مازالت الأزمة الروسية الأوكرانية تلقى بظلالها القاتمة على الاقتصاد العالمي؛ الأمر الذى دفع دول الاتحاد الأوروبى إلى إطلاق تحذير من تزايد حدة أزمة أسعار الغذاء جراء هذه الأزمة المتواصلة.
وذكر المرصد الإخبارى للاتحاد الأوروبى أن أسعار الحبوب والأسمدة وبذور الزيوت ارتفعت بشكل كبير فى العديد من الأسواق الأوروبية، ما دفع الدول لطلب دعم من الاتحاد الأوروبى .
وأشار المرصد فى تقرير له إلى أن أسعار الذرة ودقيق الخبز وأنواع أخرى شائعة الاستخدام من الدقيق، ارتفعت بنسبة تتراوح من 56 إلى 71%، كما ارتفع سعر زيت دوار الشمس بنسبة 81 بالمائة فى بلغاريا، الأمر الذى دفعها لتحذير نظرائها فى الاتحاد الأوروبى قبيل اجتماع وزراء زراعة الاتحاد المرتقب فى ٢٤ مايو الجارى .
ولفت التقرير إلى أن بلغاريا حذرت من أن زيادة تكلفة أعلاف الماشية رفعت من أسعار المنتجات الحيوانية، مثل اللحوم والدواجن والبيض بنسب تتراوح بين 30 و60 %، ووفقا لمذكرة صدرت عن فرنسا التى تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي، فقد نوهت حكومة بلغاريا فى بيان لها بأن تأثيرات التضخم القوى الذى تشهده البلاد، تمثل مصدرا للقلق فيما يتعلق بتوفير الغذاء بأسعار مناسبة للمواطنين فى البلاد، كما تشكل خطرا كبيرا على النتائج الاقتصادية للمزارعين.
وأوضح التقرير أن الأرقام البلغارية تظهر تزايد أسعار الغذاء، ضمن التضخم العام فى منطقة اليورو والذى بلغ 7.2% الشهر الماضي، وفى السياق ذاته، حذرت رومانيا، الدولة الأوروبية ذات القطاع الزراعى الكبير، من "انفجار فى الأسعار" بسبب قلة الأمطار.
وأوضحت رومانيا لمسئولى الاتحاد الأوروبى أن لديها "إشارات قوية" عن توقف بعض الشركات العاملة فى القطاع الزراعى والمزارعين عن العمل، أما فى إستونيا، فقد ارتفعت أسعار الحبوب بنسب تراوحت بين 70 و99 بالمائة، فيما زادت فى لاتفيا بنسب تراوحت بين 59 و114 بالمائة، مما دفع الحكومة لتأكيد ضرورة توفير ضمانات لمنتجى الثروة الحيوانية فى هذه البيئة الحرجة، لاسيما وأن السوق يشهد زيادة غير مسبوقة فى أسعار المدخلات، مع البحث عن مصادر جديدة للإمداد ببعض مواد الأعلاف.
فيما حذرت جمهورية التشيك من مرور القطاعات المستهلكة للطاقة وقطاع الإنتاج الحيوانى بموقف صعب، بسبب زيادة أسعار الطاقة جراء الحرب فى أوكرانيا، معربة عن ترحيبها بالحصول على دعم مالى استثنائى من المفوضية الأوروبية.
وأشار تقرير المرصد الإخبارى للاتحاد الأوروبى إلى أن إغلاق روسيا لموانئ أوكرانيا، التى تعد واحدة من أكبر مصدرى الحبوب وزيت دوار الشمس فى العالم، قد تسبب فى وقف صادرات كييف من هذه السلع باستثناء التصدير عبر الطرق البرية، وأن الوضع أكثر سوءا فى الدول النامية، مشيرا إلى إمكانية وصول المزارعين والمستهلكين الأوروبيين إلى الدعم المالى على عكس هذه الدول.
ونقل التقرير عن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، قوله أن بعض سكان العالم مهددون بسوء التغذية والمجاعة فى أزمة قد تستمر لسنوات، وأنه لا يوجد حل فعال لأزمة الغذاء دون إعادة دمج الإنتاج الغذائى لأوكرانيا، مشددا على ضرورة أن تسمح روسيا بالتصدير الآمن للحبوب المخزنة فى الموانئ الأوكرانية.
وقال رئيس برنامج الغذاء العالمى التابع للأمم المتحدة دايفد بياسلى أن " العالم يحترق.. لدينا حلول.. علينا التحرك".
من ناحية أخرى، قال نائب وزير الخارجية الروسي، اندرى رودينكو، أن موسكو ستسمح بالوصول إلى الموانئ الأوكرانية فقط فى حال إلغاء الغرب للعقوبات المفروضة على بلاده.
وأضاف أنه "يجب النظر بعمق إلى كل الأسباب التى أدت إلى أزمة الغذاء العالمية وفى مقدمتها العقوبات المفروضة على روسيا من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وليس إطلاق مناشدات لروسيا فقط".
وأوضح التقرير أنه خلال الوضع العالمى الحالي، بدأت الدول الغنية أيضا بإطلاق تحذيرات، مدللا على ذلك بتحذير فنلندا من أن الأزمة الأوكرانية أحدثت اضطرابا غير مسبوق فى أسواق السلع الزراعية، والتى أشارت إلى تضاعف أسعار المدخلات الرئيسية لعملية الإنتاج الزراعى بقيمة الضعف أو ثلاثة أضعاف مقارنة بمستوياتها قبل عام أو اثنين.
وأكدت فنلندا ضرورة استعداد المفوضية الأوروبية لاتخاذ إجراءات لإعادة توازن الأسواق وتعزيز ضعف الربحية الحالية للإنتاج وأمن التوريد فى الاتحاد الأوروبي.