د. داليا مجدى عبد الغنى تكتب.. غذاء الحُب

الجمعة، 13 يناير 2023 07:39 م
د. داليا مجدى عبد الغنى تكتب.. غذاء الحُب د./ داليا مجدي عبد الغني
بقلـــم د./ داليا مجدي عبد الغني

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كلنا نعرف غذاء ملكات النحل، ومدى فوائده على الجسم، وعلى الحالة الصحية للإنسان، ولكن هناك غذاء آخر، لا يقل عنه أهمية، وهو غذاء المشاعر والأحاسيس، بمعنى أدق غذاء الحُب، فالحُب في حد ذاته كائن حي، ربما يكون غير ملموس، ولكنه محسوس، فأنت تشعر به يتسرسب بداخلك، وتفرح بذلك الشعور الغامض الذي اقتحمك، وفرض عناصره عليك، وتجد نفسك تنجذب إليه تدريجيًا، ولكن هل بالضرورة أن يعيش هذا الشعور؟ بالطبع لا، فهذا الكائن له مُقومات لكي يعيش ويستمر ويترعرع، وتلك المُقومات هي الغذاء، وهذا الغذاء يتمثل في عناصر أساسية ثابتة في كل العلاقات، وعناصر شخصية مُرتبطة بكل حالة على حدة.

العناصر الأساسية هي الصدق، والمصداقية، التضحية، الاهتمام، العطاء، الإحساس، الذكاء، الاحتواء، الرحمة، الصداقة، الاحترام.

أما العناصر الشخصية، وللأسف هي التي يكون لها غالبًا الدور الأهم في نجاح علاقة الحُب أو فشلها، لأن العديد من علاقات الحُب توافرت فيها العناصر الأساسية بين الطرفين، ولكنها رغم ذلك أثبتت فشلها الذريع، والسبب أن كل شخص لديه بعض العناصر الخاصة الشخصية التي تحتاج إلى مُعاملة خاصة في لحظة معينة، فلو لم يجدها لدى الطرف الآخر، يبدأ الحُب يضمحل تدريجيًا حتى يتلاشى تمامًا، وإن لم يتحول إلى النقيض.

بمعنى أن هناك أشخاص تكره تجاهل غضبها ولو لساعة، فهؤلاء يحتاجون الاحتواء سريعًا، وإلا انقلبوا إلى وحش كاسر يصعب السيطرة عليه، وهناك أشخاص ترفض تلقي الأوامر والتعليمات، لأن هذا الأمر يستثير حفيظتهم بشدة، ويحولهم إلى النقيض في لحظات، وهناك مَنْ يرفض التشكيك فيه، أو مُحاولة السيطرة عليه، ومُراقبة تحركاته، ولو حدث وفعل الطرف الآخر هذا الأمر، يعدها إهانة بالغة لا تُغتفر، وهناك الشخص المرح الذي لا يتقبل فكرة أن كل كلمة تصدر منه يتم احتسابها على أنها مقولة جادة، فيجد نفسه يُقدم الاعتذارات والمُبررات طيلة الوقت، على أخطاء لم يرتكبها من الأساس. بل أنه كان يمزح ليس إلا. وهناك مَنْ يعشق التقدير من الطرف الآخر، وينزعج من فكرة أن تمر تضحياته واهتماماته مرور الكرام، فهذا الأمر يُقلل من شغفه بالطرف الآخر. وهناك مَنْ يعشق المفاجآت بشتى أنواعها، فهذا الأمر يجعله يشعر بنبض الحياة يسري في قلبه، مجرى الدم في العروق، فهو يرفض الحياة التقليدية، ولا يجد نفسه فيها.

وعليه، فالعناصر الشخصية التي تتطلب من كل طرف أن يتفهمها في الطرف الآخر، ويُحاول احتواءها ومده بها، لا تقل في أهميتها عن العناصر الأساسية الثابتة في كل العلاقات، بل إنها أحيانًا تفوقها، بدليل أن هناك أشخاص يقولون أن اهتمام أحد الأشخاص بنُقطة ضعفه هي التي تجعله يتحمل تقصيره في أساسيات هامة، ولكن هذا العنصر يكفيه تغذيته له لكي يتحمل ويتجاوز عن العديد من الأمور الأخرى.

وهذا هو غذاء الحُب، الذي لولاه ما استمر الحُب، وما نضج، وما ترعرع، فغذوا مشاعركم حتى تزداد، ولتكن له أفرع تُظلل عليكم وقت البرد، والأزمات، والآلام.

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة