تواجه أوروبا العديد من الأزمات فى الآونة الأخيرة، ولا سيما الخاصة بتغير المناخ من موجات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة التى أدت إلى نقص كبير فى المياه إثر على معظم المحاصيل الزراعية، وعلى رأسها "الزيتون، المحصول الأكثر أهمية والذى تعرض لانخفاض كبير فى الإنتاج فى جميع أنحاء أوروبا مما أثر على إنتاج زيت الزيتون.
وأطلق المزارعون "الموسم الأسود " لزيت الزيتون، حيث أن نقص الإنتاج وارتفاع الأسعار ليست المشاكل الوحيدة التى واجهت زيت الزيتون، فقد تم إغلاق العديد من المصانع التى تنتج زيت الثقل من الزيتون، وذلك لاعتماد هذه المصانع على الغاز الذى ارتفع بشكل كبير فى ظل أزمة الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وتأتى إسبانيا فى المقدمة، مع زيادة وصلت إلى 42%، وفقا لبيانات من وكالة الإحصاء الأوروبية يوروستات.
وأشارت صحيفة "الباييس" الإسبانية إلى أن إسبانيا تعتبر السوق الأول لزيت الزيتون فى العالم، ولكن الجفاف ونقص الماء تسببا فى انخفاض الإنتاج بنسبة تتراوح بين 40% و50%، ما أدى إلى إطلاق إنذار نقص زيت الزيتون وتسبب فى ارتفاع الأسعار لأسابيع.
وأوضحت الصحيفة أنه فى نوفمبر الماضى فقط ارتفعت اسعار زيت الزيتون بأكثر من 25.9%، وذلك بعد أن ارتفع مرة أخرى بنسبة 21% فى نوفمبر العام الماضى 2021، وفقا لبيانات نشرتها يوروستات.
ويسود التشاؤم قطاع الزيتون بسبب ندرة الأمطار وحرارة المناخ منذ أشهر، ما يعنى استحالة الوصول إلى رقم 1.4 ملايين طن من زيت الزيتون، مثل العام الماضي.
وتشير توقعات الخبراء إلى أن موسم جنى الزيتون الحالى قد يقارب أسوأ موسم حتى الآن وهو عام 2012، حين أنتجت إسبانيا بالكاد 620 مليون طن، فى الوقت التى تساهم فيه إسبانيا بـ45 % من الإنتاج العالمى من زيت الزيتون، وتصدر ثلثى إنتاجها.
أما فى إيطاليا، فقد أعربت الرابطة الإيطالية لصناعة زيت الزيتون Assitol عن قلقها إزاء الوضع الذى يجد فيه قطاع الزيتون الإيطالى أزمة من نقص الإنتاج مع ارتفاع الأسعار، ما يؤدى إلى اقتراب نفاده على أرفف السوبر ماركت.
ووفقا لصحيفة "المساجيرو" الإيطالية فإن تقديرات المنظمات الزراعية، هناك 200 ألف طن من زيت الزيتون المخطط لها لهذا المحصول لن تكون كافية لتزويد السوق المحلى الذى يحتاج إلى 600 ألف طن، حيث ارتفع السعر بنسبة 27٪ فى محصول 2021-2022 مقارنة بالمحصول السابق، حيث ارتفع سوق زيت الزيتون بشكل جذرى مع الإعلان عن قدرة المحصول وانخفاض الإنتاج المتوقع للزيت.
وأشارت الصحيفة إلى أنه يتم بيع لتر زيت الزيتون مقابل 5 يورو، واستمر العرض فى المطالبة بارتفاع الأسعار، فى حين أن شركات التعبئة والتغليف غير قادرة على تحمل صدمات الأسعار الجديدة.
وقال أندريا كاراسى، المدير العام للرابطة، أن "التفاوت بين الاستهلاك والإنتاج هو لدرجة أنه من الآن وحتى الصيف المقبل، قد لا يكون لدينا ما يكفى من الزيت لرفوف التوزيع الكبيرة، حيث أن العمل بهذه الكميات الصغيرة من زيت الزيتون البكر الممتاز سيكون صعبًا للغاية بالنسبة للشركات التى اعتادت على ضمان منتجاتها على مدار السنة".
وأشارت الرابطة إلى أن نقص زيت الزيتون لا يحدث فقط فى إيطاليا، ولكنه يؤثر على جزء كبير من البحر الأبيض المتوسط ويتحدث عن انخفاض بنسبة تقارب 50٪ فى إسبانيا والبرتغال (-30٪) . يضاف إلى ذلك ارتفاع أسعار الطاقة وندرة المواد الخام التى تضاعفت خمس مرات من تكاليف منشأ زيت الزيتون البكر الممتاز، وبالتالى زيادة أسعار المستهلك.
فى مواجهة مثل هذا الوضع المعقد، وفقًا لـ Assitol، "يبدو أن زيادة الاستهلاك من خلال الأنشطة الترويجية المكثفة، مثل المبيعات بأقل من التكلفة، قد تؤدى إلى استنفاد كميات زيت الزيتون المتوفرة النادرة بالفعل، مما يؤدى إلى نتائج عكسية.
ويختتم كاراسى بالقول: "لمواجهة تعقيد الموقف، نحتاج إلى إحساس كبير بالمسؤولية من جانب سلسلة التوريد بأكملها، بدءًا من الإنتاج والصناعة وحتى التوزيع على نطاق واسع. لهذا السبب، فى الوقت الذى أصبح فيه زيت الزيتون سلعة نادرة، نعتقد أنه من المناسب تجنب الاستخدام المستمر للعروض الترويجية، التى من شأنها الإضرار بثقة المستهلك فى قطاع الزيتون بأكمله، مما يقلل من التزامنا ".
وتلجأ اوروبا إلى خطط جديدة لحماية زيت الزيتون من الغش بعد نقص الإنتاج وارتفاع أسعاره فى القارة العجوز فى الآونة الأخيرة، حيث أن المفوضية الأوروبية تعتزم الدفاع عن الجودة والشفافية فى إنتاج وتسويق زيت الزيتون، وتجنب الاحتيال والغش والمعلومات الخاطئة للمستهلكين، ووجدت بروكسل أنه من الضرورى تغيير الإجراءات السابقة التى يتم العمل بها منذ أكثر من عقد بالتنسيق مع المنظمات فى القطاع مثل المجلس الدولى للزيتون.
وتحافظ السلطة التنفيذية الأوروبية على إمكانية بيع زيت الزيتون ممزوجًا بزيوت نباتية أخرى فقط، على الرغم من استمرارها فى ترك الباب مفتوحًا لاتخاذ هذا القرار من قبل كل دولة من الدول الأعضاء.
وتحافظ الدول المنتجة الكبيرة فى الاتحاد الأوروبي، مثل إسبانيا وإيطاليا واليونان، على حظر الخليط للصناعات الموجودة فى أراضيها التى ترغب فى تسويقها فى البلاد، ومع ذلك يمكن للمنتجين صنع الخليط طالما أنه مخصص للتصدير إلى دول الاتحاد الأوروبى الأخرى حيث يُسمح ببيعه. هذا يعنى أنه من الناحية النظرية يمكنهم الوصول إلى الرفوف، حيث لا تستطيع إسبانيا حظر دخول الزيت المخلوط الذى تم إنتاجه فى بلد.