يعتبر عام 2022، من أغرب السنوات التى مرت على أوروبا بسبب الحرب فى أوكرانيا، وتأثيرها على الغاز الطبيعى المتجه للقارة العجوز، وأيضا بسبب تغير المناخ الذى أدى إلى موجة جفاف تسببت فى نقص المياه فى جميع المناطق، ما جعل الحكومات الاوروبية تلجأ إلى بعض الاجراءات التى تعد غريبة من نوعها للحد من تلك الازمات وتوفير الطاقة.
ففى الصيف الماضى، بدأت أوروبا فى اتخاذ تدابير جديدة فى محاولة لترشيد استهلاك المياه بعد تعرضها لأشد موجة جفاف شهدتها فى التاريخ، بسبب ارتفاع درجات الحرارة لمعدلات قياسية تتجاوز الـ45 درجة فى بعض الدول الأوروبية، ولذلك فقد اتجهت حكومات تلك الدول إلى اتخاذ قرارات حاسمة مع وضع عقوبات وغرامات لمن يتجاوزها لتوفير المياه.
فى إيطاليا منع كارلو جوبيلينى، رئيس بلدية كاستيناسو، الإيطالية مصففى الشعر من غسل شعر الزبائن أكثر من مرة، وفرض غرامة قدرها 500 يورو لمن يخالف هذا القرار، وذلك في محاولة لترشيد الاستهلاك.
وقالت صحيفة "كورييرى ديلا سيرا" الإيطالية إن العديد من البلديات الإيطالية توافق على لوائح لمحاربة الاستهلاك من بينها بلدية كاستيناسو التي يبلغ عدد سكانها 16 ألف نسمة في مقاطعة بولونيا، حيث منع رئيس البلدية كارلو جوبيليني مصففي الشعر من غسل شعر عملائهم أكثر من مرة.
ويمكن تغريم أي شخص لا يمتثل للوائح ما بين 25 و500 يورو، وقال جوبيليني: "يمر 13 لترًا في الدقيقة من خلال صنبور مفتوح في حالة القيام بغسلتين"، ويتم فقد أكثر من 20 لترًا، ولذلك فنحن في الوضع الحالي لا يمكننا تحمل هذه الكميات من إهدار المياه".
كما وقع وزير البيئة الإيطالى، روبرتو سينجولانى، مرسوما لتقليل استهلاك الغاز الطبيعى فى فصل الشتاء، والذى بموجبه سيتم تقليص موسم التدفئة 2022-2023 بمقدار 15 يوما، وسيتم تخفيض درجة حرارة الهواء فى المبانى السكنية بدرجة واحدة، وفقا لصحيفة "الجورنال" الإيطالية.
إسبانيا
أما فى إسبانيا فقد طالبت السلطات الإسبانية بالحد من استهلاك المياه بسبب حالة الجفاف التي تمر بها البلاد، مع ارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض سعة خزانات المياه فى البلاد حتى وصلت إلى 40%من سعتها، ولذلك كان من الضروري تقييد استهلاك المياه في العديد من البلديات مع قطع الإمداد الليلي، وإغلاق الصنابيرعلى الشواطئ ومنع رى الحدائق وغسيل السيارات والشوارع.
وحددت حكومة كتالونيا استهلاك المياه في 150 بلدية إلى 200 لتر للفرد يوميًا، نظرًا لحالة الجفاف الحالية، حيث تبلغ الخزانات 43٪ من طاقتها.
ولتوفير الكهرباء، تخلى رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، عن ربطة عنقه، واراد من الوزراء والعاملين في المكاتب أن يحذو حذوه من أجل المساعدة في توفير الطاقة عن طريق تقليل درجات برودة مكيفات الهواء ، وقال في كلمة له "أنا لا أرتدي ربطة عنق وطلبت من وزرائي ألا يفعلوا ذلك".
كما طلب رئيس الوزراء الإسباني من الشركات أن تسمح للمو ظفين بالعمل بدون ملابس للرقبة حتى يتمكنوا أيضا من المساهمة في توفير الكهرباء.
كما قامت إسبانيا، فى الصيف الماضى، بتشغيل مكيفات الهواء عند درجة حرارة أعلى من المعتاد 27 درجة سيلزيوس (80.6 فهرنهايت) كجزء من الحفاظ على الكهرباء وتقليل الاستهلاك.
سويسرا
وفي محاولة لتوفير الطاقة ومواجهة الشتاء القارس في ظل أزمة الطاقة، وجهت سويسرا، عدة نصائح من أجل العمل على توفير الطاقة بنسبة تصل إلى 15% خلال فصل الشتاء.
وقالت سيمونيتا سوماروجا، وزيرة البيئة، عليكم الاهتمام أكثر بوقف هدر الطاقة والعمل على إيقاف تشغيل الكمبيوتر عند نهاية العمل، أو إيقاف تشغيل الإنارة عند عدم الحاجة لها، وكانت النصيحة الأكثر إثارة للجدل الاستحمام معًا وهي التي قوبلت باستهزاء من قبل المتابعين.
بريطانيا
من أغرب الاجراءات التى لجأت إليها بريطانيا للحد من استهلاك الطاقة، كانت منع استخدام الافران، وتتوقع مؤسسة العمل الخيرية الوطنية البريطانية للطاقة زيادة من 4.5 مليون أسرة بريطانية إلى 8.5 مليون أسرة كاملة ستواجه فقر الطاقة هذا الشتاء، إذ تجاوزت أسعار الغاز الطبيعي 3100 دولار لكل 1000 متر مكعب في منتصف أغسطس، بزيادة قدرها 610٪ عن نفس الفترة من العام الماضي.
وأظهرت دراسة أجراها صندوق Financial Fairness Trust أن ثلث الأسر في المملكة المتحدة قللت من استخدام الفرن وقللوا عدد الوجبات التي تحتاج إلى طاقة لتناولها، فيما عمد آخرون إلى تقليل عدد مرات الاستحمام اسبوعيا.
البرلمان الأوروبى
وقرر البرلمان الأوروبى إغلاق أنظمة التدفئة 3 أيام فى الأسبوع فقط، كما أنه لن يتم تشغيل مدافئ مجلس النواب من مساء الخميس حتى صباح الاثنين، بالإضافة إلى ذلك، سيتم إيقاف أنظمة التدفئة تمامًا خلال فترات العطلات.
كما سيتمكن موظفو المؤسسة من مواصلة العمل فى مكاتبهم عند إيقاف التدفئة، بالإضافة إلى ذلك، لن تتجاوز درجة حرارة المبانى فى بروكسل وستراسبورج 19 درجة، ويتم تعتيم الأضواء الداخلية خلال ساعات العمل، وفى المساء، يتم إطفاء الإضاءة الخارجية للمبانى أو الحد منها، ومن خلال هذه الإجراءات، يخطط البرلمان لتوفير مليونى يورو سنويًا على فاتورة الطاقة.
ألمانيا
وفى ألمانيا، هناك عودة سرية للتدفئة بالديزل. بين يناير ويوليو، زاد الطلب على هذه الأنظمة، التى سيتم حظر تركيبها فى عام 2024، بنسبة 12 %.بالإضافة إلى بدائل أسعار الغاز فى ألمانيا، كما يتم البحث عن حلول لانقطاع التيار الكهربائى المحتمل، حيث حذرت السلطات من انقطاع الكهرباء لمدة تصل إلى 72 ساعة فى الشتاء.
فرنسا
وفى فرنسا تم اتخاذ إجراءات والاعداد لخطة لتوفير الطاقة من تدفئة أقل، وزيادة نسبة العمل عن بعد، لإقناع مواطنيها بأهمية توفير الطاقة ، وفى خضم انقطاع إمدادات الغاز الروسى ومشاكل فى نصف مفاعلاتها النووية، كشفت الحكومة الفرنسية عن سلسلة من الإجراءات لتوفير الطاقة، 10% فى عامين مقارنة بعام 2019 و40% بحلول عام 2050.
توليد الطاقة من مياه الصرف
ولجأت الدول الاوروبية إلى استخدام مياه الصرف الناتجة عن المراحيض او الاستحمام او غسالات الصحون، كمصدر الطاقة،حيث يحدث تحول جديد في مصادر الطاقة تقوده فرنسا، قد يكون نموذجا أوروبيا في الفترة القادمة، يعتمد على استخدام مياه الصرف في توليد طاقة التدفئة وتتزامن التجربة الفرنسية الجديدة مع انقطاع التيار الكهربائي عن عدة أحياء فرنسا.
وتوفر مياه الصرف للمبنيين 30% من استهلاكهما من الطاقة منذ ذلك الحين، حسب البلدية المركزية ومع أن "في فرنسا كلها نحو 20 مشروعًا" من هذا النوع، توفر العاصمة مكانًا يمكن فيه تطبيق هذه التقنية على نطاق واسع، إذ يبلغ طول شبكة المجاري تحت الأرض نحو 2600 كيلومتر، على ما يشرح رئيس قسم مشاريع الطاقة المتجددة في البلدية سيدريك ريبولو.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة