"عالم فريد، مُتشابك العناصر، يحوى الملامح الإنسانية العامة، ولهُ أيضًا سماته الخاصة جدًا، في مقاهي القاهرة يجلس الناس حول المناضد متواجهين، يتبادلون النجوى، الأحاديث، الأشواق الإنسانية، المصالح المادية، قضاء الحاجات، عقد الصفقات، وثمة من تلفهُ الوحدة، يجلس محملقًا في الفراغ، وقد يحاول قهر وحدته بحديثه إلى جار لا يعرفه"، هكذا دون الكاتب الراحل، جمال الغيطاني، حكاية المقاهى في كتابه "ملامح القاهرة في ألف سنة".
ويوجد اختلاف كبير حول تاريخ نشأة المقاهي في مصر، لكن بالنظر إلى أن أسمها فى الأساس اشتق من مشروب القهوة والتى عرفها المصريون في القرن السادس عشر الميلادي، وهو المشروب الذي حرمه البعض لما اعتقدوا فيه من ضرر حتى تمت إجازتها في بدايات القرن العاشر الهجري.
ويعتقد أن المقاهي كانت في السابق معدة لتناول مشروبات أخرى ولكن بدخول القهوة وإجازتها في مصر فقد كانت مرحلة جديدة في حياة تلك الأماكن، لافتا إلى أنه كان ثمة توصيفات دقيقة عن المقاهى.
ووفقا للبوابة الإلكترونية لمحافظة القاهرة، عرفت مصر المقاهي في القرن التاسع عشر، أثناء فترة الحكم العثماني، وقد أحصى العالم المؤرخ علي باشا مبارك في خططه ما يقرب من 1027 قهوة في القاهرة عام 1880، من بينها 232 قهوة في قسم الأزبكية، و160 في بولاق وعابدين.
والمقاهي أو "القهاوي" - كما يطلق عليها بالعامية المصرية - هي أماكن شرب القهوة، أطلق عليها في اللغة اللاتينية كلمة "كافيه" لتدل على المكان الذي تشرب فيه المشروبات، مثل الزنجبيل والقرفة والينسون، فيما كان الشاي - في القرن التاسع عشر- لا يقدم إلا في منازل رجال الطبقة العليا في المجتمع، والذين كانوا يتفننون في اختيار أنواعه، التي يستوردونها من إنجلترا.