تعتبر أزمة تغير المناخ من أكبر الأزمات التي يعانى منها العالم في الوقت الحالي، والتي لا تؤثر فقط على الحكومات والدول والاقتصاد فقط، بل أيضا تؤثر سلبا وبشكل مباشر على حياة الملايين من الأشخاص، وعلى عاداتهم اليومية سواء من التغذية والرفاهية.
ومع بداية فصل الشتاء وبداية محبى التزلج في الاستعداد للخروج لممارسة الرياضة المفضلة لديهم ، أصبحوا لا يستطيوا الاستمتاع بالثلوج وخاصة في منطقة جبال الألب التي تعتبر من الأماكن المفضلة لقضاء موسم الشتاء حيث أنه مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية تسبب فى نقص الثلوج وذوبان الانهار الجليدية، وهو ما يعكر مزاج محبى التزلج وتسلق القمم، خاصة بعد وقوع عدد من الحوادث بسبب ذوبان الجليد.
ووصفت صحيفة "إنفوباى" الأرجنتينية جبال الألب جنة المتزلجين، وتعد سلسلة الجبال الواقعة فى وسط اوروبا واحدة من أكثر مناطق التزلج السياحية فى العالم، كونها أكبر منطقة على كوكب الأرض مخصصة لهذه الرياضة، مع أكثر من 600 كيلومتر من المنحدرات، ومع ذلك يمكن أن يعرض تغير المناخ هذا المكان للخطر .
وانطلقت السياحة في جبال الألب في نهاية القرن التاسع عشر ، عندما أصبح التزلج هو النشاط الرئيسي في هذه المنطقة، ما جعل جبال الألب أكثر شهرة هو إنشاء الألعاب الأولمبية الشتوية في القرن العشرين، تم تطوير تغييرات هيكلية كبيرة في المنطقة لتعزيز السياحة والمغامرة، وتعتبر الظروف المناخية عنصرًا أساسيًا لتحمل موسم جيد في جبال الألب.
كما أن قلة الثلوج لها بالفعل آثار خطيرة للغاية، وكشف أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة رويال هولواي في لندن ، كلاوس دودز أن "بلدة سانت فيرمين الفرنسية الصغيرة سحبت مؤخرًا مصعدها الهوائى (الذي يعود تاريخه إلى عام 1964) لمجرد أنه كان يفتقر إلى الثلج لأكثر من عقد.
وأشارت صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية، إلى أنه تم إلغاء 7 من 8 أحداث تزلج فى بداية الموسم بسبب صيف شديد الحرارة .
في إطار إصلاح وتعزيز السياحة في جبال الألب ، اتخذت السلطات تدابير للحفاظ على الثلج. تم تغطية نهر الرون الجليدي في سويسرا بقطعة قماش لمنعه من الذوبان بسرعة. ومع ذلك ، قد يكون لذلك عواقب سلبية على البيئة بسبب التلوث الناتج عن ذلك.
وفقًا للتقارير التي قدمتها السلطات السويسرية ، فإن 50٪ من منحدرات التزلج في البلاد كانت مغطاة بالثلج الاصطناعي لموسم 2020-21.
ـ أسعار الغذاء
وقالت منظمة أوكسفام إن تغير المناخ يؤثر على أسعار السلع الغذائية بحلول 2030، حيث أن أسعار محاصيل الذرة ستزيد بنسبة 177% والقمح بنسبة 120%، والأرز بنسبة 117%، مع الاخذ بالاعتبار نسب التضخم.
وفي دراسة أخرى، توقعت النماذج العالمية للمحاصيل والنماذج الاقتصادية زيادة بنسبة 1-29% في أسعار الحبوب في عام 2050 بسبب تغير المناخ ، ما سيؤثر على المستهلكين على مستوى العالم من خلال ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وستختلف التأثيرات الإقليمية؛ فالمستهلكون ذو الدخل المنخفض معرضون للخطر بشكل خاص، حيث تشير النماذج إلى زيادات قد تصل إلى 183 مليون شخص إضافي معرضين لخطر الجوع.
ـ عادات النوم
ومن ناحية آخرى ، فيؤثر تغير المناخ على عادات النوم، وقالت دراسة جديدة قدمها باحثين من الدنمارك وألمانيا إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يؤثر سلبا على الراحلة الليلية على مستوى العالم .
قال كيلتون مينور ، الباحث في جامعة كوبنهاجن ، والمؤلف الرئيسي للدراسة: "تقدم دراستنا أول دليل على مقياس كوكبي على أن درجات الحرارة الأكثر دفئًا من المتوسط تؤدي إلى تآكل نوم الإنسان".
تركز العديد من الدراسات حول تأثيرات تغير المناخ على الأحداث المتطرفة مثل الأعاصير أو الفيضانات، لكن الاحتباس الحراري يؤثر بالفعل على عمل يومي وحيوي من أجل الصحة، وخاصة النوم.
وجد العلماء أيضًا أن الناس ينامون أكثر عندما تكون درجة الحرارة الخارجية أقل من 10 درجات مئوية، فوق هذا الرقم ، يزداد احتمال النوم أقل من سبع ساعات، وعندما تتجاوز درجة الحرارة الخارجية 30 درجة مئوية ، يفقد الناس ما معدله 15 دقيقة في الليلة.
ـ القهوة
كما أثر تغير المناخ بشكل مباشرعلى عشاق القهوة في العالم ، وذلك بعد تعرض البن لانخفاض في الإنتاج وارتفاع في الأسعار ، وذلك بسبب موجات الجفاف التي عانت منها الدول المنتجة للبن وعلى رأسهم كولومبيا والبرازيل ، وهناك توقعات بزيادة الأسعار مرة آخرى في عام 2023 ولكن بنسبة أقل عن العام الماضى.
وقالت صحيفة "الاكونوميستا" الإسبانية إن الخبراء يتوقعون حدوث تحسن طفيف في الوضع في عام 2023 ، مع زيادة طفيفة في الأسعار على مستوى العالم ، مع تغير بعض المستهلكين طريقة تناولهم للقهوة في محاولة للتوفير.
وقال روبرت ايفسون وهو محلل سوق في Euromonitor International ، وهي منظمة تنشر تقريرًا سنويًا يحلل بيانات واتجاهات سوق القهوة في بلدان مختلفة، إن "التحديات لا تزال قائمة في عام 2023 بالنسبة للقهوة، فهذا القطاع يستمر في التعافى البطئ ، على الرغم من الركود والتضخم الذى يمر به العالم".
وتوقع الخبير أن أوروبا ستشهد في عام 2023 انتعاش طفيف أيضا في حجم المبيعات، ولكن من الصعب الوصول الى النسبة التي كانت عليها قبل أزمة كورونا في عام 2019 ، مشيرا إلى أن الزيادة في حجم مبيعات القهوة في قطاع هوريكا بنسبة 6.8٪ مقارنة بعام 2022 (في عام 2022 كانت الزيادة 18.05٪ مقارنة بعام 2021).
وأضاف أن الأسعار سترتفع مرة آخرى ، ولكن عند مستوى أقل مقارنة بعام 2022 ، ونتوقع زيادة تتراوح تصل إلى 3٪ في الأسعار في أوروبا الغربية في عام 2023. على سبيل المثال ، 2.48٪ في إسبانيا و 1.96٪ في ألمانيا.