الحجاج بن يوسف الثقفى.. يعد واحدًا من أشهر الشخصيات المثيرة للجدل فى التاريخ الإسلامى، والذى نتحدث عنه فى حلقة جديدة من برنامج "اللى ما تعرفوش"، والذى يقدمه ويعده الزميل بلال رمضان، فالمعروف عن "الحجاج" أنه من الشخصيات الغنية بالمتناقضات التى دائمًا ما تختلف الآراء حوله، ولكنها تجمع وتتفق على ذكائه ودهائه وخطورته ومكانته.
الحجاج بن يوسف الثقفى، ولد في مدينة الطائف، وفى طفولته تعلم القرآن والحديث والفصاحة، وصار معلمًا للأطفال مع أبيه، فكان يعلمهم القرآن الكريم والحديث الشريف والفقه، وعرف عنه تعظيمه للقرآن الكريم.
من أسباب الاختلاف حول شخصية الحجاج بن يوسف الثقفى، ما عرف عنه من حزم وشدة وإسراف فى القتل، الأمر الذى أدى إلى انقسام المؤرخين حوالين شخصيته، بين ناقم عليه، وبين مؤرخ يحاول إنصافه بدراسة عصره المشحون بالفتن والثورات التى أجبرته فى النهاية على هذا المسلك، والذى أدى فى النهاية إلى استقرار الأمن في المناطق التى شهدت الفتن والثورات، ومن بين هؤلاء المؤرخين ابن كثير الذى قال عنه: "إن أعظم ما نُقِم على الحجاج وصح من أفعاله سفك الدماء وكفى به عقوبة عند الله لقد كان حريصا على الجهاد وفتح البلاد وكانت فيه سماحة إعطاء المال لأهل القرآن ولما مات لم يترك فيما قيل إلا 300 درهم".
من أشهر المواقف المأخوذة عن الحجاج بن يوسف الثقفى والتى أثرت سلبا على صورته التاريخية، قصة واقعة ضرب الكعبة المشرفة بالمنجنيق سنة 692 ميلادية، ففى هذا العام كان عبد الملك بن مروان، الخليفة الخامس من خلفاء بني أمية، والمؤسس الثاني للدولة الأموية، يلاحق آخر أعداء الدولة الأموية، عبد الله بن الزبير، الذى لم يجد مكانا له سوى مكة المكرمة والمدينة المنورة، فأرسل عبد الملك بن مروان قائد جيشه الحجاج بن يوسف الثقفي إلى المدينة المنورة ولما وصلها دخلها بدون قتال، فذهب وراء عبد الله بن الزبير إلى مكة، وفرض عليها حصار شديدا لكى ينهك جيش الزبير، فمنع عنهم الطعام، وانتشرت المجاعة، وهنا يقول "الخراشي" في كتابه "أنساب الأشراف"، إن الزبير ذبح فرسه ليطعم أصحابه.
وحينما طالت مدة الحصار ومقاومة عبد الله بن الزبير، بعث الحجاج بن يوسف الثقفى إلى عبد الملك بن مروان يطلب منه الأذن بقتال "بن الزبير" فرد عليه "بن مروان": افعل ما ترى، وحينما وصله الرد، أمر "الحجاج" جيشه بنصب المجانيق على جبال مكة، وبدأ فى ضرب بن الزبير الذى احتمى بالحرم.
فى تلك اللحظة كانت وفود الحج، قد بدأت فى الوصول، ولما وجدت المعركة مشتعلة، تدخل عبد الله بن عمر بن الخطاب، وأرسل إلى الحجاج برسالة قال له فيها: "اتق الله فإنك في شهر حرام وبلد حرام وقد قدمت وفود الله لتأدية فريضة الله"، فأمر "الحجاج" جيشه بوقف استعمال المنجنيق، وقال: "والله إني لكاره لما ترون ولكن بن الزبير لجأ إلى البيت الحرام".
من هنا نعرف أن الحجاج بن يوسف الثقفى لم يكن متعمدا أو قاصدا بضرب الكعبة بالمنجنيق، وإلا لتجاهل رسالة عبد الله بن عمر بن الخطاب، واستمر فى الضرب، وعن هذه الواقعة يقول ابن تيمية: "والحجاج بن يوسف كان معظما للكعبة لم يرمها بمنجنيق".
ولكن حينما قُتل عبد الله بن الزبير فى شهر جمادي الأخرة، قطع الحجاج بن يوسف الثقفي رأسه وأرسلها إلى عبد الملك بن مروان في دمشق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة