شارك الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي رئيس اللجنة الوطنية المصرية لليونسكو، ورئيس المؤتمر العام لمنظمة الإيسيسكو في دورته الـ 14، اليوم الأربعاء، في الاجتماع التشاورى الأول حول "المؤشرات الإستراتيجية للتنمية فى العالم الإسلامي: مؤشر المعرفة نموذجًا"، والذي تعقده منظمة الإيسيسكو بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي على مدار يومين؛ بهدف مناقشة مؤشر المعرفة العالمي، كمقياس للأداء المعرفي لدول العالم وفهم التحولات والتحديات التي تواجهها، وذلك بحضور د.سالم بن محمد المالك المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، وبمشاركة أعضاء المجلس التنفيذي، ووزراء التعليم والتعليم العالى بالدول الأعضاء بالمنظمة، بمقر منظمة الإيسيسكو بالعاصمة المغربية الرباط.
وفى مستهل كلمته، وجه الوزير الشكر لمنظمة الإيسيسكو وكافة العاملين بها، ومؤسسة محمد بن راشد للمعرفة، ومشروع المعرفة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي؛ لحرصهم على عقد هذا الاجتماع المهم، والذى يعد أحد الفعاليات الناجحة التي تعقدها الإيسيسكو لمواكبة المستجدات التي تشهدها الساحة الإسلامية والعالمية في مجالات المعرفة والتعليم والتعليم العالي، مشيرًا إلى دور مؤشر المعرفة العالمي فى تمكين الدول الإسلامية من صياغة التفكير الاستباقي لدعم المعرفة وتعزيزها باعتبارها عنصراً رئيسياً في بناء اقتصاد معرفي قوى مع ضمان تحقيق التنمية المستدامة، فضلاً عن أنه يعد وسيلة لقياس المعرفة كمفهوم شامل وثيق الصلة بأبعاد الحياة الإنسانية المعاصرة.
وأوضح الدكتور أيمن عاشور أن الهدف من الاجتماع هو تكوين رؤى وتصورات مستقبلية كخطوة نحو الارتقاء بأداء دولنا في مؤشر المعرفة العالمي والمؤشرات ذات الصلة، وتبـادل الخبرات على المستوى الإسلامى في مجالات التعليم والبحث العلمي والتكنولوجيا والابتكار، فضلًا عن تعزيز الهياكل اللازمة، والارتقاء بأطره البشرية وبرامجه البحثية، والابتكارية من أجل المشاركة في إنتاج المعرفة، وتعزيز المساهمة الفعالة للعالم الإسلامي في الناتج المعرفي البشري.
وأكد رئيس اللجنة الوطنية المصرية لليونسكو أن بناء الإنسان في العالم الإسلامي هو حجر الزاوية لأى نهضة معرفية ورقمية تتطلع إلى تحقيقها شعوبنا الإسلامية، وذلك من خلال إعداد جيل قادر على تطويع مختلف التكنولوجيات لصالح مجتمعاتنا، مشيرًا إلى أن الشباب في عالمنا الإسلامي متى أتيحت له الفرصة لتحصيل المعرفة والعلم اللازم فإنه قادر على بناء مجتمع معرفي.
وأوضح الوزير أن التعليم القائم على التميز والإبداع والابتكار يحقق الاستقرار السياسى، والنمو الاقتصادي، والإثراء الأكاديمي والتكنولوجي، ويعزز التنمية الاجتماعية المتوازنة، والتقدم الثقافي والازدهار الشامل، وبالتالي بناء مجتمع معرفة، مشيرًا إلى أن التركيز على الابتكار يعد محوراً أساسياً في التوجهات الإستراتيجية في مصر، وذلك من خلال الدعوة إلى بناء بيئة تشجع على الابتكار، وتعزز قدرات البحث والتطوير وفقاً لرؤية مصر 2030، التي تدعو إلى نموذج نمو اقتصادي يقوم على المعرفة والابتكار.
وأضاف الدكتور أيمن عاشور أن مصر تسعى إلى بناء الإنسان وتوسيع قاعدة الكوادر المتمكنة من أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ لتكون قادرة على بناء مجتمع المعرفة، وذلك من خلال إطلاق عدد من المبادرات التي يتم تنفيذها وفقًا لمجموعة من المحددات منها: صقل المتدربين بمجموعة مهارات متكاملة من مهارات تقنية وشخصية، وقدرات لغوية، وإتاحة خبرات عملية متخصصة لهم تساعدهم وتدعمهم للمنافسة بفاعلية في سوق العمل المحلى والإقليمي والدولي، وكذا إتاحة برامج تدريبية في التخصصات التقنية المطلوبة في سوق العمل الحالي والمستقبلي، وإقامة شراكات مع الجامعات الدولية المرموقة في تخصصات تخدم مجتمع المعرفة، منها: تخصصات الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، والأمن السيبراني، والتكنولوجيا الحيوية، والطباعة ثلاثية الأبعاد، فضلاً عن تعاون الشركات العالمية العاملة في مصر؛ لبناء مسارات تدريبية مختلفة للشباب في تلك المجالات.
وأشار الوزير إلى إطلاق إستراتيجية مصر الرقمية، والتي تشمل ثلاثة محاور هي: التحول الرقمي ورقمنة الخدمات الحكومية، وتنمية القدرات الرقمية، وتهيئة البيئة الداعمة للإبداع وريادة الأعمال، موضحاً أنها ترتكز على ركيزتين هما: إعداد الإطار التشريعي اللازم، وتطوير البنية التحتية الرقمية اللازمة، والبنية التحتية الرقمية الدولية، مضيفاً أنه فى إطار اهتمام مصر بدعم القدرات لبناء مجتمع المعرفة، تم إعداد مسار تدريبي متكامل بدءًا من الصف الأول الإعدادي لطلاب المدارس مرورًا بتدريب طلاب الجامعات سواء في كليات متخصصة أو من تخصصات أكاديمية مختلفة ويرغبون في تغيير مسارهم المهني، لافتاً إلى إنشاء جامعة مصر المعلوماتية وهي جامعة رائدة متخصصة في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والمجالات المرتبطة بها في مصر ومنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
وفى ختام كلمته، أكد الدكتور أيمن عاشور على ضرورة الاهتمام باقتصاد المعرفة وتنويع القاعدة الاقتصادية وفقاً للصناعات والخدمات المعرفية؛ لتحقيق الازدهار لدول العالم الإسلامي، وتعزيز تنافسيتها إقليمياً وعالمياً، مشيرًا إلى أهمية توجيه التعليم في المدارس والجامعات نحو التعليم الإبداعي إلى جانب الابتكار والاستثمار في الموارد البشرية المحلية وتطويرها، ودعم البحث العلمي والتكنولوجيا، وربطه بالقضايا المجتمعية ومتطلبات التنمية المستدامة، مؤكداً أن المعرفة أصبحت العنصر القيادي للعناصر الإنتاجية، والمصدر الحيوى لإنتاج الثروة وتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية.
ومن جانبه، أكد الدكتور سالم بن محمد المالك المدير العام للإيسيسكو، أن قوة الدول أصبحت تقاس بما تحققه في مجال التكنولوجيا والبحث العلمي، ومواكبتها لمسارات المعرفة، مضيفًا أن استدامة التنمية تعتمد على قدرات الإنسان في فرض التطور المستمر، والذي يستلزم إحداث التغيير في آليات البحث العلمي، وإعداد أفراد باستطاعتهم إنتاج المعرفة، مشيرًا إلى أن دول العالم الإسلامي تقدمت في مؤشر المعرفة.
كما قدم المدير العام للإيسيسكو عددًا من التوصيات لتعزيز مؤشر المعرفة في العالم الإسلامي، وتكوين "بوتقة مؤشر المعرفة" لتستوعب إحداثيات المؤشر بدقة، والعمل الجاد على تبني شراكات ناجحة في هذا المجال، مؤكدًا سعي منظمة الإيسيسكو لأن تكون حلقة وصل بين الدول الأعضاء والمؤشرات العالمية.
ومن جانبه، أكد الدكتور عبد اللطيف ميراوي وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار المغربى على أهمية مواكبة التقنيات الحديثة، والاعتماد على الشباب، واستقطاب الكفاءات، والاهتمام بالعلوم الاجتماعية والإنسانية.
وأكد د. باتريك موجوياما داودا وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتحويل التكنولوجيا والتربية بالجابون على ضرورة العمل على نشر المعرفة، وتعزيز تبادل الخبرات لتصل إلى الشباب والنساء والفئات الأكثر احتياجًا.
ومن جانبه، أكد د.جمال بن حويرب المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة حرص المؤسسة على تفعيل المزيد من أوجه التعاون مع الإيسيسكو، خاصة في مجالات: تعزيز مكانة اللغة العربية، ودعم مسارات المعرفة، ودمج الشباب في بناء مجتمعات المعرفة.
كما أشاد د. هاني تركي رئيس المستشارين التقنيين ومدير مشروع المعرفة لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بجهود الإيسيسكو للمساهمة في دعم التنمية الثقافية والمعرفية، والنهوض بها في الدول الأعضاء بالمنظمة، مؤكدًا أهمية مؤشر المعرفة العالمى، والذى يضم 37 دولة من الدول الأعضاء في الإيسيسكو.
وعلى هامش فعاليات الاجتماع التشاورى الأول، تم توقيع برنامج شراكة بين الإيسيسكو والجابون.
كما ناقش الاجتماع عدداً من الموضوعات، منها: تحديات المعرفة فى العالم الإسلامي، ومجتمعات المعرفة بين البناء والتقييم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة