منذ أيام ودع مطار القاهرة الدولى، واحدة من أهم القطع الأثرية الموجودة منذ ما يزيد عن 4 عقود، وكانت تقف شاهدة على المطار أو حارسة تحمي أحفاد رمسيس الثانى من المصريين، وتفتح ذراعيها وتحتضن ضيوف المصريين من الأجانب والسائحين.. إنها "المسلة" التى كانت تقف شامخة علي مدخل مطار القاهرة تتوسط الطرق المؤدية إلى مبنى الركاب رقم 1 والمبنى الإدارى وطريق العروبة ومنطقة "الآير مول" و"البارك".
هذه المسلة واحدة من القطع الآثرية التى كانت شاهدة على عظمة الحضارة الفرعونية والتى سطرت بالكتابة الهيروغليفية قصصا لأحد ملوك الفراعنة، بل وأشهرهم على الإطلاق وهو "رمسيس الثانى"، وكانت أول ما يشاهده القادم إلى مصر عند مغادرته المطار من الحضارة الفرعونية القديمة كما كانت آخر ما يشاهده المغادر لأرض المحروسة، وكأنها كانت تفتح ذراعيها قدوما وترحابا وتزرف دموعها حزنا على سفرهم.
على مدار يومين جرى نقل المسلة إلى مكان آخر ستستقر فيه وهو المتحف الكبير بمنطقة الهرم والمزمع افتتاحه قريبا، والمسلة تعود أصولها إلى منطقة "صان الحجر" بمحافظة الشرقية وكان يطلق عليها قديما "تانيس".
البداية حسب المعلومات المنشورة لأحد الخبراء فى مجال الآثار كانت منذ عقود عندما قررت هيئة الآثار فى ذلك الوقت بأن تحضر مسلة أخرى للعاصمة من تانيس، وأقيمت هذه المسلة على قاعدة صناعية شيدت لهذا الغرض فى مطار القاهرة لتستقبل وتودع المسافرين.
والمسلة التى أقيمت بمطار القاهرة هى إحدى المسلات الثلاث والعشرين التى كانت ملقاة فى الأماكن المهجورة بـ"تانيس"، ومن تلك المسلات حوالى عشر مسلات كاملة، وتتميز مسلة رمسيس الثانى بمطار القاهرة بارتفاعها حوالى 17 مترا، وتعتبر فى حالة حفظ كاملة خاصة بعد ترميمها.
ولم تكن عملية نقل المسلة، التى تزن 120 طنا من صان الحجر إلى موقعها الحالى بمطار القاهرة من الأمور السهلة فتم مراعاة بعض الأمور والتجهيزات قبل نقلها، حيث ام استخدام اسطوانات حديدية وضعت على وسادات خشبية وشدت بحبال من الصلب القوى بواسطة أوناش يدوية، وتم تحريك المسلة إلى الطريق العام بواسطة مهندسى وعمال هيئة الآثار المصرية فى ذلك الوقت، وتم نقلها إلى موقعها الجديد أمام بوابة مطار القاهرة الدولى وتمت أعمال الترميم المعمارى للمسلة واستكمال الجزء المفقود منها، وقد كانت أعمال الترميم تسير سيرا متوازيا مع أعمال إنشاء القاعدة التى قام بتصميمها وتنفيذها مهندسو هيئة الآثار المصرية آنذاك.
وتم ربط المسلة بالقاعدة بواسطة وسائد من الخشب وحزام من الخرسانة بارتفاع 50 سم، وقد استخدم فى رفع المسلة ونش ضخم يصل حمولته إلى 350 طنا، وتم تركيب قمة "هرمية" من "النحاس المدهب" فوق المسلة حتى تظهر بشكلها الطبيعى، وعلى كل جانب من جوانب القمة الهرمية للمسلة منظر يمثل الملك رمسيس الثانى راكعا أمام أحد الآلهة، يليه خط رأسى من الكتابة على جسم المسلة نفسها منتهيا بمنظر يشبه إلى حد كبير المنظر الموجود على القمة الهرمية، والآلهة الموجودة أسفل المسلة هى، بتا، رع حور آختى، إله تم طمس اسمه، والإله آتوم، وتذكر الكتابة على جوانب المسلة الأربعة أسماء الملك مبتدئة باسمه الذى يمثله خلففية للإله حورس (الاسم الحورى للملك)، ثم الاسم الذى اتخذه عند توليه العرش (اسم التتويج)، ثم الاسم الذى عُرف به عند ولادته (اسم الميلاد)، وقد نقشت كل مسلات رمسيس الثانى فى تانيس بنفس هذه النصوص الظاهرة.
وتحمل المسلة على القمة الهرمية، كما هو مذكور سالفا، منظرا يمثل الملك رمسيس الثانى راكعا أمام الإله آتوم، أما المسلة نفسها عليها كتابة "حورس الثور القوى، العظيم فى قوته، ملك الوجه القبلى والبحرى، عظيم كعدالة رع، المختار من الإله رع، ابن إله الشمس، رمسيس محبوب آمون، الذى هزم رؤساء البلاد الأجنبية والذى هاجمهم وفرض عليهم أن يحضروا الجزية إلى ابن إله الشمس، رمسيس محبوب آمون للأبد"، وفى الأسفل منظر للملك راكعا أمام بتاح سيد العدالة.
كما يرى من جهة آخرى على القمة الهرمية يرى الملك راكعا ومقدما إنائين لإله طمس إسمه ، أما المسلة نفسها عليها كتابة " حورس الثور القوى ، العظيم فى قوته ، ملك الوجه القبلى والبحرى ، عظيم كعدالة رع، المختار من الإله رع، ابن إله الشمس، رمسيس محبوب آمون ، الذى هزم بلاد الريتو ، فاتح طرقهم ، والمستولى عليها بشجاعته وانتصاراته، إبن الشمس ، رمسيس محبوب آمون معطى الحياة ". وفى الأسفل الملك راكعا ومقدما إنائين للبخور أمام الإله رع حور آختى.