يرتبط المصريون بذكريات كثيرة مع المقاهى المنتشرة فى شوارع وميادين المحروسة، يستلهمون حكاويهم من جلساتها المتعددة، وتتنوع ثقافتهم باختلاف مرتاديها، لها طابعها المختلف وتاريخها الخاص، فهى شاهدة على أحداث سياسية وثقافية واجتماعية مهمة فى تاريخ البلد، بخاصة فى التاريخ الحديث، ومنذ انتشارها خلال القرن الثامن عشر، وأصبحت جزءًا ومكانًا شبه مألوف لدى المصريون وكأنها بيتهم الثاني.
وكانت المقاهى خلال العصر العثمانى تخضع للإشراف المباشر من جانب رئيس يشترى لنفسه حق التزامها، ويدفع كل مقهى رسماً صغيراً فى بداية السنة الهجرية، ويعفى من دفع هذا الرسم المقاهى الصغيرة.
لكن مع مرور الزمن انفصلت المقاهى عن هدفها الأصلى وتحولت إلى أماكن يجتمع فيها السكان ليتداولوا الأحاديث عن أوضاع البلاد والشئون السياسية وما يتوارد من أقوال القصر، وقبل افتتاح المقاهي كان يلتقي السكان في ساحات الجوامع والخانات والمحلات التجارية الصغيرة، وبعد افتتاحها سميت المقاهى بـ"مقاهي العشاق" أو "مقاهى الرجال" أو "مقاهى القمار" أو "مقاهى الطباخين". وكان يزداد الاهتمام بالمقاهى، خاصة فى شهر رمضان الكريم.
وبمرور الوقت وفى زمن الحملة الفرنسية وصلت أعداد مقاهى مصر 1200، وبلغ عددها بمنطقة مصر القديمة 50 وفى بولاق 100 مقهى، ولاتزال بعض تلك المقاهى القديمة إلى يومنا هذا بتصاميمها ودككها الخشبية التى ترجع إلى زمن الفاطميين، وتتسع لجلوس 5 أو 6 أفراد، قبل أن يتنامى عدد المقاهى على مستوى الجمهورية، إلى 1.5 مليون مقهى، طبقاً لتقديرات شبه رسمية.