حين شب عبده الحامولى وبدأت وردة مواهبه فى التفتح على يد المعلم شعبان القانونجى زوجه الأخير من ابنته، وقد كان قرارا حكيما من رجل رأى موهبة دافقة تتجلى أمامه وتنذر بشهرة فائقة فى المستقبل غير أنه لم يستمر مع زوجته الأولى فتزوج بعد أربع مرات منها زواجه من ألمظ وهى أشهر زيجاته.
يقول قسطندى رزق فى كتابه الموسيقى الشرقية والغناء العربي فى فصل بعنوان أزواج عبده الخمس: كانت زوجته الأولى منذ ارتفع عن سن الحداثة ابنة المعلم شعبان القانونجي من طنطا، وألمظ الثانية، والثالثة من جهة الأمام الشافعي التابعة لقسم الخليفة خلفت له محمودًا الذي سيأتي الكلام عليه، أما الرابعة فقد رُزق منها بنات فقط كانت إحداهن المدعوة زينب تزوجت من محمد بن محمود القَرَّا حنفي شيخ طائفة الطباخين من ذوي اليسار، طُلقت منه مرة واحدةً، ولما تصالحت مع زوجها أسكنهما عبده معه تأليفًا لقلبيهما وعطفًا على ابنته بداره بالجزيرة الجديدة المشهورة بجزيرة العبيط تبع قسم عابدين التي كانت مسكنه الثاني بعد مسكن حلوان، وتزوج محمد العقاد الكبير من الثانية منهن بعد وفاة والدها، وقد توفاهن الله جميعًا، أما زوجته الخامسة وهي الأخيرة فهي سيدة تركية اسمها جولتار هانم، وهي من أسرة كريمة بينها وبين عائلة المرحوم: أحمد باشا رأفت قرابة، وكان الأخير محافظ الإسكندرية، فمأمور ديوان الخديو إسماعيل. خلفت له محمدًا، وكان حين وفاة والده يبلغ من العمر أربع سنوات ربته أمه تربية حسنة وبعثته بعد إتمام دراسته بمصر إلى ألمانيا ليتعلم الطب، وبعد أخذ الشهادة دخل في خدمة مصلحة الصحة، وله شقيقة واحدة متزوجة في طنطا، وقد نقل الله والدتهما إلى دار كرامته في أواسط شهر مايو سنة 1935 وقد عُين باسيلي بك عريان قيما عليهما حتى بلغا سن الرشد.
محمود ولده
ويروى عن وفاة ابنه محمود: كان محمود أسمر اللون نحيف البدن مربوع القامة ساهم الوجه، ما تعرفت به ليلة زواج المرحوم: يوسف شديد بالزقازيق، وقد مات بالسكتة القلبية، أما فيما يختص بزمن وفاته، فقد اختلفت الرواة فيهم. فمنهم من قال إنه مات ليلة زفافه، ومن قائل إنه مات بعد مرور ستة وعشرين يومًا على زواجه، وما ذهب إليه الثاني هو الأصح الذي لا شك فيه استنادًا إلى ما أستقصيته من أخيه الدكتور محمد الحمولي.
ومما لا يختلف فيه اثنان أن المرحوم والده عندما بلغه الخبر المشئوم بوفاته تمالك وتماسك كأنه طود من الأطواد، وكأني بالحمولي الحمول للنائبات، الجلد على الخطوب والنوازل، وغنى مرتجلاً:
الصبر محمود لمثلي على حبيبي وبعده
والنار في القلب ترعى والرب يلطف بعبده
وغنى مرتجلا أيضًا:
ليه يا عين ليه يا عين
يا حليوة يا نور العين
كبدي يا ولدي يا جميل يا جميل لما
رأيت البدن داب مني
ودمع عيني جرى بعد أن نشف مني
كبدي يا ولدي آه يا جميل يا جميل.
وكثيرا ما كان محمد عثمان ينهاه عن الاستسلام إلى الحزن ويقطع عليه وجهة الابتكار والتصنيف لمثل هذه الأغاني المحزنة؛ محافظة على البقية الباقية من صحته.