أعلن علماء الآثار الإنجليز، اكتشاف رفات فتاة مراهقة مدفونة منذ أوائل العصور الوسطى، والتى كانت ظروف دفنها غير عادية للغاية، مما يوحى بأنها ربما عاشت حياة مأساوية.
فى كمبريدجشير بالقرن التاسع، عندما كان المجتمع يستعد للتخلى عن مستوطنته، أزالوا بوابة الدخول المتقنة واستبدلوها بقبر، وكان فيه رفات شابة تبلغ من العمر 15 عامًا فقط، مدفونة ووجهها لأسفل فى حفرة، وربما كان كاحليها مربوطان ببعضهما البعض، ويقول التقرير الذى نشره موقع "medievalists"، "يعطينا هذا القبر غير العادى نظرة ثاقبة لممارسة الدفن النادرة فى العصور الوسطى المبكرة، وربما حتى المواقف المعاصرة تجاه أولئك الأشخاص داخل المجتمع الذين تم اعتبارهم مختلفين".
العثور على رفات فتاة مقيدة في بريطانيا من العصور الوسطي
تم العثور على المرأة الشابة من قبل علماء الآثار فى مستوطنة من العصور الوسطى المبكرة بالقرب من قرية كونينجتون فى كامبردجشاير، وهى جزء من الطرق السريعة الوطنية A14 Cambridge to Huntingdon Improvement Scheme ، حيث أجريت أعمال التنقيب بين عامى 2016 و2018، وتمت دراسة بقاياها الآن من قبل الخبراء، بينما جزء من التحليل المستمر بواسطة MOLA-Headland Infrastructure (MHI) ، يجعل علماء الآثار بإمكانهم الآن البدء فى سرد قصتها.
أضاف التقرير: "على الرغم من أن ممالك إنجلترا كانت مسيحية بحلول القرن التاسع، إلا أن الدفن فى مقابر مرتبطة بالكنائس لم يكن هو القاعدة، ولم تكن إنجلترا فى العصور الوسطى المبكرة قد حددت تقاليد الدفن، ومع ذلك، كان أحد الجوانب الثابتة للدفن فى هذه الفترة هو الجسد الذى يتم ترتيب وجهه لأعلى، وكون هذه الفتاة مدفونة ووجهها لأسفل فى حفرة، فإنها مختلفة".
كشف تحليل بقاياها من قبل أطباء العظام فى وزارة العمل (خبراء العظام البشرية)، عن دليل على سوء التغذية فى مرحلة الطفولة، حيث كانت تعانى أيضًا من مرض مفصل العمود الفقرى، وقد تفاقم بسبب القيام بأعمال يدوية شاقة منذ صغرها، وكل هذا يشير إلى أنها كانت ذات مكانة اجتماعية متدنية، لكن لا نعرف بالضبط كيف ماتت، لكن بسبب عمرها، ومع عدم ظهور بقاياها أى دليل على مرض طويل وخطير، ربما ماتت فجأة أو بشكل غير متوقع.
رفات فتاة تعود للقرون الوسطي في بريطانيا
الحفرة التى دفنت فيها الشابة كانت تحتوى سابقًا على عمود خشبى كبير، وهو جزء من بوابة دخول السياج، والذى تم إزالته مع انتهاء استخدام المستوطنة، وفى حين أن إعادة استخدام هذه الحفرة الكبيرة كمقبرة كان من الممكن أن تكون انتهازية بحتة، فإن وضع الوجه لأسفل للجسد يشير إلى أن الموقع له أهمية أكبر بكثير وله أوجه تشابه مع مدافن أخرى غير عادية فى العصور الوسطى المبكرة.
ويشير التقرير إلى أنه "يبدو أن الحدود قد تم حجزها لمدافن كبيرة أو غير عادية فى إنجلترا فى العصور الوسطى المبكرة، وعلى بعد حوالى 30 ميلاً فى هيغام فيريرز فى نورثهامبتونشاير، دفنت امرأة ووجهها لأسفل فى خندق حدود المستوطنة، كان تاريخ دفنها فى أواخر القرنين الثامن والتاسع، ومثلما حدث فى كونينجتون، فقد حدث ذلك بالقرب من انتهاء فترة استخدام المستوطنة، فقد هذا الشخص ذراعيه ورأسه ورقبته ورابع قطنى، وتم تفسيره على أنه ضحية إعدام".
يُعتقد أن دفن الفتاة المكتشف رفاتها حديثًا، ووجهًا لأسفل كان تعبيرًا اجتماعيًا عن "الآخر"، وهى ممارسة دفن مخصصة للأشخاص الذين تم اعتبارهم خارج مجتمع العصور الوسطى المبكرة، وهذا يشمل أولئك الذين بدوا أو تصرفوا بشكل مختلف عن بقية المجتمع، وأولئك الذين يعانون من وضع اجتماعى متدنى، وكذلك الأفراد الذين عانوا من حالات وفاة عنيفة أو غير متوقعة.
تصوؤ لإعادة بناء بوابة العصور الوسطى المبكرة في كونينجتون
وتابع التقرير: "يوفر هذا الدفن فرصة مثيرة للاهتمام، وإن كانت مأساوية، لمشاهدة حقائق الحياة والموت، لأولئك الذين يُنظر إليهم على أنهم غرباء فى الماضى"، فيما يوضح دون ووكر، كبير أخصائيى طب العظام البشرى فى وزارة MOLA، أنه: "ربما لن نعرف أبدًا بالضبط كيف كان المجتمع الذى نشأت فيه، ينظر إلى هذه المرأة الشابة، ولكن الطريقة التى دفنت بها تخبرنا أنه كان من شبه المؤكد أن ينظر إليها على أنها مختلفة.. وربما عكست طقوس دفنها طبيعة وفاتها أو هويتها الاجتماعية أو هوية عائلتها، بالإضافة إلى دفنها ووجهها لأسفل على الحدود، يشير موضع كاحليها إلى أنه ربما تم ربطهما معًا.. وهذا يعنى أن المجتمع اتخذ تدابير إضافية لضمان عدم قدرتها على العودة من القبر".
تشير الدلائل إلى أن الدفن ربما كان أحد الأعمال الأخيرة للمجتمع، وأظهر التأريخ بالكربون المشع أن الشابة توفيت بين عامى 680 و880 بعد الميلاد (أواخر القرنين السابع إلى التاسع)، بينما كشفت الأعمال الأثرية فى الموقع أن جميع الأنشطة فى المستوطنة انتهت خلال القرنين الثامن والتاسع.
فيما يشير اسم المستوطنة Conington (حرفياً. King's Town) إلى أنها كانت تعمل كواحدة من "المراكز الإدارية" العديدة لملوك Mercian، ومن المحتمل أنه تم التخلى عنها عندما بدأت مملكة مرسيا تفقد قوتها فى أوائل القرن التاسع، وإذا كان دفنها معاصرًا لنهاية المستوطنة، لكان من الممكن أن يكون إغلاقًا رمزيًا نهائيًا للموقع.