يحل شهر رمضان الكريم على روسيا هذا العام تزامنا مع الحرب في أوكرانيا المجاورة، في أجواء إيمانية وروحانية حيث يسمح الجيش الروسي للجنود المسلمين بأداء الصلاة جماعة ومن بينها التراويح وإنشاء خيمة كمسجد في كل منطقة فيها تجمع للجنود المسلمين، فضلا عن حظر بيع المشروبات الكحولية في بعض المناطق.
ويشكل المجندون الروس خليطا من القوميات والديانات المختلفة، وبحسب معطيات وزارة الدفاع الروسية فان المسيحيين الأرثوذكس يشكلون 80 % من اعداد المتدينيين في صفوف الجيش الروسي، في حين يشكل المسلمون 14%، وهناك زهاء 6% خليط من البوذيين واليهود وديانات أخرى.
وتحرص وزارة الدفاع الروسية على تواجد رجال دين يمثلون الديانات الرئيسية في روسيا في صفوف الجيش لتعزيز المثل الروحية السامية والانتماء الى الوطن الواحد، انطلاقا من ان الاعتزاز بالانتماء العرقي والديني لا يتعارض مع المشاعر الوطنية، كما ان مهمة تنمية القوة البدنية للمجندين ومهارات استخدام السلاح تقف على نفس الدرجة من الأهمية مع التربية الاخلاقية والروحية.
وفي أحد الفرق العسكرية بولاية "تشيباركوليسك" الروسية يتم تعليم الجنود المسلمين الدين الإسلامي بجانب العلوم العسكرية.
أما الجنود الأرثوذوكس فيتم تعليمهم الدين النصراني، وتم إنشاء خيمتين إحداهما مسجد والأخرى كنسية، ويقوم مفتى الولاية "فوكار أكبروف"، والقس "ديمتري"، بعقد حلقات نقاش مستمرة مع الجنود.
ووفقا لشبكة الألوكة الروسية رجل دين روسي أنه يقيم الصلاة كل يوم وخلفه 200 ضابط وجندي مسلم، ويصلون معًا في جماعة كل يوم، كما يجيب عن أسئلة الجنود الأرثوذوكس المتعلقة بالتاريخ الإسلامي.
ويوجد عدد من المساجد في روسيا ومنها المسجد الأبيض الذي يقع في استراخان في عام 1810، وهو من المساجد القديمة في المدينة، كما يوجد المسجد الأسود في نفس المدينة، والمسجد الأحمر، مسجد آسيا، مسجد الغفران.
وبدعم رجال دين مسلمون في روسيا قرار بوتين بالحرب،
وأفاد تقرير لشبكة "يورو نيوز" الأوروبية أن المسلمين خدموا في الجيش الروسي منذ الحقبة القيصرية، ولكن دورهم ووجودهم في أوكرانيا إشكالي.
ومن بين القتلى الأوائل الذين أعلنت روسيا عن سقوطهم، هناك الضابط نور ماغوميد (نور محمد) غادجيماغوميدوف، الذي قلده بوتين وسام بطل روسيا.
وتشير إحصائيات نشرتها إذاعتا "فري يوروب" و"ليبرتي" إلى أن نحو ثلث قتلى الجانب الروسي ليسوا سلافيين، وأكثريتهم بأسماء مسلمة.
وفيما انتشرت فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي لعناصر من كتيبة "آزوف" اليمينية المتطرفة في أوكرانيا وهم يغطسون الرصاص بدهن الخنزير بانتظار المقاتلين الشيشانيين، وبحسب شبكة «روسيا اليوم» الإخبارية، توعد رئيس الشيشان رمضان قديروف بالعثور على الجنود الأوكرانيين الذين دنسوا القرآن الكريم على عتبة شهر رمضان المبارك.
وكتب قديروف ردا على الجنود الأوكرانيين: "هذا هي الفاشية والشيطانية الحقيقية بداخلكم... سأرى كيف تجرؤون على لمس القرآن الكريم، لو كان على الأقل شيشاني أو مسلم بالقرب".
وأضاف: "لن تجرؤوا على ارتكاب هذا العمل التجديفي إذا لم يكن مثل هذا النهج تجاه أمة أجنبية وثقافة ودين أيديولوجية دولتكم... لن أدخر أي جهد وموارد للعثور عليكم ومعاقبتكم! وأدعو الله تعالى أن يعجل بنهايتكم الوشيكة".
كما أدان قديروف بشدة المسلمين الذين يقاتلون في صفوف نظام كييف، وقال: "ما هو شعوركم بأن تكونوا في نفس مرتبة أعداء الله؟ ما المبرر الذي تجدوه لأنفسكم في يوم القيامة؟، لا عذر لكم! ستكونوا ملعونين مثل أولئك الذين تجرأوا واعتدوا على القرآن الكريم".
وينتشر فيديو يوضح عقيدة الجيش الشيشاني المسلم، ومدى انتمائه للأم روسيا وللرئيس فلاديمير بوتين، حيث يظهر الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف، موجها التحية إلى جنوده "السلام عليكم"، فيرد عليه الجنود "وعليكم السلام ورحمة الله".
وخاطب الرئيس الشيشاني جنوده بحماسة شديدة، وأكد لهم أنه يسير على درب والده الرئيس أحمد قاديروف، الذي اختار طريق الله ورسوله حسبما قال قاديروف.
وأضاف ان أوروبا وأمريكا أعلنوا حربا اقتصادية على روسيا، ويحاولون خلق حالة من الفوضي داخلها، إلا أن الشعب الروسي اتحد ووقف خلف الرئيس فلاديمير بوتين، ونؤكد أن الشعب الشيشاني يقف أيضا خلف الرئيس بوتين.
ونحن نعلن أمام العالم كله أننا نقف خلف الرئيس فلاديمير بوتين، ونؤكد أننا سننفذ أية أوامر يصدرها لنا، ونطلب من الرئيس بوتين أن يعتبرنا قوة يمكنه الاعتماد عليها في أي وقت، وأننا جاهزون لحماية روسيا وحدودها، وهذا واجب كرّسنا حياتنا من أجله.
وختم قاديروف خطابه أمام الجنود بجملة "عاشت روسيا وطننا"، ويحيا قائدنا الوطني فلاديمير بوتين… "الله أكبر"… فرد عليه جنوده "الله أكبر".
وكانت صحيفة "إزفيستيا" الروسية ذكرت أنه تقرر منح الجنود المسلمين في الجيش الروسي إجازة خلال أيام عيد الأضحى .
وتلفت الصحيفة إلى أن حصول الجنود الروس من أتباع الديانة الإسلامية على أيام إجازة بمناسبة العيد الإسلامي "عيد الاضحى" يحدث لأول مرة في روسيا .
وأوضحت " إزفيستيا "، استنادا إلى مصادر بوزارة الدفاع الروسية ، أن قيادة القوات والأفرع ستمنح العسكريين الراغبين في ذلك إجازة للاحتفال بعيد الأضحى، لافتة إلى أنه لن يتمكن من الحصول على هذه الإجازة العسكريون الذين يقومون بالمناوبة القتالية أو الذين تصادفت مناوبتهم مع تاريخ ، أول أيام عيد الأضحى المبارك .
إلى ذلك، تحدث مسلمون مقيمون في العاصمة موسكو لموقع "سكاي نيوز عربية"عن أن الشهر الكريم قد تكون أجواؤه أفضل من العامين السابقين، خاصة مع عودة صلاة التراويح في المساجد، ومطاعم الرحمة "موائد الرحمن" نتيجة تخفيف قيود الحركة التي سببتها جائحة كورونا، أما الحرب فهي تجري خارج أراضي روسيا.
وخلال رمضان يحرص المسلمون على أداء الصلاة في المساجد وخاصة التراويح، وتختم المساجد القرآن الكريم على مدار الشهر، والمسلمون يستمرون في أعمالهم دون تغيير في المواعيد.
وتقول الإعلامية المقيمة في موسكو نغم كباس: إن المسلمين في روسيا يحافظون على العادات والتقاليد الإسلامية التي تشبه الموجودة في البلاد العربية، والمملكة العربية السعودية هي مرجعيتهم الدينية.
ولفتت إلى أنه رغم طول مدة الصيام بسبب طول ساعات النهار "إلا أن هذا لم يثنِ عزيمة المؤمنين، وهم يصبرون ويحتسبون".
وعن عادات الإفطار تقول: إنه بعد انتهاء العمل تعود الأسرة للمنزل لتعد الإفطار سويا، في أجواء تشبه البلاد العربية، إلا أنهم يبدأون الإفطار بشرب الحساء وليس العصائر.
وفي موسكو العديد من الجوامع التي يرتادها المسلمون دون أي مضايقات، وفق نغم كباس.
وتضيف أن الجالية المسلمة تحرص على تنظيم إفطار جماعي في المطاعم العربية والتركية المنتشرة في المدن.
وتتوقع ألا تؤثر الحرب في أوكرانيا على أجواء رمضان، لأنها تدور خارج روسيا: "لا أرى أي تغييرات في الحياة اليومية، خصوصا في العاصمة منذ انطلاق العملية العسكرية، باستثناء ارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة".
ويغلب على المائدة الروسية طابع الخضراوات والفواكه، منها "الكمبوت" وهي أكلة مصنوعة من الفواكه المجففة والطازجة، وبعدها يتناول الصائمون سلطات مثل "فينيكريت" و"باتشوبا" و"الفيي"، ثم تأتي الوجبة الرئيسية من اللحوم والأسماك، ومنها أكلة "بيلميني" وتشبه "الشيش باراك" التركي.
وأما المشروب المفضل في رمضان فهو "الكفاس" لقدرته الكبيرة على قهر العطش، وهو شراب تقليدي مثل العرقسوس والتمر والسوبيا والخروب في الدول العربية.
ويحظر بيع المشروبات الكحولية في بعض المناطق خلال الشهر الكريم.
يذكر أن المسلمين في روسيا الاتحادية هي 11% من السكان وهو عدد قليل كباقي الدول الموجود بها المسلمين، ولكن يتوقع ارتفاع عددهم إلى 13% في عام 2030، وفي عام 2050 تصل إلى 17%، أن أغلب المسلمين يوجد في جمهورية باشكورستان وتتارستان في منطقة الفولجا التي تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من روسيا الاتحادية، حيث يتواجد المسلمين في شمال القوقاز، وهي من الدول التي تطل على البحر الأسود وبحر قزوين، بالإضافة إلى أن السكان المسلمين يتواجدون في البلجار وباشكير، وهي من الدول البلجارية التي لها تاريخ عريق منذ القدم.
في حين، أن المسلمين في أوروبا يشكلون نسبة قليلة حتى يومنا هذا، حيث تبلغ نسبة المسلمين في أرمينيا، بيلاروسيا، استونيا وباقي الدول الأوربية التي يغلب عليها الديانات الأخري، نحو 1%، وأن المسلمين في أوكرانيا وكرواتيا وأيرلندا بنسبة 2%، وهي نسبة مرتفعة بالنسبة للدول المجاورة، كما أن عدد المسلمين في لوكسمبورغ وسلوفينيا وإسبانيا بنسبة 4%، وفي إيطاليا وصربيا بنسبة 5%.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة