في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد العالمي جراء تداعيات الصراع في أوكرانيا، تبدو ظاهرة التغير المناخي هي الأخرى أحد أكبر المعوقات أمام حركة التجارة الدولية ما يترتب عليه أزمات كبيرة وعميقة، طالت سلاسل التوريد وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة وغيرها، خاصة مع اندلاع موجات من الجفاف في العديد من مناطق العالم.
وتسببت موجات الجفاف الشديدة حول العالم في تعقيد إمدادات سلاسل التوريد وزيادة أسعار الغذاء والطاقة، مما يزيد الضغط على نظام التجارة العالمى.
وتعتبر قناة بنما ركيزة أساسية فى الاقتصاد العالمى، ويرجع ذلك إلى أنها بمثابة حلقة وصل بين محيطين أحدهما يمر عبره ما يقرب من 6% من التجارة العالمية و40% من الحاويات الأمريكية، وهو ما يعنى عبور أكثر 12 الف سفينة كل عام لنقل البضائع إلى أكثر من 160 دولة، لكن قناة بنما تشهد أزمة لا مثيل لها بسبب الجفاف ونفاذ المياه بها مما أدى إلى تراكم طابور من القوارب فى انتظار التمكن من استخدام القناة، حسبما قالت صحيفة "لا سيكستا" الإسبانية.
ووصل ازدحام السفن فى المنطقة إلى حد أن شركات الشحن تدفع بالفعل ملايين الدولارات لتخطي الخط وعبور القناة، ووفقا لبعض الشركات فإن هيئة قناة بنما تنظم مزادات لأولئك الذين يرغبون فى تجنب الطوابير، وعادة أعلى العروض تأتى من ناقلات النفط المسال والغاز الطبيعى المسال، وأصبحت الرسوم العادية لعبور القناة خارج المزاد تبلغ بالفعل 400 ألف دولار.
وتخشى سلطات بنما من أن يبحث أصحاب السفن عن طرق أخرى بديلة بسبب حالة عدم اليقين بشأن إمكان المرور عبر القناة.
وفى أوروبا، تسبب انخفاض منسوب الأنهار في خفض توليد الطاقة الكهرومائية في جميع أنحاء القارة، مما أثر على مصدر بديل رئيسي للغاز الطبيعي الروسي، وفى فرنسا تسبب ارتفاع درجات الحرارة في خفض إنتاج لعديد من المفاعلات النووية لأن مياه النهر التي تبرد تلك المفاعلات أصبحت "دافئة للغاية".
ويقول كبير الاقتصاديين الأوروبيين في مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" في لندن، أندرو كينينجهام، "كل شيء يضر بألمانيا أكثر من أي مكان آخر".
وفى الصين، أعلنت السلطات عن جفاف في ست مناطق قضائية على مستوى المقاطعات التي شكلت مجتمعة ربع إنتاج الحبوب في الصين العام الماضي.
وفى السياق نفسه، تعانى قارة أمريكا اللاتينية منذ عام 2022 موجة جفاف شديدة، حيث أثرت على القطاع الزراعى والثروة الحيوانية، لكن ما أثار القلق مؤخرا هو مواجهة بحيرة تيتيكاكا، وهي أعلى بحيرة صالحة للملاحة في العالم ومصدر حياة لمجتمعات أيمارا في المرتفعات البوليفية، تهديدًا خطيرًا من الاحتباس الحراري والجفاف المستمر.
وأعلنت السلطات البوليفية حالة الطوارئ بسبب الانخفاض الحاد في منسوب المياه، ما أثر على نمط حياة أولئك الذين يعتمدون على مياهها، حسبما قالت صحيفة التيمبو التشيلية فى تقرير لها نشرته على موقعها الإلكترونى.
وتواجه بحيرة تيتيكاكا انحسارا للمياه إلى مستويات تنذر بالخطر، وقال الخبراء إن تغير المناخ المتسارع من قبل الإنسان لعب دورًا حاسمًا في هذه الأزمة، حيث ظهرت ظواهر طبيعية مثل النينيا والنينو في وقت مبكر بشكل غير عادي واشتدت حدتها، وهو ما سيؤثر سلبا على المنطقة بأكملها، حيث أنها تعتمد على الزراعة والثروة الحيوانية ، ونقص المياه سيؤثر على هذه القطاعات مما سيؤدى إلى أزمة اقتصادية كبيرة ومجاعة.
كما أثارت السلطات في مدينة بونو في بيرو مخاوف بشأن التأثير المحتمل على السياحة، حيث تشترك بوليفيا وبيرو في البحيرة، ويجذب جمالها الطبيعي آلاف الزوار.