مجددا، دخل دونالد ترامب التاريخ، هذه المرة بصورة ولكنها ليست صورة عادية، وإنما صورة جنائية تم التقاطها له بعد أن قام بتسليم نفسه لسجن فولتون بولاية جورجيا على خلفية الاتهامات التى يواجهها مع 18 آخرين فيما يتعلق بمساعى قلب نتائج الانتخابات الرئاسية فى الولاية عام 2020.
وأصبح ترامب أول رئيس أمريكى على الإطلاق تلتقط له صورة جنائية، على الرغم من أن لائحة الاتهام فى تلك القضية هى الرابعة له هذا العام. وقالت وكالة أسوشيتدبرس إن الصورة ستظهر فى كتب التاريخ بعد أن يرحل ترامب.
وقال مارتى كابلان، الأستاذ فى كلية الإعلام بجنوب كاليفورنيا، إن الصورة ستظل إلى الأبد جزء من الصور الإيقونية للعيش فى هذا العصر.
وفى الصورة يواجه ترامب الكاميرا أمام خلفية رمادية خفيفة وتلتقى عيناه بالعدسة فى وهج شديد، ويرتدى الرئيس السابق بدلة زرقاء وقميصا أبيض وربطة عنق حمراء وكتفيه مربعتان ورأس مائل قليلا نحو الكاميرا.
من ناحية أخرى، ابتسم بعض المتهمين الآخرين فى القضية أثناء التقاط صورهم الجنائية كما لو كانوا يلتقطون صورا للكتب الدراسية. لكن ترامب لم يكن كذلك، بل كان تحديه واضحا، كما لو كان يحدق فى عدو من خلال العدسة.
وأصبح الرئيس السابق للولايات المتحدة النزيل رقم P01135809. وتقول أسوشيتدبرس إنه من غير المرجح أن يتعامل ترامب مع صورته الجنائية كلحظة للشعور بالعار مع سعيه لفترة رئاسية ثانية فى البيت الأبيض فى الوقت الذى يواجه فيه اتهامات جنائية فى أربع قضيا. وقد سجلت حملته ارتفاعا فى المساهمات المالية لا فى كل مرة يواجه فيه اتهاما.
وكشف السجل الجنائي لترامب فى سجن فولتون عن بعض المعلومات الشخصية الخاصة بالرئيس مثل وزنه وطوله.
وبحسب ما ذكر موقع أكسيوس، فإن سجل السجن شمل قائمة الاتهامات التى يواجهها ترامب فى لائحة الاتهام الرابعة ضده هذا العام، ويوثق طوله عن 6 أقدام و3 بوصة، أى حوالى 190 سم، ووزنه عند 215 رطلا، بما يعادل 97 كيلوجرام. ويصف شعره بالأشقر أو الفراولة. وكانت طبيب البيت الأبيض لترامب قد أشار فى عام 2020 إلى أن وزن ترامب 244 رطلا.
تم إطلاق سراح ترامب بكفالة قدرها 200 ألف دولار بعد أن وافق على فرض قيود على استخدامه لوسائل التواصل الاجتماعى، بما فى ذلك عدم ترهيب المتهمين معه أو أى شهود آخرين فى القضية الخاصة بمحاولة قلب نتائج انتخابات الرئاسة فى ولاية جورجيا عام 2020.
ويواجه ترامب و18 آخرين اتهامات بالمشاركة فى مخطط جنائى واسع بمحاولة قلب خسارته فى الانتخابات الرئاسية فى ولاية جورجيا. وتم توجيه الاتهامات فى 14 أغسطس الجارى، ومنذ هذا الوقت، دخل المتهمين الآخرين فى مفاوضات لاتفاقيات إطلاق سراح وتسليم أنفسهم فى أتلانتا لالتقاط الصورة الجنائية وأخذ بصماتهم وإتمام الإجراءات فى سجن مقاطعة فولتون.
وسبق لعشرة متهمين آخرين في هذه القضية أن سلموا أنفسهم في هذا السجن، وقد أطلق سراح جميعهم بكفالة، وآخرهم كبير الموظفين السابق في البيت الأبيض مارك ميدوز الذي دفع كفالة بقيمة 100 ألف دولار وخرج.
وهناك متهم وحيد في هذه القضية أُبقي خلف القضبان بعد أن سلم نفسه، هو هاريسون فلويد وقد احتُجز لأنه لم يبرم مع القضاء بصورة مسبقة اتفاقا لدفع كفالة مقابل إطلاق سراحه.
وظل ترامب في السجن لنحو 20 دقيقة فقط، حيث أنهى خلالها الإجراءات الإدارية سريعا، قبل أن يدفع الكفالة ويغادر تحت حراسة أمنية مشددة.
وخلال تسليم نفسه، قال ترامب: "هذا يوم حزين لأمريكا. يجب أن تكون لديك القدرة على تحدي الانتخابات. كانت انتخابات مزورة ومسروقة. ما حدث هنا هو مهزلة وأنا لم أرتكب أي خطأ في هذه القضية والقضايا الأخرى. ما يحدث هو تدخل في الانتخابات".
وعلقت صحيفة الجارديان البريطانية على تسليم ترامب نفسه،وذكرت الصحيفة أنه على الرغم من أن هذه سابقة تاريخية، بتصوير جنائى لرئيس أمريكى سابق أو فى المنصب، إلا أنها لن تضر ترامب سياسيا.
وقالت الجارديان إن استسلام ترامب، ومثل كل ما يفعله تقريبا، كان مدبرا ليكون مشهودا. فقد حدد وقت تسليم نفسه عمدا فى السابعة والنصف مساء بتوقيت شرق أمريكا لتعظيم التغطية الإخبارية. وتواجد الصحفيون خارج السجن طوال يوم الخميس فى ظل ارتفاع درجات الحرارة، بينما تجمع أنصار ترامب للتظاهر. وكان هناك تغطية إخبارية شاملة لموكب ترامب ووصوله إلى السجن.
وفى حين أن السياسيين عادة يسعون لصرف الانتباه عن مشكلاتهم القانونية الجنائية، إلا أن ترامب احتضنها بإعلان موعد تسليم نفسه.
وقالت الجارديان إن اللحظة الراهنة تبدو وكأنه نهاية لفصل التحقيق فى جهود ترامب لقلب هزيمته فى انتخابات 2020 ، وبداية للفصل القادم المتمثل فى محاكماته سعيا لإدانته.
لكن يظل من الخطأ افتراض أن الصورة الجنائية ومشهد تسليم ترامب لنفسه فى السجن سيضر الرئيس السابق سياسيا. لكن بدلا من ذلك، فإنه سيسفر على الأرجح عن ترسيخ الدعم له من قبل هؤلاء الذين يؤيدون ترامب ويعتقدون أنه يتعرض لملاحقة.
وتابعت الجارديان قائلة إن ترامب، عندما كان رئيسا وكمرشح حاليا، جعل سياسة المظالم والشعور بالاضطهاد والظلم أمرا أساسيا فى هويته السياسية. ويستخدم ترامب لوائح الاتهام ضده بالفعل لحشد أنصاره. وعندما سلم نفسه فى نيويورك فى وقت سابق هذا العام، تنازل المسئولون عن تصويره جنائيا، لكن سرعان ما أصدرت حملة ترامب صورة مزيفة وبدأت فى جمع التبرعات باستخدامها.