المقاهي جزء أصيل من القاهرة التاريخية، تسكن فى قلب المحروسة وقلوب قاطنيها، لها منزلتها الخاصة فى عقول المصريين، نظرًا لتنوع مرتاديها وشهادتها على أحداث سياسية وثقافية مهمة، بخاصة في التاريخ الحديث، منذ انتشارها خلال القرن الثامن عشر، حتى توسعت في عهد الأسرة العلوية، وأصبحت جزءًا ومكانًا شبه مألوف لدى المصريون وكأنها بيتهم الثانى.
وقبل أن تحمل المقاهى اسم شراب «القهوة» خلال زمن سبق دخول القهوة إلى مِصر"كانت عبارة عن محال تقدّم المشروبات مثل الحلبة والزنجبيل والقرفة والكركديه" حتى أن الدخان لم يكن معروفًا حتى عام 1012 هجريًا، وكانت أماكن تستوعب الرجال للقضاء على مشاعر الوحدة وعقد الصفقات وغيرها.
وبمرور الوقت وفى زمن الحملة الفرنسية وصلت أعداد مقاهى مصر 1200، وبلغ عددها بمنطقة مصر القديمة 50 أما بولاق 100 مقهى. ولاتزال بعض تلك المقاهى القديمة إلى يومنا هذا بتصاميمها ودككها الخشبية التى ترجع إلى زمن الفاطميين، وتتسع لجلوس 5 أو 6 أفراد.
أما المؤرخ والرحالة البريطانى وليم لين بول فيستفيض فى ذكر عادات المصريين فى شهر رمضان فى كتابه "عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم" فكان مما لفت انتباهه أن المسلمين يتناولون فطورهم عامة فى منازلهم ويمضون بعده ساعة أو ساعتين أحيانًا فى منزل أحد الأصدقاء، ويرتاد بعضهم خاصة أبناء الطبقات الدنيا المقاهى فى المساء، فيعقدون اللقاءات الاجتماعية أو يستمعون إلى رواة القصص الشعبية أو عزف المزيكاتيين الذين يسلونهم فى المقاهى كل ليلة هذا الشهر.
ويروى أن الناس يتدفقون إلى الشوارع طوال جزء طويل من الليل كما تبقى محلات بيع الشربات والمأكولات مفتوحة، وهكذا ينقلب الليل نهارًا بفضل الأغنياء، ويقيم بعض علماء القاهرة حلقات ذكر فى منازلهم كل ليلة طوال هذا الشهر، كما يدعو البعض أصدقاءهم فيقيمون ذكرًا أو ختمة، ويدور "المسحِّرون" كل ليلة فى رمضان فيطلقون المدائح أمام منزل كل مسلم قادر على مجازاتهم، ويُعلنون فى ساعة متأخرة فترة السحور.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة