تهتم منظمة الصحة العالمية بالطب التقليدي، والذى ثبت أن له دور فى علاج العديد من الأمراض على مر السنين، ولا يزال الكثير من الدول تستخدم الطب التقليدي في علاج العديد من الأمراض وقد استخدمته الصين أثناء جائحة كورونا، بل أن العديد من الأدوية تعتمد فى أساسها على الطب التقليدي وأشهرها على الإطلاق الأسبرين وأيضا بعض حبوب منع الحمل وأدوية الملاريا، ونظرا لأهمية الطب التقليدى فقد تم إنشاء أول مركز للطب التقليدى في الهند، وتم عقد اول مؤتمر قمة عالمى حول الطب التقليدى فى الهند اليوم الموافق 17 من أغسطس وتستمر على مدى يومين، فى جانديناجار، جوجارات.
وستكشف القمة، التي تستضيفها حكومة الهند، دور الطب التقليدي والتكميلي والتكاملى فى مواجهة التحديات الصحية الملحة ودفع التقدم فى الصحة العالمية والتنمية المستدامة.
استخدام الطب التقليدى فى العلاج
ويأتى ضمن المشاركون المدير العام لمنظمة الصحة العالمية والمديرين الإقليميين ووزراء صحة مجموعة العشرين والمدعوين رفيعي المستوى من البلدان عبر أقاليم منظمة الصحة العالمية الست، كما يشارك العلماء وممارسو الطب التقليدى والعاملون الصحيون وأعضاء منظمات المجتمع المدني.
سعيا وراء الصحة للجميع..
وقالت منظمة الصحة العالمية في بيان، تكشف القمة طرقًا لتوسيع نطاق التقدم العلمى وإدراك إمكانات المعرفة القائمة على الأدلة فى استخدام الطب التقليدى لصحة الناس ورفاههم فى جميع أنحاء العالم، حيث سيقود العلماء وغيرهم من الخبراء مناقشات تقنية حول البحث والأدلة والتعلم، السياسة والبيانات والتنظيم، الابتكار والصحة الرقمية؛ والتنوع البيولوجي والإنصاف ومعرفة السكان الأصليين.
وأضاف الدكتور تيدروس أدهانوم جيبريسوس، مدير عام منظمة الصحة العالمية، أنه يمكن للطب التقليدي أن يلعب دورًا مهمًا فى تحقيق هدف التغطية الصحية الشاملة وتحقيق الأهداف العالمية المتعلقة بالصحة التى كانت خارج المسار الصحيح حتى قبل الاضطراب الناجم عن وباء كورونا، مضيفا، "إن إدخال الطب التقليدي في التيار الرئيسي للرعاية الصحية بشكل مناسب وفعال وفوق كل شيء، استنادًا إلى أحدث الأدلة العلمية - يمكن أن يساعد فى سد فجوات الوصول لملايين الأشخاص حول العالم، حيث ستكون خطوة مهمة نحو نهج تركز على الناس وشاملة للصحة والرفاهية.
وأضاف، لقد أقر رؤساء الدول والحكومات فى اجتماع الأمم المتحدة رفيع المستوى لعام 2019 بشأن التغطية الصحية الشاملة بالحاجة إلى تضمين خدمات الطب التقليدى والتكميلى المسندة بالبينات ولا سيما فى مجال الرعاية الصحية الأولية، وهى حجر الزاوية فى النظم الصحية، سعياً لتحقيق الصحة للجميع، مؤكدا، اليوم أصبح الطب التقليدى والتكميلي راسخًا في أجزاء كثيرة من العالم، حيث يلعب دورًا مهمًا فى ثقافة وصحة ورفاهية العديد من المجتمعات، فى بعض البلدان، ويمثل جزءًا مهمًا من اقتصاد قطاع الصحة، وبالنسبة لملايين الأشخاص حول العالم فهو المصدر الوحيد المتاح للرعاية الصحية.
وصفات الطب التقليدى
تقدم العلوم في الطب التقليدي..
وتابع :" لقد ساهم الطب التقليدي في اختراق الاكتشافات الطبية ولا يزال يحمل وعدًا كبيرًا، حيث يمكن أن تساعد طرق البحث مثل علم الأدوية في تحديد عقاقير جديدة وآمنة وفعالة سريريًا، في حين أن تطبيق التقنيات الجديدة في الصحة والطب - على سبيل المثال علم الجينوم وتقنيات التشخيص الجديدة والذكاء الاصطناعي - يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للمعرفة على الطب التقليدي."
وأضاف :" وسط التوسع في استخدام الطب التقليدي في جميع أنحاء العالم، تظل السلامة والفعالية ومراقبة الجودة للمنتجات التقليدية والعلاجات القائمة على الإجراءات من الأولويات المهمة للسلطات الصحية والجمهور، لا يعني الطبيعي دائمًا أنه آمن، ولا تعد قرون من الاستخدام ضمانًا للفعالية، لذلك، يجب تطبيق الطريقة والعملية العلمية لتقديم الأدلة الصارمة المطلوبة للتوصية بالأدوية التقليدية في الدلائل الإرشادية لمنظمة الصحة العالمية."
وأشار إلى إنه يجب أن يخضع تقدم العلوم في الطب التقليدي لنفس المعايير الصارمة كما هو الحال في مجالات الصحة الأخرى.
وستقدم منظمة الصحة العالمية النتائج الناشئة من المسح العالمي الثالث للطب التقليدي، والذي يتضمن، لأول مرة، أسئلة حول تمويل الطب التقليدي والتكميلي، وصحة الشعوب الأصلية، وضمان الجودة، ومعرفة الطب التقليدي، والتنوع البيولوجي، والتجارة، والتكامل وسلامة المرضى والمزيد..
ويعد توحيد توثيق حالة الطب التقليدي وترميزها في نظام المعلومات الصحية الروتيني شرطًا مسبقًا للإدارة والتنظيم الفعال للطب التقليدي في أنظمة الرعاية الصحية، وهذا يشمل النظر في الأشكال ومعدلات الإصابة والنتائج المرتبطة بالرعاية الصحية للطب التقليدي، ستكون القمة فرصة لعرض تجارب البلدان، واستكشاف الاتجاهات الإقليمية ومناقشة أفضل الممارسات، بما في ذلك في تنفيذ فصل الطب التقليدي في أحدث تصنيف دولي للأمراض.
وسيقوم المشاركون في القمة بدراسة نظرة عامة عالمية للسياسات والمناظر الطبيعية والقانونية والتنظيمية، الهياكل والسياسات الرسمية لجمع البيانات وإنشاء أنظمة لإدارة المعلومات، تقييم البرامج التعليمية والتدريبية لتنمية القوى العاملة في الطب التقليدي وخبراتهم وأفضل الممارسات المتعلقة بتدريب ممارسي الطب التقليدي واعتمادهم وتنظيمهم، والتي يمكن أن تعزز بشكل كبير سلامة المرضى وتقليل ضرر المريض في تقديم خدمات الطب التقليدي.
استخدام الطب التقليدى فى علاج الامراض
ستركز المناقشات فى القمة على الآفاق المتزايدة للأنشطة الاقتصادية العالمية المتعلقة بالطب التقليدى، والابتكارات القائمة على المعرفة للسكان الأصليين فى مجال الرعاية الصحية، وتطبيق قوانين ولوائح الملكية الفكرية، واستخدام وتعزيز طب السكان الأصليين وطب الأجداد من خلال الحوارات بين الثقافات لدعم صحة المجتمع.
وأكد الدكتور مدير عام منظمة الصحة العالمية، أنه بالنسبة للعديد من الملايين من الناس حول العالم، يعتبر الطب التقليدى هو المنفذ الأول لعلاج العديد من الأمراض، مضيفا، "إن ضمان حصول جميع الأشخاص على العلاج الآمن والفعال هو جزء أساسي من مهمة منظمة الصحة العالمية، وسيساعد هذا المركز الجديد على تسخير قوة العلم لتقوية قاعدة الأدلة الخاصة بالطب التقليدي، أنا ممتن لحكومة الهند على دعمها، ونتطلع إلى إنجاحه".
وأضاف، يصف مصطلح الطب التقليدي المجموع الكلى للمعارف والمهارات والممارسات التى استخدمتها الثقافات الأصلية والمختلفة بمرور الوقت للحفاظ على الصحة والوقاية من الأمراض الجسدية والعقلية وتشخيصها وعلاجها، يشمل انتشارها الممارسات القديمة مثل الوخز بالإبر وطب الأيورفيدا والخلطات العشبية بالإضافة إلى الأدوية الحديثة.
الطب التقليدى
وقال هارولد فارموس، الحائز على جائزة نوبل ورئيس مجلس العلوم بمنظمة الصحة العالمية، للقمة عبر رابط فيديو، "نحن بحاجة إلى مواجهة حقيقة مهمة للغاية في الحياة الواقعية وهي أن الأدوية التقليدية تستخدم على نطاق واسع للغاية".
وأضاف، إنه من المهم أن نفهم ما هي المكونات الموجودة بالفعل في الأدوية التقليدية، ولماذا تعمل في بعض الحالات، والأهم من ذلك، نحن بحاجة إلى فهم وتحديد الأدوية التقليدية التي لا تعمل.
من المقرر أن تصبح القمة حدثًا منتظمًا، بعد افتتاح المركز العالمى للطب التقليدى التابع لمنظمة الصحة العالمية في العام الماضى، أيضًا في ولاية جوجارات الهندية.
عدم وجود رقابة تنظيمية..
في حين أن الأدوية التقليدية تستخدم على نطاق واسع في بعض أنحاء العالم، فإنها تواجه أيضًا انتقادات شديدة.
وأوضح فارموس :" لقد ارتفع استخدام العلاجات المنزلية خلال جائحة كورونا، بما في ذلك مشروب عشبي أخضر يعتمد على الأرطماسيا والذي روج له رئيس مدغشقر كعلاج، لقد أثبت النبات فعاليته في علاج الملاريا، لكن استخدامه لمكافحة كورونا كان موضع انتقاد على نطاق واسع من قبل العديد من الأطباء، للطب التقليدي في الصين، تاريخ مميز، لكن الهيئات الطبية الأوروبية الكبرى طلبت في السابق إخضاعه لنفس الإشراف التنظيمي مثل الطرق الطبية التقليدية."
وقال رئيس البحوث في منظمة الصحة العالمية جون ريدر في بيان "يجب أن يخضع التقدم العلمي في الطب التقليدي لنفس المعايير الصارمة كما هو الحال في مجالات الصحة الأخرى".
وأوضح الدكتور جون ريدر، مدير البرنامج الخاص للبحوث والتدريب في أمراض المناطق المدارية في منظمة الصحة العالمية مدير قسم البحوث الصحية، تكشف القمة بحث وتقييم الطب التقليدي، بما في ذلك المنهجيات التي يمكن استخدامها لتطوير جدول أعمال بحثي عالمي وأولويات الطب التقليدي، بالإضافة إلى التحديات والفرص على أساس 25 عامًا من البحث في الطب التقليدي، سيتم تقديم النتائج المستخلصة من المراجعات المنهجية للطب التقليدي والصحة، وخرائط الأدلة للفعالية السريرية، وخريطة البحث العالمية للذكاء الاصطناعي حول الطب التقليدي.
إن وجود قاعدة أدلة أقوى سيمكن البلدان من تطوير آليات مناسبة وإرشادات سياسية للتنظيم وضمان مراقبة الجودة ومراقبة ممارسات الطب التقليدي والممارسين والمنتجات، وفقًا للسياقات والاحتياجات الوطنية.
من بين الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية البالغ عددها 194 دولة، اعترفت 170 دولة باستخدامها للطب التقليدي والتكميلي منذ عام 2018، لكن 124 دولة فقط أفادت بأن لديها قوانين أو لوائح لاستخدام الأدوية العشبية - بينما كان لدى نصفها فقط سياسة وطنية بشأن مثل هذه الأساليب والأدوية.
وقالت منظمة الصحة العالمية : "الطبيعي لا يعني دائمًا أنه آمن، ولا تعد قرون من الاستخدام ضمانًا للفعالية لذلك، يجب تطبيق الطريقة العلمية والعملية لتقديم الأدلة الدقيقة المطلوبة".
وكانت منظمة الصحة العالمية قد وقعت مع حكومة الهند اتفاقية لإنشاء مركز منظمة الصحة العالمية العالمي للطب التقليدي، يهدف مركز المعرفة العالمي للطب التقليدي، المدعوم باستثمار بقيمة 250 مليون دولار أمريكي من حكومة الهند، إلى تسخير إمكانات الطب التقليدي من جميع أنحاء العالم من خلال العلوم والتكنولوجيا الحديثة لتحسين صحة الناس وكوكب الأرض.
يقدر أن حوالي 80% من سكان العالم يستخدمون الطب التقليدي، حتى الآن، أبلغت 170 دولة من أصل 194 دولة عضو في منظمة الصحة العالمية عن استخدام الطب التقليدي، وقد طلبت حكوماتهم دعم منظمة الصحة العالمية في إنشاء مجموعة من الأدلة والبيانات الموثوقة حول ممارسات ومنتجات الطب التقليدي.
وقال ناريندرا مودي، رئيس وزراء الهند، إن الاتفاقية بين الهند، ومنظمة الصحة العالمية لإنشاء WHO- في جامناجار، وجوجارات، هي مبادرة جديرة بالثناء، من خلال المبادرات المختلفة، كانت حكومتنا بلا كلل في سعيها لجعل الرعاية الصحية الوقائية والعلاجية ميسورة التكلفة ومتاحة للجميع، قد يساعد المركز العالمي في جامناجار في تقديم أفضل حلول الرعاية الصحية للعالم، موضحا، إن الطب التقليدي هو أيضا مكان بارز بشكل متزايد في عالم العلم الحديث.
وأضاف، إن حوالي 40% من المنتجات الصيدلانية المعتمدة المستخدمة اليوم مستمدة من مواد طبيعية، مما يبرز الأهمية الحيوية للحفاظ على التنوع البيولوجي والاستدامة، على سبيل المثال، اعتمد اكتشاف الأسبرين على تركيبات الطب التقليدي باستخدام لحاء شجرة الصفصاف، وتم تطوير حبوب منع الحمل من جذور نباتات اليام البرية، واستندت علاجات سرطان الأطفال إلى وسائل طبيعية، وبدأ البحث الحائز على جائزة نوبل حول مادة الأرتيميسينين لمكافحة الملاريا بمراجعة نصوص الطب الصيني القديم، كان هناك تحديث سريع للطرق التي يتم بها دراسة الطب التقليدي، يستخدم الذكاء الاصطناعي الآن لرسم خريطة للأدلة والاتجاهات في الطب التقليدي وللفحص المنتجات الطبيعية للخصائص الدوائية، يستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لدراسة نشاط الدماغ واستجابة الاسترخاء التي تعد جزءًا من بعض علاجات الطب التقليدي مثل التأمل واليوجا، والتي يتم الاعتماد عليها بشكل متزايد للصحة العقلية والرفاهية في الأوقات العصيبة.
وأوضح:" بالإضافة إلى ذلك، تم تحديث استخدام الطب التقليدي أيضًا من خلال تطبيقات الهاتف المحمول والفصول عبر الإنترنت وغيرها من التقنيات، لقد تم إنشاء مركز منظمة الصحة العالمية الجديد في جامناجار بالهند، بينما سيكون جامناجار بمثابة المحور، يتم تصميم المركز الجديد لإشراك جميع مناطق العالم، وسيركز على بناء قاعدة أدلة قوية للسياسات والمعايير المتعلقة بممارسات ومنتجات الطب التقليدي ومساعدة البلدان على دمجها حسب الاقتضاء في أنظمتها الصحية وتنظيم جودتها وسلامتها لتحقيق التأثير الأمثل والمستدام."
وأضاف :"يركز المركز الجديد على 4 مجالات استراتيجية رئيسية: الدليل والتعلم، البيانات والتحليلات، الاستدامة والإنصاف، والابتكار والتكنولوجيا لتحسين مساهمة الطب التقليدي في الصحة العالمية والتنمية المستدامة."
