تمر اليوم الذكرى الـ 103 على إنشاء عصبة الأمم وفق اتفاقية وقعها الحلفاء المنتصرون في الحرب العالمية الأولى، وذلك فى 18 أبريل عام 1919، وهي إحدى المنظمات الدولية السابقة التي تأسست عقب مؤتمر باريس للسلام عام 1919، الذي أنهى الحرب العالمية الأولى التي دمّرت أنحاء كثيرة من العالم وأوروبا خصوصًا، كانت هذه المنظمة سلفًا للأمم المتحدة، وهي أوّل منظمة أمن دولية هدفت إلى الحفاظ على السلام العالمي.
تأسست عصبة الأمم بموجب معاهدة فرساي التي أنهت الحرب العالمية الأولى. وقد استندت هذه المنظمة الدولية الحكومية إلى النقاط الأربع عشرة التي عرضها الرئيس وودرو ويلسون في يناير 1918 على الكونجرس الأمريكي. وفي الواقع تعود فكرة إنشاء عصبة للأمم إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر: خلال المؤتمرين المعنيين بالسلام المعقودين في لاهاي في عام 1899 وعام 1907، تحولت فكرة "كونشرتو الأمم"، التي وضعتها القوى الأوروبية العظمى، إلى فكرة تعاون متعدد الأطراف.
وفي المؤتمر المعقود في عام 1907، أفضى اجتماع دولي حكومي إلى وضع الدول الأوروبية للمرة الأولي ضمن الأقلية، نتيجةً لحضور 18 بلداً من أمريكا اللاتينية، بينما بلغ المجموع الكلي للدول الحاضرة 44 دولة. ومثل إنشاء عصبة الأمم تقدما هاما وحدثا تاريخيا لم يسبق له مثيل، حتى ولو انطوى على قيود مهمة جرّاء الظروف التاريخية السائدة آنذاك، سواء تعلق الأمر بالاستعمار أو برفض الحكومات أخْذ مبدأ المساواة بين الجنسين بعين الاعتبار.
انبثقت عصبة الأمم، شأنها شأن الأمم المتحدة التي تأسست بعدها بخمسة وعشرين عاماً، عن حرب عالمية، وعن العزم على ألا تتكرر مأساة بهذه الشناعة. غير أن انعدام الإرادة لدى القوى العظمى منع عصبة الأمم من تلافي أو مجازاة الاعتداءات الإقليمية على نحو فعال مثل تلك التي قامت بها اليابان وإيطاليا وألمانيا في ثلاثينات القرن الماضي. وقد أفضى نشوب حرب عالمية ثانية إلى تحطّم الحلم إلى أن أسفر تأسيس الأمم المتحدة، بعد الحرب العالمية الثانية، إلى إحيائه.
وبعد إنشائها بوقت قصير، قام أعضاء عصبة الأمم بالدفاع عن فكرة تبناها سياسي فرنسي حاز في عام 1920 على جائزة نوبل للسلام، وهو ليون بورجوا، مفادها أن التعاون الفكري الدولي إنما يشكل الشرط الأساسي لإقرار السلام. ومن ثم أُنشئت في عام 1922 اللجنة الدولية للتعاون الفكري، ثم تأسس في عام 1925، المعهد الدولي للتعاون الفكري، وهو الجهاز التنفيذي لهذه اللجنة. وتعتبر هاتان المنظمتان بمثابة سلَف اليونسكو، أو "اليونسكو المنسية"، حسب تعبير المؤرخ الفرنسي جان-جاك رينوليي.