أيام قليلة تفصل الفرنسيين والدول الأوروبية علي حد سواء عن انتخابات الرئاسة الفرنسية 2022 ، المقرر انطلاق أولي جولاتها الأحد المقبل ، وسط حالة من الترقب لمعرفة سيد الإليزية في الولاية الجديدة ، في وقت تواجه فيه باريس والقارة العجوز تحديات كبري بمقدمتها الحرب الأوكرانية ، وتداعياتها الاقتصادية التي طالت الجميع ، وكانت سبباً في موجة تضخم وغلاء عابرة للحدود والمحيطات.
ورغم وجود رغبة أوروبية في فوز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بولاية رئاسية ثانية ، إلا أن صحيفة مورجن بوست الألمانية، ذكرت أن القارة الأوروبية تشهد بعض المخاوف من سيطرة ماكرون علي مقاليد صنع القرار علي المستوي الإقليمي لما اكتسبه من خبرات تؤهله وتؤهل باريس لريادة أوروبا خاصة بعد رحيل المستشارة الألمانية السابقة انجيلا ميركل عن السلطة.
ويواجه ماكرون تهم أوروبية من بينها عرقلته لتوسع الاتحاد في غرب البلقان ، والسعي إلى تقويض السيادة الأوروبية لصالح الصناعة الفرنسية في المقام الأول. وكذلك يري قادة حلف الناتو ماكرون خياراً مثيراً للغموض، حيث سبق له أن وصف الحلف بـ"الميت عقلياً" وكان يفضل بناء اتحاد دفاعي أوروبي بدلاً من تعزيز الناتو.
وأكدت الصحيفة أنه إذا فاز ماكرون في الانتخابات كما هو متوقع ، فمن المفترض أن تصبح الأمور مثيرة للاهتمام في الأشهر المقبلة ، خاصة في العلاقة بين ألمانيا وفرنسا، حيث شدد هو وحكومته مرارًا وتكرارًا على أنهم يعتبرون القواعد المالية الأوروبية الصارمة عفا عليها الزمن ويمكنهم تخيل المزيد من برامج التحفيز الاقتصادي الممولة بالديون على غرار حزمة مساعدات كورونا، وهذه المواقف لا تتوافق حقًا مع الموقف السابق للحكومة في برلين.
ويحتفظ ماكرون ـ حتي كتابة هذه السطور ـ بصدارة استطلاعات الرأي ، إلا أن الفارق بينه وبين منافسيه بدأ يتلاشي بشكل لافت خلال الأيام القليلة الماضية، خاصة بين زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان ، والسياسي اليساري جان لوك ميلينشون .
ويتخوف الألمان والاتحاد الأوروبى من عدم فوز ماكرون خاصة بعد أن ضاقت الفجوة بينه وبين مارين لوبان التى حولت تركيز حملتها إلى هموم الفرنسين المالية، مستغلة دخول ماكرون حملته الانتخابية متأخرًا، بسبب جهوده الدبلوماسية في حرب أوكرانيا.
وفي العديد من الأماكن في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ، يُنظر إلى فوز ماكرون الانتخابي بمشاعر مختلطة، فمن ناحية ، يسعد الجميع تقريبًا أن السياسي الوسطي سيتمكن من إبعاد منافسيه اليمينيين مثل لوبان وإريك زيمور، و من ناحية أخرى ، لا يكاد يوجد أي شخص يتطلع إلى فترة ولاية أخرى بحماس غير مشروط وقرارات قد تؤثر على التكتل الأوروبى.
كما أن المستشار الألمانى وحكومة ائتلاف إشارة المرور لا يريدون حتى تخيل انتصار لوبان، حيث يُنظر إلى المرشحة الفرنسية اليمينية، التى دعمها بوتين خلال الحملة الانتخابية لعام 2017 ، على أنها تمثل سيناريو كارثي تمامًا ، لا سيما في الوضع الحالي ، حيث نادرًا ما يقف الاتحاد الأوروبي بالإجماع في مواجهة روسيا.
وتأتى هذه الرغبة بفوز ماكرون فى الفوز رغم انتصارات لفرنسا حققها ايمانويل ماكرون، حيث انتصرت مؤخرًا على ألمانيا بموقف لا هوادة فيه وأثبتت أن مطوري مشاريع الطاقة النووية الجديدة يمكنهم أن يأملوا في الحصول على تمويل مناسب، من أجل المنافسة فى الطاقة النووية واعتبارها كمصدر للطاقة صديق للبيئة.
كما عمل ماكرون والمستشار أولاف شولتس جنبًا إلى جنب في قمة أوروبا في الأسابيع القليلة الماضية من الأزمة وإن كان ذلك في ظل ظروف مختلفة عن ذي قبل، عندما كانت أنجيلا ميركل لا تزال مستشارة، حيث يتمتع ماكرون الان بخبرة أكبر ويبدو أنه يتقدم بخطوة على شولتس في الجهود الدبلوماسية.