قال مرصد الأزهر إن التنظيمات الإرهابية، وخاصة التنظيمات الكبرى ذات النفوذ في القارة الإفريقية كالقاعدة وداعش تسعى لاستغلال معاناة بعض دول القارة مع الصراعات الاجتماعية والمشكلات الاقتصادية والسياسية: كالفقر والفساد والبطالة والصراعات القبلية وتهميش بعض المناطق أو عدم الاهتمام بها معيشيًّا وأمنيًّا كالمناطق الحدودية والمعابر بين الدول؛ في التوسع وفرض السيطرة على مناطق جديدة، مما ينذر بمستقبل محفوف بالمخاطر، في ظل التنافس بين القاعدة وداعش الإرهابيين. فعلى سبيل المثال لم يجد تنظيم داعش شرق إفريقيا الفرصة المناسبة للتوسع لأسباب، أهمها: التحالفات العسكرية على غرار مجموعة شرق أفريقيا (EAC) التي تسيطر بشكل كبير نسبيًّا على الأوضاع في هذه المناطق، خاصة مع نشاط تحالف القوى الديمقراطية الموالي لداعش في دول الكونغو وأوغندا.
ومن الأسباب التي جعلت داعش ينظر للغرب الإفريقي ومنطقة الساحل أيضًا، هو بحثه عن مصادر للتمويل والدعم اللوجيستي، فكلٌّ من داعش والقاعدة ينظران إلى منطقة الساحل على أنها محور رئيس يمهد للسيطرة على معبر غينيا التجاري، والذي يعد منفذًا لتجارة المخدرات بين دول غرب أفريقيا ودول أمريكا اللاتينية، وهناك تقارير تفيد بوجود علاقات وثيقة تربط بين التنظيمات المسلحة، خاصة المتشددة هناك، وتجار المخدرات.
ويرى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن داعش كغيره من التنظيمات الإرهابية ينتهج في استقطابه للعناصر الجديدة منهجَ استغلال الأزمات، فتارة يستغل عمليات الانقلابات العسكرية في بعض البلدان وحالة الفوضى المصاحبة لتلك الانقلابات، وتارة يستغل حالة انعدام الثقة بالدولة، أو يستهدف الفئات المهمشة تعليميًّا وثقافيًّا ويسيطر على عقولهم، وأحيانا كثيرة يستغل حالة الفقر والمجاعات في بعض القرى ومناطق إيواء اللاجئين؛ فيستقطب الكثير من العناصر التي تلهث نحو الحصول على المال من أجل توفير المأكل والمشرب، بل والمأوى، هذا فضلًا عن إستراتيجية تقويض العملية التعليمية واستهداف المدارس من أجل السيطرة على العقول وفرض مقررات ونظام تعليمي يعمل في الأساس على نشر الفكر الداعشي.
ورغم قيام عدد من المبادرات الدولية لمحاربة الإرهاب في إفريقيا، وخاصة في غرب القارة السمراء، فإن المعوقات التي اعترضت عملية القضاء عليه كانت أقوى من تنفيذ تلك الغاية، ومن بين تلك المعوقات: الصراعات القبلية، وانتساب بعض الجماعات المتطرفة لبعض القبائل الإفريقية، وحصر الإرهاب في داعش كتنظيم دموي، واستبعاد بعض التنظيمات المتطرفة الأخرى، كما أن ترامي أطراف المناطق الحدودية وانتشار الغابات والجبال والصحارى، أدى إلى ندرة التواجد الأمني بالمناطق الحدودية مثل: منطقة المثلث الحدودي وبحيرة تشاد والغابات بين الكونغو وأوغندا... إلخ.
وأكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف على أن الحكومات ينبغي عليها القيام بواجباتها تجاه شعوبهم؛ لأن قوة الدولة ومدى استقرارها من الأهمية بمكان، وكلما كانت الدولة مستقرة وقوية اقتصاديًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا وفي شتى الجوانب الحياتية التي تضمن للفرد بيئة سليمة للنمو، كان انتشار التطرُّف بها ضئيلًا، وكانت السيطرة على تلك التنظيمات المتطرفة من السهولة بمكان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة