تمر اليوم ذكرى وفاة الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، إذ رحل في 19 يناير عام 1302، وهو أبو العباس أحمد بن حسن بن أبي بكر الذى تولي الخلافة بعد المستنصر بالله الثاني حيث أرسل الملك الظاهر بيبرس في طلبه بعد المعركة التي قتل فيها المستنصر بالله الثاني علي يد التتار وكان قد نجا من المعركة مع حوالي 50 رجل وقد وصل إلى القاهرة في مارس 1262م واحتفل بيبرس بقدومه وأنزله البرج الكبير بقلعة الجبل.
ومن الآثار الباقية من عهد الخليفة الفاطمى المثير للجدل، جامع الحاكم بأمر الله الموجود حاليا بشارع المعز بالقاهرة، وينسب المسجد للحاكم بأمر الله رغم أن من أمر بإنشائه هو والده الخليفة العزيز بالله الفاطمي في سنة 379هـ/ 989م، وجاءت وفاة العزيز قبل إتمامه ليتمه ابنه الحاكم بأمر الله 403هـ/ 1013م، صاحب أغرب الأوامر والسياسات والسلوكيات في تاريخ حكام مصر القدامى، ومنها منع أكل الملوخية، وإجبار النسوة على ارتداء أحذية بلون مميز، بحسب مصادر تاريخية.
وبحسب موسوعة "المسالك" يجمع هذا الجامع في تخطيطه بين عناصر إفريقية وعناصر مصرية، فتخطيط الجامع بلا جدال يماثل تخطيط جامع ابن طولون، الذي بني على طراز سامرا، ويفتح مدخل الجامع الرئيسي في منتصف جدار مؤخر الجامع في موضع يقابل المحراب، وهو يتفق في ذلك مع مدخل جامع المهدية، ويبرز المدخل الرئيسي خارج سمت جدار المؤخر متخذاً هيئة برجين يتوسطهما ممر يؤدي إلى باب بحيث أصبح شكل المدخل يماثل البوابة بالمعنى المصطلح عليه في عمارة الأسوار، بينما كانت المداخل الرئيسية قبل ذلك فتح عادة في الجدارين الجانبيين غير جداري القبلة والمؤخر.
ولم تظهر الحجارة في العمارة الفاطمية إلا عند بناء جامع الحاكم وبذلك أصبح يمكن الاستغناء عن الاستعانة بالطلاء الجصي في غطاء المسطحات الجدارية وتسويتها، وقد أضافت الزخرفة المنحوتة على الحجارة أهمية على واجهات المساجد الفاطمية فظهرت بوضوح في جامعي الأقمر والصالح طلائع.
واستخدم الخلفاء الفاطميون ابتداء من منتصف القرن الخامس صيغة أفعل التفضيل في تسمية منشآتهم الدينية فتحول اسم "جامع القاهرة" إلى " الجامع الأزهر" و"جامع الخبطة" إلى " الجامع الأنور" ثم سُمي الجامع الذي أنشأه الآمر بأحكام الله في مطلع القرن السادس ب "الجامع الأقمر" والجامع الذي أنشأه الخليفة الظافر ب "الجامع الأفخر".
وقد تأثر الجامع بالزلزال الذي حدث سنة 702هـ (1303م) فتهدمت كثير من العقود والأكتاف الحاملة لها وسقط السقف وهوت قمتا المئذنتين وكان السلطان الناصر محمد في ولايته الثانية فأمر أحد امرائه وهو بيبرس الجاشنكير فور وقوع الزلزال باصلاح الجامع وإعادة بناء ما تهدم منه وتدعيم المئذنتين، فتم ذلك سنة 1303م،كما جدده السلطان حسن سنة 1359م.
وقد تعرض جامع الحاكم بأمر الله للعديد من الكوارث: منها أنه لما استولى الصليبيون على القاهرة سنة 1167م حولوا جانبا منه الى كنيسة وفي زمن الحملة الفرنسية تحول الى مقر لاحدى حاميات الحملة وفي أوائل القرن التاسع عشر نزل فيه بعض المهاجرين الشوام وأقاموا فيه مناسج للحرير ومصانع للزجاج، ثم حولته وزارة الاوقاف الى مخزن ثم تولته لجنة حفظ الآثار العربية والجامع قائم حاليا في أول شارع المعز لدين الله ملاصقا لباب الفتوح بقسم الجمالية، ويتبع منطقة آثار شمال القاهرة مسجل أثر برقم 15.