سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 29 مايو 1453.. فتح القسطنطينية ومقتل آخر الأباطرة البيزنطيين و40 ألفا من رجاله والسلطان محمد الفاتح يدخل المدينة على جواده فى موكب حافل

الأحد، 29 مايو 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 29 مايو 1453.. فتح القسطنطينية ومقتل آخر الأباطرة البيزنطيين و40 ألفا من رجاله والسلطان محمد الفاتح يدخل المدينة على جواده فى موكب حافل محمد الفاتح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الساعة الواحدة يوم الثلاثاء صباح 29 مايو، مثل هذا اليوم، 1453، حين بدأ الهجوم العام من الجيش العثمانى بقيادة السلطان محمد الفاتح، على مدينة القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية، وفقا للدكتور محمد مصطفى صفوت، فى كتابه «السلطان محمد الفاتح - فاتح القسطنطينية» دار الفكر العربى - القاهرة - 1948، مضيفا: «بدأ الهجوم العام على المدينة بعد أن صدرت الأوامر، وعلت الأصوات بالتكبير، وانطلق الجنود نحو الأسوار، وخاف البيزنطيون خوفا عظيما، وشرعوا فى دق نواقيس الكنائس، وصل جنود الانكشارية إلى داخل المدينة، وارتقوا الأسوار وأزالوا علم الإمبراطورية وعلم البندقية، ورفعوا علم الأتراك، وتدفق الأتراك إلى داخل المدينة، وأما الإمبراطور البيزنطى فحمل أنفه ومات كريما لم تذم خلائقه، قتل وعمره تسعة وأربعون عاما، فكان آخر الأباطرة البيزنطيين».
يذكر «صفوت»، أن المدينة استبيحت وكل شىء فيها للفاتحين، وقتل أربعون ألفا من البيزنطيين منذ بدء حصارها فى شهر إبريل وحتى الهجوم عليها، وتم أخذ خمسين ألفا، وسلم عشرة آلاف، وقُتل عدد كبير من الأرستقراطية الإغريقية، وأخذ أبناؤهم ليتعلموا اللغة التركية والدين الإسلامى، وضم النساء إلى حريم السلطان وحريم تابعيه، وحاول عدد كبير من سكان المدينة بمختلف أعمارهم الهروب إلى الميناء، والتجأ جمع غفير إلى كنيسة سانت صوفيا، وغيرها من الكنائس، معتقدين أنهم وجدوا الأمان، وأن الآلهة ستحميهم من عدوان الترك، وأن الملائكة ستنزل من السماء وتجعل العدو ترابا، وأغلقوا الأبواب وتوسلوا إلى الله، ولكن الأتراك حطموا الأبواب واستولوا على كل شىء، واستمر القتل فى اليوم الأول، واستبيحت المدينة ثلاثة أيام».
فى الظهر دخل السلطان محمد الفاتح المدينة من باب «القديس رومانوس» يمتطى صهوة جواده فى موكب حافل يتبعه وزراؤه وقواده وجنوده، وسار فى الشارع المؤدى إلى كنيسة سانت صوفيا، وترجل أمام الباب، وانحنى ووضع حفنة من التراب على رأسه خضوعا لله وشكرا، ودخل إلى الكنيسة فبهرة جمالها وبهاؤها، ثم دخل إلى المذبح حيث قابله رجال الكنيسة وكانوا مختبئين فيها، فأحسن استقبالهم وأكد حمايته لهم، وطلب من المسيحيين الفزعين الموجودين الذهاب إلى مساكنهم آمنين، ثم طلب من أحد الشيوخ أن يؤذن للصلاة فى هذه الكنيسة العظيمة التى أصبحت مسجد أيا صوفيا»، يذكر «صفوت» أن «الفاتح» طاف بالمدينة، وشاهد آيات جمالها وعظمتها، ومر بالقصر الإمبراطورى فهاله مغادرة أصحابه له، وبعث إلى أمراء المسلمين وسلاطينهم ينبئهم بذلك الفتح العظيم، ويقول ابن إياس صاحب «بدائع الزهور»، أنه أرسل إلى مصر بهذا الفتح، فلما بلغ ذلك دقت البشائر بالقلعة، ونودى فى القاهرة بالزينة».
يعتبر الدكتور قاسم عبده قاسم فى كتابه «نظرات فى تاريخ المسلمين»، أن هذا الحدث من «الحوادث القليلة الفارقة فى مجرى التاريخ الإنسانى»، مضيفا : «تحولت القسطنطينية عاصمة المسيحية الشرقية إلى «إسلامبول» أى عاصمة الإسلام، ولم يكن هذا فتحا عاديا لمدينة عادية، كما أنه لم يكن مجرد تغيير فى اسم مدينة، ولم يكن هذا الحدث مجرد تغيير فى اسم جغرافى، وإنما كان تغييرا فى مجرى التاريخ الإنسانى بأسره، إذ أن المدينة التى بناها الإمبراطور الرومانى «قسطنطين الكبير» فى ثلاثينيات القرن الرابع الميلادى لتكون «روما الجديدة»، بعدما أعلن مناصرته للمسيحية، واعترف بها ديانة مرخصة، أى يسمح لأتباعها بممارسة شعائرها وطقوسها علنا دون أن يتعرضوا للاضطهاد، صارت مدينة مسلمة».
يتأسف «قاسم» على أنه «بالرغم من أهمية هذا الحدث فى تاريخ المسلمين، فإن ستارا من النسيان، وربما التناسى قد أسدل عليه ولا يعرف تفاصيله ومقدماته ونتائجه كثيرا من المسلمين من العامة والمثقفين»، يضيف: «بسبب تطورات التاريخ الثقافى السلبية فى أنحاء العالم الإسلامى، ظل هذا الحدث أسير الانحيازات الغربية ضد المسلمين وتاريخهم»، ويعلق محمد مصطفى صفوت، على هذه النقطة، قائلا: «يحاول كثير من المؤرخين الإفرنج المبالغة فى وصف أعمال السلب والنهب والقتل التى قام بها الأتراك العثمانيون فى المدينة الخالدة، ونسبوا ذلك إلى قسوة المسلمين ووحشية فى الأتراك، ونسوا أن هذا روح العصر كله، وأن هذا العصر هو عصر الحروب الصليبية، لم يرتكب الأتراك العثمانيون ما ارتكبه اللاتين الصليبيون حين استولوا على القسطنطينية عام 1204، ويصف البابا «أنسنت الثالث» البلوى التى حلت فى المدينة فى هذه السنة: «أن أتباع المسيح وناصر دينه الذين سفكوا الدم المسيحى الحرام وغرقوا فى بحاره، لم يحترموا الدين ولا السن ولا الجنس فارتكبوا زنا فى وضح النهار وانتهكوا حرمات الكنائس، وسلبوا أيقوناتها وصلبانها وآثارها».  









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة