"أيام فى مكتبة موريساكى".. الرواية الأولى للكاتب اليابانى ساتوشى ياجيساوا، تعد من روائع الأدب اليابانى، فازت بجائزة تشيودا للأدب فى عام 2008، وحققت نجاحًا كبيرًا فى اليابان، وباعت أكثر من 100 ألف نسخة، وتحولت إلى فيلم سينمائى، ووصفت بأنها ساحرة وتحتوى على رسائل ذات معنى، على الرغم من أنها شخصياتها وصفت بـ"الساذجة"، وبعد مرور 15عاما على صدورها، أعادتها الترجمة إلى اللغة الإنجليزية لتتصدر المشهد، بعدما قوائم الكتب الأكثر مبيعًا فى المكتبات المستقلة، وقوائم القراءة على الشواطئ.
على الرغم من أن ساتوشى ياجيساوا لم ينشر سوى ثلاث روايات، روايتان بعنوان "مقهى تورونكا"، و"إذا عشت معك" إلا أنهما لم يحققا له نفس النجاح الذى حققته روايته الأولى "أيام فى مكتبة موريساكي"، ففى هذه الرواية يروى "ياجيساوا" قصة بلوغ سن الرشد وصدمة اكتشاف الذات من خلال الكتب.
تدور أحداث الرواية فى "جيمبوتشو"، وهو حى طوكيو الشهير الذى يضم المكتبات المستعملة، حوالى 130 مكتبة، ويتحول الراوي، وهى "تاكاكو"، من شخص لا يحب القراءة إلى دودة كتب تلتهم أعمال الأدب الياباني. وتقرأ لاعظم المؤلفين، بما فى ذلك كافو ناجاي، وجونيتشيرو تانيزاكي، وأوسامو دازاي، وريونوسوكى أكوتاجاوا.
ساتوشي ياجيساوا
"أيام فى مكتبة موريساكي" تبدأ الأحداث عندما تكتشف "تاكاكو" أن زوجها يخونها فتنهار حياتها. ويعرض عمها الشغوف، الذى يمتلك مكتبة، أن يستضيفها، وعلى الرغم من تردد "تاكاكو" فى البداية، فإن عملية إقامة علاقات مع سكان جيمبوتشو وقضاء الوقت فى المتجر تعيدها إلى الحياة. فنراها وهى تستجمع شجاعتها لمواجهة زوجها السابق، وقوتها لمساعدة عمها فى التعامل مع مشاكله الخاصة. على الرغم من أن "تاكاكو" بدأت كفتاة منغمسة فى نفسها وغير ناضجة إذ تبلغ من العمر 25 عامًا، إلا أنها تنمو بسرعة فائقة لتصبح شخصًا قادرًا ليس فقط على دعم نفسها ولكن أيضًا مد يد العون للآخرين.
إن احتضان "تاكاكو" للكتب والتواصل الإنسانى هو ما ينقذها. بهذه الطريقة، صاغ "ياجيساوا" فى روايته البديعة تلك الدعوة العاطفية، لكل قارئ بأن يكون على استعداد لقبول المساعدة وأن يكون مفيدًا لغيره بدوره.
يقول مترجم الرواية إلى الإنجليزية إريك أوزاوا: "يستحضر ياجيساوا هذا العالم بروح الدعابة والحماس التى يتمتع بها الشخص المطلع.. ما يصوره ياجيساوا بشكل جيد للغاية هو أجواء المكتبة وعملائها الدائمين الذين يأتون للدردشة بقدر ما يريدون شراء شيء ما، ورائحة الكتب القديمة، وألواح الأرضية التى تصدر صريرًا، والغبار الموجود فى الهواء الذى يلتقط الضوء فى وقت متأخر من بعد الظهر".
يثير الكاتب أيضًا مشاعر قوية سيدركها أى محب للكتب: متعة العثور على مقطع تحته خط فى كتاب مستعمل، أو أوصاف المشاعر المعقدة التى تنقلك إلى الابتهاج أو الدموع على حدٍ سواء.
رواية أيام فى مكتبة موريساكي
إن تركيز المؤلف على الكتب اليابانية، والتى لا يزال الكثير منها غير مترجم، يشكل حاجزًا ثقافيًا محتملاً أمام القراء. يشرح المترجم أوزاوا قائلاً: "يتعامل ياجيساوا مع جميع الكتاب بلمسة خفيفة، أحيانًا يصف الكتب ككل بشكل عابر، وفى أحيان أخرى يقتبس فقط سطرًا أو سطرين.. لقد وجدت صعوبة فى موازنة أصوات المؤلفين الآخرين مع سياقهم الجديد فى هذه الرواية، مع العلم أن قراء الترجمة قد لا يكونون على دراية بالنسخ الأصلية.
تثير الرواية نوعا من الحنين الحالم، ربما لأنها كتبت فى الأصل قبل أكثر من عقد من الزمان. تعيش "تاكاكو" فى عالم ترحيبى حيث يتمكن الناس من إقامة علاقات مع الغرباء بمجرد التجول فى مكتبة والذهاب إلى مقهى. إنه عالم يمكن فيه لقريب مفقود منذ زمن طويل أن يتواصل بالحب واللطف أن يستعيد إنسانية الشخص. هناك روح رومانسية لهذه الرواية متفائلة ومألوفة، ولكنها أيضًا بعيدة المنال.