رحب العديد من خبراء البيئة وبعض المشاركين فى المفاوضات على الإجماع في قمة المناخ COP27 على إنشاء صندوق لتمويل الخسائر والأضرار المناخية، ورأوا أنه يمثّل خطوة أولى أساسية في الطريق نحو تحقيق العدالة المناخية، مع إبداء تخوفات من التقاعس السياسي وإمكانية المماطلة في التنفيذ مثل ما جرت العادة، حيث يمثل إقرار إنشاء صندوق خاص بالخسائر والأضرار خطوة تاريخية في الطريق إلى تحقيق العدالة المناخية، وأن الطريق الوحيد لتحقيق العدالة المناخية يتمثل بالاستغناء عن الوقود الأحفوري بكافة أشكاله الفحم، والنفط والغاز."
وقال يب سانو رئيس منظمة جرينبيس في جنوب شرق آسيا :"يمثل الاتفاق على إنشاء صندوق خاص لتمويل الخسائر والأضرار فجرا جديدا للعدالة المناخية"، مؤكدا أنه وضعت الحكومات حجر الزاوية لصندوق جديد طال انتظاره، من أجل تقديم الدعم الحيوي للدول والمجتمعات الأكثر تأثراً والتي تعاني بالفعل، من جراء الآثار المدمرة والمتسارعة لأزمة المناخ."
وأوضح سانو أنه استمرت محاولات وفود بعض الدول للمساومة على الاختيار، ما بين تمويل جهود التكيف والتخفيف من آثار تغيّر المناخ، أو تمويل الخسائر والأضرار، ولكن ذلك لم يحدث في النهاية بسبب الجهود الحثيثة للدول النامية التي وقفت بحزم مع نشطاء المناخ ضد ذلك.
وأضاف سانوا قائلا "العبرة التي يمكننا استخلاصها من إقرار تأسيس صندوق الخسائر والأضرار في شرم الشيخ هي أننا قادرين بالفعل على إحداث تغيير حقيقي، ومؤثر إن عملنا معا بالتضامن ما بين الفاعلين في المجتمع المدني، ومجتمعات الخطوط الأمامية لأزمة المناخ والدول النامية الأكثر تأثراً بها.
وشدد سانوا على ضرورة المضي في مناقشة تفاصيل الصندوق وآلية تنفيذه، و التأكد من أن الدول والشركات التي تتحمل المسؤولية الأكبر في الانبعاثات التاريخيّة المسببة لأزمة المناخ، هي التي ستقديم المساهمة الأكبر، و هذا سيعني تمويل جديدا إضافي للبلدان النامية، والمجتمعات الأكثر عرضة لآثار الأزمة، ليس فقط فيما يتعلق بالخسائر والأضرار، ولكن في تمويل جهود التكيّف والتخفيف أيضًا.
وطالب سانوا بأنه على البلدان المتقدمة الوفاء بالتعهد الحالي البالغ 100 مليار دولار أمريكي سنويًا لدعم البلدان ذات الدخل المنخفض، من اجل لدتنفيذ سياسات خفض الكربون ورفع مستوى مرونتها في مواجهة تأثيرات المناخ، عليهم أيضًا تنفيذ التزامهم بمضاعفة التمويل المخصص للتكيّف، وذلك على أقل تقدير."
يضع قرار إنشاء صندوق الخسائر والأضرار ضغوط أكبر بكثير على الصين، التي تجنبت أي التزام بتوفير تمويل المناخ لأفقر البلدان، رغم كونها أكبر مصدر للانبعاثات في العالم، كما أنها ثاني أكبر مصدر تراكمي وثاني أكبر اقتصاد في العالم، كما أنه بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ لعام 1992 التي عقد بموجبها مؤتمر الأطراف، تم تقسيم البلدان بين متطورة ونامية، ولا تزال الصين تصنف على أنها نامية.
وطالب بعض النشطاء البيئين بأنه يجب أن تكون قاعدة المانحين للصندوق بموجب اتفاقية باريس، وأن تأخذ في الاعتبار الأوضاع الاقتصادية للبلدان في عام 2022 وليس عام 1992 كما هو الحال في اقتراح مجموعة الـ 77 بإنشاء صندوق الخسائر والأضرار
وطالب وزير البيئة الكندي ستيفن جيلبولت بضرورة مساهمة دول مثل الصين والمملكة العربية السعودية وقطر في الصندوق نظرًا لانبعاثاتها وثرواتها التاريخية.
جدير بالذكر أنه دعم عدد كبير من الدول من الشمال والجنوب العالمي القوي لمبدأ التخلي التدريجي عن جميع أشكال الوقود الأحفوري ، مثل الفحم والنفط والغاز ، كان هو المطلوب لتحقيق هدف اتفاقية باريس المتمثّل بالحد من معدل الاحترار العالمي وإبقائه تحت 1.5 درجة مئويّة، ولكن للأسف تم تجاهل هذا المطلب، نتيجة للتأثير الكبير التي مارسته الدول النفطية وجيش من جماعات الضغط التابعة لقطاع الوقود الأحفوري، التي جاءت إلى شرم الشيخ للتأكد من ذلك، حيث إذا لم يتم التخلي عن الوقود الأحفوري بكافة أشكاله بسرعة، لن يكفي أي مبلغ من المال لتغطية كلفة الخسائر والأضرار، الناتجة عن آثار تغير المناخ، والأمر بهذه البساطة، وان معالجة تغير المناخ وتعزيز العدالة المناخية ليست لعبة ربح أو خسارة، إما أن نحرز تقدمًا على جميع الجبهات أو نخسر جميعًا. يجب أن نتذكر أن الطبيعة لا تفاوض ولا تساوم.