اصدر مرصد الأزهر تقريرا حول وضع الطفل الفلسطينى تحت الاحتلال الصهيونى، وقال أنه لم يسلم أى من مكونات الشعب الفلسطينى من بطش الاحتلال الصهيونى، فجرائم الكيان الغاصب طالت حتى براءة الطفل الفلسطينى، ليصبح العامان 2022 و2023 الأكثر دموية حيال الأطفال منذ (15) عامًا.
وهذا الأمر ليس بجديد، فالكيان الصهيونى يتغذى على سفك الدماء، وقتل الأبرياء، والتنكيل بهم؛ لذا يقدم مرصد الأزهر فى هذا المقال عرضًا تحليليًّا عن أبرز الجرائم التى يتعرض لها الطفل الفلسطينى منذ بداية عام 2023م.
ففى تقرير للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال –وهى منظمة حقوقية مستقلة فلسطينية مقرها فى مدينة نابلس- ذُكر أن (37) طفلًا فلسطينيًّا استشهدوا برصاص جنود الاحتلال الصهيونى منذ بداية العام الجارى 2023م. فى حين ذكرت منظمة مراقبة حقوق الإنسان "هيومن رايتس ووتش" أن العامين "2022م- 2023م" هما الأكثر دموية على الأطفال الفلسطينيين فى الضفة الغربية منذ (15) عامًا؛ بسبب انتهاكات الاحتلال الصهيوني.
وما يندى له الجبين، أن قتلة هؤلاء الأطفال الأبرياء لم يتعرضوا لأى محاسبة، أو مساءلة، وهو ما يعنى تشجيع قادة الاحتلال لجنودهم على إراقة المزيد من الدماء الفلسطينية، حتى وإن كانت لأطفال لا يمثلون أى تهديد على حياة أولئك الجنود المحتلين.
ومما ورد فى التقرير أن جميع حالات إطلاق النار كانت على الجزء العلوى من أجساد الأطفال، دون إصدار إنذارات، أو استخدام وسائل شائعة أقل فتكًا، وهو ما يثبت تأكد الجنود من عدم محاسبتهم على ما يقترفون، وكانت صحيفة "هآرتس" العبرية قد نشرت خبرًا أشارت فيه إلى أنه منذ ديسمبر من عام 2021م، بات مسموحًا للجنود الصهاينة بإطلاق النار على الفلسطينيين –كبارًا، أو أطفالا- حتى فى حال إلقائهم مجرد الحجارة، أو الزجاجات الحارقة، دون تحذير، أو استخدام وسائل أخرى مثل قنابل الغاز التى تمكنهم من تفريقهم دون قتلهم، وكأن القتل هو أيسر الأمور على أولئك المجرمين.
وتمتد معاناة الطفل الفلسطينى من القتل إلى الاعتقال فى ظروف غير إنسانية، ويبلغ عدد الأطفال المعتقلين لدى الاحتلال الصهيونى نحو (170) طفلًا، موزعين على معتقلات "مجدو"، و"عوفر"، والدامون"، والتى وصفتها "هيئة شؤون الأسرى والمحررين" الفلسطينية بأنها سجون تفتقر إلى الحد الأدنى من المقومات المعيشية الإنسانية.
ونشرت الهيئة تقريرًا، فى 10 أغسطس 2023م، طالبت فيه المؤسسات الدولية، ومنظمات حقوق الإنسان بالتدخل الفورى والعاجل، لوقف الاعتداءات الهمجية الإجرامية المتكررة التى يتعرض لها الفلسطينيون فى مراكز التحقيق، وخلال عمليات اعتقالهم واقتيادهم والتنكيل بهم من قبل جيش الاحتلال. وقالت: أن الأطفال يتعرضون لأساليب تعذيب منافية للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ولم تحدث فى تاريخ الحقوق والأمم، ما يشكل وصمة عار على جبين هذه المنظمة، والمنظمات الحقوقية الدولية، التى عجزت عن تأمين الحد الأدنى لحماية هؤلاء الأطفال.
ووفقًا للإحصائيات الصادرة، فقد اعتقلت قوات الاحتلال ما لا يقل عن (17،000) قاصر فلسطينى، تتراوح أعمارهم ما بين (12) إلى (18) عامًا، منذ عام 2000م، كما سُجلت العديد من حالات الاعتقال، والاحتجاز لأطفال لم تتجاوز أعمارهم (10) سنوات.
يُشار إلى أن ثلاثة أرباع الأطفال الأسرى تعرضوا لشكل من أشكال التعذيب الجسدى، فيما تعرض جميع المعتقلين للتعذيب النفسى خلال مراحل الاعتقال المختلفة، حسب آخر الإحصاءات، والشهادات الموثقة لهم من خلال زيارة الطاقم القانونى لهم فى سجون الاحتلال.
جدير بالذكر أن الاحتلال ما زال يتبع سياسة "جز العشب" فى مدينة القدس المحتلة؛ حيث كشفت الإحصائيات أن نسبة اعتقال القاصرين المقدسيين هى الأعلى، إذ يتعرض العشرات منهم للاعتقال والاحتجاز ويتم بلا سند قانونى، إضافة لفرض سياسة الحبس المنزلى بحقهم، والإبعاد عن القدس، وفرض غرامات مالية باهظة عليهم. والاحتلال يسعى من خلال ذلك إلى إبعاد الشبان المقدسيين عن الأقصى والقدس؛ فهم خط الدفاع الأول عن الأقصى أمام انتهاكات المستوطنين واستفزازاتهم.
وأمام هذا الإرهاب الصهيونى، يستنكر مرصد الأزهر الصَّمت الدولى تجاه ما يُرتكب من جرائم بحق الأطفال الفلسطينيين، ويشدد على أن حقوق أبناء الشعب الفلسطينى فى أن يعيشوا حياة كريمة على أراضيهم هى حقوق وليست مطالب، كما أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة تكفُل للفلسطينيين الاستقلال والكرامة هو حق ينادى به أصحاب الضمائر الحرة فى العالم بأسره.
ولذلك دعا المرصد، جميع المؤسسات الحقوقيَّة والدوليَّة، فى مقدمتها منظمة الأمم المتَّحدة للطفولة "اليونيسيف"، إلى العمل على تفعيل التزاماتها القانونيَّة، والأخلاقية أمام الانتهاكات الصهيونيَّة العنصريَّة ضد الأطفال الفلسطينيين، وإلزام الاحتلال الصهيونى بجملة الاتفاقيات، والقوانين الخاصَّة بحماية الطفل.