فى منطقة هادئة نسبيًا على مساحة حوالى 470 فدانا هى حدود القرية العتيقة التى تقع جنوب مدينة الخارجة بمحافظة الوادى الجديد بحوالى 18 كيلومترا، التى تعاقبت عليها الحضارات الإنسانية منذ آلاف السنين، فهى أطلال مدينة سكنية تحتوى على مبان من الطوب اللبن، وبقايا قلعة وبرج للحمام وأسفل المبانى تظهر جبانة محفورة فى هذا الموقع وتتكون المقابر بها من بئر وحجرة دفن أو أكثر، ولم يكن أحد يتصور أنه قبل خلق الإنسان كانت مرتعًا خصبًا للديناصورات والسلاحف النهرية والتماسيح منذ ملايين السنين ولم يكن أحدًا يتصور أنه على أطراف قرية جناح الوادى الجديد ستكون فى أحد الأيام هى مركزًا بالغ الأهمية لأول عملية استكشافات أحفورية لفك لغز فقدان حقبة تاريخية من سلسلة حياة السلاحف أحادية الجانب التى عاصرت الديناصورات منذ 70 مليون سنة.
وتبرز أهمية قرية جناح التاريخية أنها ترجع إلى العصر اليونانى الرومانى وتكمن أهميتها فى أنها إحدى النقاط الهامة على الدرب التجارى القديم المعروف باسم درب الأربعين، والذى استخدمه المسافرون منذ أقدم العصور وحتى الفترات التاريخية الحديثة كممر تجارى يربط ما بين وادى النيل، بداية من محافظة أسيوط، مرورًا بالواحات الخارجة وحتى منطقة دارفور فى السودان، وفى العصر الحديث تمركز سكانها فى منطقة تسمى بعين الديب، وهى مصدر مياه عين زرعت عليها حقول أشجار النخيل وكانت تهاجمها الذئاب لمطاردة الحيوانات الأليفة بالقرية وتم تسميتها بهذا الاسم لهذا السبب تم تغير الاسم إلى قرية جناح حتى الوقت الحالى والتى تنقسم إلى قريتين جناح القديمة والتى هجرها السكان بعد هجوم النمل الأبيض عليها وزحف الرمال عليها فأنشئت الحكومة قرية جديدة للسكان واستوطنوا بها.
وبرزت أهمية قرية جناح بعد قرار محافظة الوادى الجديد على تخصيصها لصالح الجامعة كمنطقة بحث علمى للحفاظ عليها واستكمال البحث العلمى، بعد نجاح فريق بحثى مشترك بين جامعتى الوادى الجديد والقاهره عن اكتشاف سلحفاة نهرية جانبية العنق بمنطقة جناح جنوب شرق مدينة الخارجة بالوادى الجديد وتمت تسميتها خارجاكيليس كايرونيسيس (khargachelys carioensis)، وتسجيلها للمرة الأولى فى مصر وشمال افريقيا بهذا الإسم تيمنا بمدينتى الخارجة والقاهرة والتى يرجع عمرها لاكثر من 70 مليون سنة والتى عاصرت عصر الديناصورات وهذا النوع من السلاحف التى تعيش فى الأنهار والمياه العذبة وهى عبارة عن صدفة شبه كاملة.
وقال الدكتور جبيلى عبدالمقصود أبو الخير، مدير مركز الحفريات الفقارية بجامعة الوادى الجديد، أن هذا الكشف العلمى يغلق الفجوة التاريخية بين الاعمار المختلفة لظهور السلاحف النهرية جانبية العنق والتى اختفت تماما من قارة افريقيا خلال العمر الجيولوجى الكامبانى (70 مليون سنة) التابع للعصر الكريتاسى العلوى حتى تاريخ هذا الاكتشاف لتظهر فى جنوب مصر بمنطقة قرن جناح بالخارجة، التى تعد من المواقع المكتشفة حديثا من قبل مركز الحفريات الفقارية والتى تمثل أحد أهم المواقع التى تحتوى على أعداد كبيرة من السلاحف النهرية والبحرية وكذلك العديد من بقايا الديناصورات والتماسيح المتحفرة والتى يرجع عمرها للعصر الكريتاسى العلوى.
وأكد جبيلى أن هذا العصر شهد التقدم الكبير للبحر التيثى وهو جد البحر المتوسط الحالى وذلك بعد عدة ترددات بسيطة للبحر على جنوب مصر والتى بدأت منذ أكثر من 120 مليون سنة، ثم التراجع بعد ذلك لمسافات كبيرة ناحية الشمال متأثرا بعدة عوامل منها الحركات التكتونية والمناخ القديم، تاركا الفرصة الكبيرة للأنهار القديمة لتكوين الخزان الكبير بجنوب مصر، ثم بدأ بعد ذلك التقدم الكبير للبحر ناحية جنوب مصر وذلك بعد ارتفاع درجة حرارة الأرض نتيجة الاحتباس الحرارى والذى يرجع لزيادة نسبة ثانى أكسيد الكربون فى الجو غطى البحر التيثى معظم الصحراء الغربية فى هذا العصر مكوناً مسطحات مائية ضحلة كبيرة جداً ومستنقعات وبرك تغذيها مصبات الأنهار مكونة مياه شبه عذبة أو شبه مالحة سمحت للعديد من الكائنات الحية العيش بها مثل التماسيح والسلاحف وبعض الأسماك.
وأضاف جبيلى، أن هذه المجموعة متواجدة فى التاريخ الجيولوجى على فترات متفرقة ولم تسجل من قبل فى هذا العصر، ويعد هذا الاكتشاف استكمال للسجلات الاحفورية للسلاحف القديمة فى أفريقيا، مؤكداً على أن تلك المنطقة احيطت بالنباتات الكثيفة التى سمحت لبعض الكائنات الأخرى فى العيش حول تلك المستنقعات مثل الديناصورات بأنواعها المختلفة، وتتمثل تلك الاحداث فى طبقات الطفلة متعددة الألوان والممتدة لمسافات كبيرة بين واحتى الخارجة وباريس وأيضا غرب واحة الخارجة حتى واحة الداخلة.
وأكد مدير مركز الحفريات الفقارية بجامعة الوادى الجديد أن منطقة قرن جناح بجنوب الخارجة تتميز باحتوائها على عدد كبير من أصداف السلاحف النهرية والتى تجمعت بالقرب من بعضها فى تلك المنطقة نظراً لتوافر الظروف المعيشية ووفرة الغذاء بتلك البرك والمستنقعات القديمة، كما تميزت المنطقة باحتوائها على بقايا للتماسيح والديناصورات اكلة العشب والتى عاشت حول تلك المستنقعات والتى انجرف أجزاء منها عبر المصبات النهرية داخل تلك المستنقعات ليسمح له بالحفر داخل طبقات الطين المكونة لتلك المستنقعات الممتدة.
ومن جانبه قال الدكتور محمد قرنى أستاذ الحفريات الفقارية المساعد بقسم الجيولوجيا بكلية العلوم بجامعة القاهرة أن هذا الاكتشاف الجديد للسلحفاة جانبية العنق تعبر عن الأهمية العظمى للصحراء الغربية بمصر لاحتوائها على العديد من حفائر الاحياء الأرضية والبحرية والتى ظهرت بجنوب مصر عن غيرها من باقى دول أفريقيا نظرًا للظروف المناخية الملائمة لوجود تلك الاحياء والتى اختفت فى باقى أجزاء افريقيا خلال هذا العصر.
وأوضح قرنى، أن البحث تم العمل عليه بالتعاون بين كلا من جامعة واسيدا اليابانية وباحث من جامعة أسبانية وجامعة القاهرة وجامعة الوادى الجديد، مؤكداً على أن تلك السلحفاة جانبية العنق المكتشفة حالياً تتميز بطول عنقها وقدرتها على تحركه على الجانبين بدلا من اختفائه داخل الصدفة، هذا بالإضافة إلى قدرتها على المعيشة فى عدة بيئات مثل البرك والمستنقعات والانهار وعلى شواطئ البحار مما زاد من قدرتها على الانتشار الجغرافى فى عدة أماكن بقارات العالم المختلفة.
آثار قرن جناح بالقرية
اثناء رفع الصدفة لأول مرة فى تاريخ شمال إفريقيا
الدكتور جبيلى عبد المقصود مدير مركز الحفريات
بقايا آثار قرية جناح الرومانية
داخل مركز الحفريات بالجامعة
داخل مركز الحفريات جامعة الوادى الجديد
صدفة الحفرية التى تم الكشف عنها
صدفة حفرية السلحفاه المكتشفة
صدفة سلحفاة من عصر الديناصورات
عمل مستمر داخل مركز الحفريات
فريق مركز حفريات الوادي الجديد
قرية جناح الجديدة
مبانى قرية جناح بنظام الأقبية
مدير مركز الحفريات يتحدث عن الاكتشافات
منطقة الآثار الرومانية بقرية جناح
موقع اكتشاف الحفرية بالموقع
موقع كشف الحفرية بقرية جناح الوادي الجديد
نطاق قرية جناح الأثرية