تتعمق أزمة الغاز الطبيعى فى أوروبا مع اضطرارات الامدادات التى أصبحت أسوأ ما توقعته الأسواق فى أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، وتستعد القارة العجوز لأزمة حادة خلال الشتاء، مع توقعات استمرارها للعام المقبل وحتى إلى 2021.
وستناقش دول الاتحاد الأوروبى تعزيز خطط الطوارئ الشتوية فى اجتماع طارئ سيتم عقده فى 26 يوليو مع تصاعد المخاوف من أن روسيا ستقطع إمدادات الغاز عن الاتحاد الأوروبى، وفقا لصحيفة "لابانجورديا" الإسبانية.
من جانبها، اعترفت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بأن المنطقة يجب أن تكون جاهزة لمزيد من الانقطاعات وحتى للقطع الكامل، رداً على العقوبات الشديدة المفروضة على الكرملين رداً على الحرب ضد أوكرانيا.
وأكدت فون دير لاين أمام البرلمان الأوروبى فى فرنسا أن زعيم الكرملين قد استخدم هذا المورد الذى لا يزال يحقق أرباحًا به، كسلاح حرب، لذلك لا يمكنهم استبعاد ذلك من لحظة إلى أخرى. وضع حد للعقود.
وبهذا المعنى، أوضحت رئيسة الاتحاد الأوروبى أنهم ما زالوا يبحثون عن خيارات، حيث لا يكفى التفكير فى مقدمى الخدمات الآخرين، كما أشارت إلى أن أى تغيير سيكون لضمان الغاز للجميع، خاصة لمن يحتاجون إليه.
ومع ذلك، أجبر الوضع العالمى الكتلة المكونة من 27 دولة على تعديل سياستها فى مجال الطاقة. واعترف الأعضاء سويًا بأن الغاز والطاقة النووية مستدامان، على الرغم من رفض بعض القطاعات.
فرنسا
وتفترض فرنسا أن روسيا ستقطع الغاز بشكل كامل عن أوروبا، حيث قدر وزير الاقتصاد والمالية الفرنسى، برونو لو مير، أن إجمالى قطع الغاز الروسى إلى أوروبا هو "الخيار الأكثر ترجيحًا"، فى تعليقات حيث ردد تقييمات متطابقة تقريبًا تم إجراؤها فى اليوم السابق. من قبل رئيسة وزراء البلاد إليزابيث بورن.
وقال لو مير خلال منتدى الاجتماعات الاقتصادية فى إيكس أون بروفانس "أعتقد أن الانقطاع التام لإمدادات الغاز من روسيا هو احتمال حقيقى ويجب أن نستعد لهذا الخيار". وأضاف: "أفضل طريقة للاستعداد لهذا الانقطاع للغاز هو أن نكون منتبهين للغاية لاستهلاكنا للطاقة، وهذا ينطبق على الإدارات، وهذا ينطبق على الشركات، وينطبق على الأفراد".
لا تزال فرنسا، مثل العديد من الدول الأوروبية الأخرى، تعتمد بشكل كبير على روسيا فى إمدادات الغاز الطبيعى والنفط، وإن كان بدرجة أقل من بعض جيرانها. فى عام 2020، استوردت البلاد 17 % من غازها و13 % من نفطها ومشتقاتها من روسيا، وفقًا للمفوضية الأوروبية (يوروبريس).
هولندا
وفى الأسبوع الماضى ارتفع سعر العقود الآجلة للغاز الطبيعى الهولندى وهو الغاز القياسى للسوق الأوروبية إلى حوالى 175 يورو لكل ميجاوات/ساعة ليصل إلى ضعف السعر قبل شهر تقريبا، وذلك بعد تراجع كميات الغاز التى تضخها روسيا إلى أوروبا عبر خط نورد ستريم1 بدعوى وجود مشكلات فنية. فى المقابل ظلت أسعار العقود الفورية للغاز أقل بنسبة 30% عن أعلى مستوياتها خلال الأيام الأولى للحرب وكانت 227 يورو لكل ميجاوات.
ألمانيا وتوقفت إمدادات الغاز من روسيا إلى ألمانيا لمدة 10 أيام لإجراء أعمال الصيانة المقررة فى خط أنابيب نورد ستريم 1 المار عبر بحر البلطيق، وهو أهم رابط من أجل تدفقات الغاز الطبيعى إلى ألمانيا.
وقامت شركة جازبروم الروسية المملوكة للدولة بالفعل بخفض إمدادات الغاز التى يجرى ضخها عبر خط الأنابيب البالغ طوله 1200 كيلومتر بين روسيا وشمال ألمانيا إلى حد كبير، مشيرة إلى التأخير فى أعمال الإصلاح. وأرجعت موسكو سبب التأخير إلى العقوبات التى فرضها الغرب، وهى حجة رفضها المستشار الألمانى أولاف شولتز.
ويجرى حاليا استخدام حوالى 40% فقط من الطاقة الاستيعابية لخط الأنابيب، وهو ما أدى إلى مزيد من الزيادات فى الأسعار فى سوق الغاز، وفقا للوكالة الاتحادية للشبكات الألمانية.
كما عانت المانيا من ارتفاع سعر الكهرباء بنسبة 3% واقترب من من 300 يورو / ميجاوات ساعة.
إيطاليا
كما خفضت روسيا الإمداد المعتاد من الغاز لإيطاليا بمقدار الثلث، وأكدت شركة المحروقات الإيطالية إينى، التى تسيطر عليها الدولة بنسبة 30%، أن شركة جازبروم ستزودها بكميات غاز تبلغ 21 مليون متر مكعب/ يوم فقط فى الأيام الأخيرة.
وأشارت صحيفة "الجورنال" الإيطالية إلى أن شركة جازبروم أنها ستزود إينى بكميات غاز تبلغ حوالى 21 مليون متر مكعب / يوم، مقارنة بمتوسط يبلغ حوالى 32 مليون متر مكعب، مشيرة إلى أنها ستقدم المزيد من المعلومات فى حالة حدوث تغييرات جديدة فى التدفقات".
ومن ناحية آخرى، رفض الكرملين أى تلميح إلى أن روسيا تستخدم النفط والغاز كسلاح للضغط السياسى، فى إشارة إلى توقف نورد ستريم بسبب مشاكل فنية، لكن احتمال قطع كامل لإمدادات الغاز الروسى يثير مخاوف متزايدة فى البلاد.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الإيطالية تلجأ لخطة طوارئ سريعة لحل تلك الأزمة، حيث يلجأ رئيس الوزراء الإيطالى، ماريو دراجى، بإعداد تدابير مختلفة تتراوح من إصدار مرسوم تقنين لشركات الطاقة إلى الحد من استهلاك كل من التدفئة والإضاءة العامة، كما ستلجأ الحكومة الإيكالية إلى زيادة استخدام محطات توليد الكهرباء التى تعمل بالفحم والتى لا تزال قيد التشغيل، والتى خططت فى الوقت الحالى لاستخدام حوالى 30 ألف مليون يورو للتعامل مع الأزمة، بمساعدة الأسر والشركات.
من بين التدابير المحددة لخطة التقشف، هى خفض درجة حرارة أجهزة تكييف الهواء والتدفئة فى المنازل بمقدار درجتين (إلى 27 و19 درجة على التوالي)، فضلاً عن وقت الاشتعال و"حظر التجول" ليلاً لتوفير الاضاءة والكهرباء، وفقا لصحيفة "المساجيرو" الإيطالية.