الذين كانوا يلجئون إليه لإبداء رأيه فى نص مترجم، لكن بعد صدور روايته "أمطار صيفية" وفى إطار السعى إلى ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية، وصدورها فى الخارج، قام بترجمة فصلين، لعرضها على الوكلاء الأجانب، ثم لجأت الدار إلى مترجمة أخرى لها باع طويل فى هذا المضمار، قامت بترجمة فصليين آخريين، لكن المفاجأة التى ربما لم يتوقعها صاحب رواية "ورثة آل الشيخ" أنه تلقى ردود فعل إيجابية، حول الفصلين اللذين قام بترجمتهما، جعلته يشعر كما يقول "بأن لدى القدرة على دخول هذه الصناعة المحترفة خاصة أنها كانت ترجمة عكسية من العربية إلى الإنجليزية".
رواية أمطار صيفية للكاتب أحمد القرملاوى
بعد ذلك اتجهت الدار المصرية اللبنانية إلى إطلاق مشروع خاص بالترجمة لسد جزء من فراغ الترجمات للكتب حديثة الإصدار، إلى جانب مشروع الدار نفسه فى ترجمة الأعمال الكلاسيكية، وبعدما حصلت الدار على حقوق ترجمة كتاب "كافيهات.. حكايات من مقاهي باريس" لحصوله على عدة جوائز عالمية، عرضته عليه، فأعجب به جدا لعدة أسباب كثيرة، من أهمها الأسلوب واللغة الشعرية، وشعر "القرملاوى" حينها بأنه "على موعد مع رحلة ممتعة".
تفاصيل كتاب "كافيهات.. حكايات من مقاهى باريس"
وفى الرحلة، تعرف صاحب "نداء أخير للركاب" على تجربة الفرنسيين، وتحديدا سكان باريس مع المقاهي، فمؤلف الكاتب من عشاق أبسط التفاصيل، يحكى فى كتابه عن طبيعة المقاهي وروادها المختلفين، وحكايات الحب والهجر والعشق والسياسية، وقراءة الصحف فى المقاهي، والأفلام والروايات الفرنسية التى كتبت أو تم تمثيلها فى كافيهات باريس، ولوحات الفن التشكيلي الشهيرة العالمية، وحكايات المودلز فى هذه اللوحات.
كافيهات حكايات من مقاهى باريس ترجمة أحمد القرملاوى
رحلة متنوعة شديدة الثراء، كما يصفها أحمد القرملاوى، يأخذك المؤلف فيها إلى عالم آخر، تتعرف فيه على ما لا يخطر ببالك، مثل الفرق بين الجلوس على الكنبة أو المقعد فى الكافيه، أو الجلوس بجوار النافذة أو بداخل الكافيه، وكيف تغيرت المقاهي بسبب تطور الصناعة التى اقتحمت عالم القهوة وكل ما يتعلق بعالم الكافيهات.
الروائى أحمد القرملاوى
قميص لتغليف الهدايا.. المجموعة القصصية الثانية لـ القرملاوى
أما عن عودته إلى القصة القصيرة بعد ثمانى سنوات من الانقطاع، فيكشف "القرملاوى" أنه فى حقيقة الأمر لم يبتعد عنها، فبين حين وآخر كان يذهب إليها مشتاقا ويفرغ ما لديه من أفكار، ويعود إلى الرواية، حتى شعر برغبته فى التوقف والتأمل والسؤال عن الوجهة القادمة، بعدما صدر له خمس روايات، حققت له نجاحا فى مصر وخارجها، ولهذا رأى أنه من المناسب "تغير جلده" على حد وصفه.
محمد المخزنجى
فعلى مدار ثلاث سنوات كان لديه رصيد كافى من القصص لصنع مجموعة تحتاج إلى رابط أو تيمة معينة تجمعها فى كتاب واحد، وبالفعل اختار تيمة العزلة والفقد والموت، حتى وصل إلى الشكل النهائى والحالى، وخلال ذلك كان يلجأ إلى الطبيب والأديب الكبير محمد المخزنجى، الذى يعتبره "القرملاوى": "أحد أهم الأعمدة الأساسية فى القصة القصيرة بعد يوسف إدريس".
قميص لتغليف الهدايا للكاتب أحمد القرملاوى
يقول أحمد القرملاوى: "كنت أتلقى منه انطباعات تفوق تصوراتى.. وهذا ما شجعنى كثيرا على نشر المجموعة أمام تخوفات كثيرة" بعدما صنع بصمته فى عالم الرواية، وبينما يعرض "القرملاوى" قصص مجموعته واحدة تلو الأخرى على "المخزنجى" فوجئ بما لم يتوقعه، فبعدما أرسل له قصة، اقترح عليه "المخزنجى" أن يكتب رأيه عن المجموعة فى كلمة تنشر على غلاف المجموعة القصصية، هذه المفاجأة، جعلت أحمد القرملاوى يغير اسم المجموعة تماما باسم القصة التى أعجبت "المخزنجى" وجعلته يطرح اقتراحه، لتظل بمثابة ذكرى سعيدة لا ينساها أبدًا، ومن هنا جاء اسم المجموعة "قميص لتغليف الهدايا".