على الرغم من أن أنظار العالم كانت معلقة خلال الأيام الماضية بأزمة المنطاد الصينى الذى رصدته الولايات المتحدة فى سمائها قبل أن تقوم بإسقاطه، فإن حربا خفية بين الولايات المتحدة والصين تدور رحاها بشكل أكثر قوة فى ناحية أخرى، أو بالأحرى قطاع آخر، وهو قطاع التكنولوجيا، وتحديدا الضغوط الأمريكية التى تهدد صناعة أشباه الموصلات والرقائق فى الصين، ناهيك عن استمرار ملاحقة شركة الاتصالات الصينية هواوى.
فقد أوقفت إدارة الرئيس جو بايدن الترخيص للشركات الأمريكية بالتصدير إلى هواوى، حيث تسعى واشنطن إلى فرض حظر كامل على التكنولوجيا الأمريكية إلى شركة معدات الاتصالات الصينية العملاقة. وسبق أن اتهمت واشنطن هواوى بأنها تمثل تهديدا للأمن القومى الأمريكى وتعمل مع الحزب الشيوعى الصينى، وهى الاتهامات التى نفتها كل من الشركة والحكومة الصينية.
وأخبرت وزارة التجارة الأمريكية من قبل بعض الشركات الأمريكية بأنه لن تصدر بعد ذلك تراخيص تصدير التكنولوجيا الأمريكية لهواوى. وواصلت إدارة بايدن تشديد القيود على هواوى مع زيادة التوترات بين واشنطن وبكين حول تايوان، التى يتم فيها نتصنيع أغلب رقائق الكمبيوتر العالمية.
وفى أكتوبر الماضى، قال مساعد وزير التجارة الأمريكى لشئون الصناعة والأمن ألان غيستفيز أن بيئة التهديد تتغير بشكل دائم.. ونحن نفعل كل ما وسعنا بشكل مناسب لحماية أمننا القومى ومنع التكنولوجيا الحساسة الى لها تطبيقات عسكرية من أن تصل إلى يد الجيش والاستخبارات والأجهزة الأمنية فى الصين.
كما سيواجه أكبر مصنعى الرقائق فى الصين مثل Semiconductor Manugacturing الدولية، وشركة يانجتز ميمورى للتكنولوجيا وحتى الشركات المحلية المنافسة الأصغر المزيد من العوائق لنموهم بسبب القيود الجديدة.
وكانت صحيفة بولتيكو قد ذكرت الشهر الماضى إن البيت الأبيض يدرس خططا لمنع الشركات الأمريكية من قطاعات كاملة فى صناعة التكنولوجيا الأمريكية، واستشهدت الصحيفة برئيس لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس النواب مايكل ماكول، وأربعة من مسئولى الأمن القومى الآخرين.
ولا تكتفى الولايات المتحدة بالقيود التى تفرضها وحدها على الشركات الصينية فى هذا المجال، بأنها وقعت اتفاقات مع دول أخرى للسير على دربها منها هولندا واليابان. وقالت وكالة بلومبرج إنه تم الانتهاء من اتفاق مع هولندا واليابان لفرض قيود على صناعة الرقائق الصينية.
وبعد أن فرضت الولايات المتحدة قيودا هائلا على التصدير على شحنات أدوات صناعة الرقائق إلى الصين، سعيا لإعاقة قدرة بكين على توسيع صناعة الرقائق وتعزيز قدراتها العسكرية. كانت واشنطن بحاجة إلى ضم هولندا وايابان، موطا لكبار صناع الرقائق وهما ASMLوطوكيو إلكترون، وذلك حتى تصبح تلك القيود فعالة.
من جانبها، أبدت الصين استيائها من الضغوط الأمريكية، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينج، إن القيود الأمريكية على صادرات معدات تصنيع الرقائق الإلكترونية إلى الصين تضر بالجميع. وتابعت فى تصريحات لها الأسبوع الماضى أن الولايات المتحدة، من أجل حماية هيمنتها العالمية ومصالحها الأنانية، تقوم بتسييس القضايا الاقتصادية والتجارية".
وأضافت ماو، أن الولايات المتحدة أساءت استخدام الرقابة على الصادرات، وأجبرت بعض الدول الأخرى على تشكيل دائرة محدودة لاحتواء الصين، مما أدى إلى تسييس القضايا الاقتصادية والتجارية والعلمية والتكنولوجية، وتقويض قواعد السوق والنظام الاقتصادي والتجاري الدولي بشكل خطير، مؤكدة أن الصين تعارض بشدة هذا السلوك.
ولفتت إلى أن هذا التقييد يضر بالصين دون أن يجني أحد أي فائدة في العملية ويقوض استقرار السلسلة الصناعية العالمية.. ويظل السؤال ما إذا كانت الصين ستظل مكتفية بالكلمات فى الرد على استهداف الولايات المتحدة، أم انها ستلجأ إلى إجراءات أكثر قوة.