حالة من الانقسام سادت أروقة الكونجرس الأمريكى بسبب إسرائيل ودعمها فى الحرب الوحشية التى تشنها على قطاع غزة منذ شهر، والتى أسفرت حتى الآن عن سقوط 10 آلاف شهيد فلسطينى، غالبيتهم من النساء والأطفال، فيما تعالت الأصوات الداعية إلى وقف إطلاق النار وتغيير إسرائيل لنهجها.
حيث تصاعدت الأصوات التى تطالب تل أبيب وتضغط على واشنطن من أجل تخفيف حملتها العسكرية على القطاع. فقد أعرب السيناتور المستقل بيرنى ساندرز عن تأييده للتصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباماـ والتى تحدث فيها عن أن الموقف فى الشرق الأوسط يتطلب تأملا وتحليلا دقيقا، ودعا إلى ضرورة استخدام مساعدات واشنطن لتل أبيب لإجبار إسرائيل على التغيير.
وقال ساندرز فى مقابلة مع شبكة "سى إن إن": لو أن إسرائيل تريد هذه الأموال، عليها أن تغير إستراتجيتها العسكرية. ودعا ساندرز إلى تطبق حل الدولتين، وإلى ضرورة وقف القصف الآن.
وكان أوباما قد قال فى مقابلة مع موظفيه السابقين فى شيكاغو يوم الجمعة: لو أردت أن تحل المشكلة، عليك أن تفهم الحقيقة كاملة، وعليك أن تعترف أن لا أحد يداه نظيفتان، وأن الجميع متواطئ بدرجة ما. وساند ساندرز توصيف أوباما للموقف بانه قضية معقدة للغاية.
ورفض ساندرز تأييد أو إدانة انتقاد النائبة رشيدة طليب لبايدن واتهامها له بدعم الإبادة الجماعية للفلسطينين، وقال إن الانتباه يجب أن ينصب على اللهجة التى يتحدث بها الجمهوريون عن الامر، مشيرا إلى الريس السابق دونالد ترامب. وقال ساندرز أنه لو أن أحدا يعتقد ان ترامب سيكون أفضل من نتنياهو فى هذه القضية أو غيرها، فأعتقد أنهم مخطئين بالتأكيد.
وكانت رشيدة طليب قد اتهمت الرئيس جو بايدن بدعم الإبادة الجماعية للفلسطينيين.
وقالت طليب فى فيديو يوم الجمعة: السيد الرئيس، الشعب الأمريكى ليس معك فى هذا الأمر، وسنتذكر هذا فى 2024. وبعد حديثها تتحول الشاشة إلى اللون الأسود، ثم ظهر رسالة مكتوب فيها: "لقد دعم جو بايدن الإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى، الشعب الأمريكى لن ينسى. بايدن، إدعم وقف إطلاق النار الآن، وإلا لا تعتمد علينا فى 2024".
وقالت نيويورك تايمز إن طليب، الأمريكية الوحيدة من أصل فلسطينى فى الكونجرس، كانت فى مقدمة مجموعة من النواب التقدميين الذين انتقدوا دعم بايدن لإسرائيل منذ السابع من أكتوبر، وقالت إن أفعاله ساعدت على قتل المدنيين الفلسطينيين. وكانت طليب قد اجتازت محاولة لتوجيه اللوم لها فى مجلس النواب الأسبوع الماضى بسبب تعليقاتها على حرب غزة، كما أنها تواجه إعلانات هجومية من قبل جماعة ديمقراطية موالية لإسرائيل.
إلا أن اتهام بايدن بدعم الإبادة الجماعية يمثل ما وصفته الصحيفة بـالانتقاد غير العادى للرئيس من جانب أحد نواب حزبه.
وانتقد بيرني ساندرز، حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قائلا إنه يأمل في أن تتم الإطاحة به من المنصب. وأضاف: لديك حكومة يمينية في إسرائيل، وهي حكومة عنصرية. لكن الخبر السار هو أن آخر استطلاع للرأي، فقط 18% من شعب إسرائيل يريدون بقاء نتنياهو في منصبه. أتمنى أن يتخلصوا منه. آمل أن يشكلوا حكومة تتفهم خطورة الأزمة".
من ناحيىة أخرى، أعرب عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي عن قلقهم إزاء ارتفاع عدد الضحايا الفلسطينيين فى قطاع غزة، فيما قالت وكالة بلومبرج إنه يعكس تدقيقا متناميا فى واشنطن حول الرد الإسرائيلى العسكرى على هجوم السابع من أكتوبر.
فدعا جاك ريد، رئيس لجنة الخدمات المسلحة بالشيوخ الأمريكى إسرائيل إلى الاعتماد على الاستخبارات الأمريكية للمساعدة على تقليل الضرر الذى يلحق بالمدنيين، كما دعاها إلى الإلتزام بقوانين الحرب.
وقال ريد فى تصريحات لفوكس نيوز إنهم يريدون أن تبلغ الاستخبارات أهدافا مختارة ودقيقة، ويريدون استخدام الأسلحة موجهة بشكل دقيق مع قنابل أصغر.
وذكرت بلومبرج أن عدم الارتياح والانتقادات الصريحة لحملة إسرائيل العسكرية على غزة قد زادت بين التقدميين وبعض الديمقراطيين الوسط بعد أن أسفرت الحرب عن استشهاد الآلاف من الفلسطينيين.
وحذرت الوكالة من أنه فى ظل الخلاف بين البيت الابيض والجمهوريين فى مجلس النواب حول حل قرار تشريعى لتقديم مساعدات طارئة لإسرائيل، فإن الخلافات الحزبية والانتقادات تمثل مخاطر سياسية لبايدن ولإسرائيل، حتى وإن كان حلفاؤها فى واشنطن يؤكدون حقها فى الدفاع عن نفسها.
وكان السيناتور كريس ميرفى، رئيس اللجنة الفرعية للشرق الأدنى ووسط وجنوب آسيا ومكافحة الإرهاب بالشيوخ قد دعا إسرائيل إلى تغيير الاتجاه فى عمليتها فى غزة. وقال إن الوقت قد حان ليعترف أصدقاء إسرائيل ان النهج العملياتى الحالى يسبب مستوى غير مسبوق من الضرر بين المدنيين، ولا يبدو مرجحا أن يحقق الهدف بإنهاء تهديد حماس.
ويقول عدد من الديمقراطيين التقدميين البارزين إن الولايات المتحدة لا تبذل ما يكفى لحماية المدنيين الفلسطينيين، فى حين يعارض الجمهوريون بمجلس النواب ربط مساعدات إسرائيل بمساعدات أوكرانيا.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد ذكرت فى تقرير لها إن بايدن، فعلى الرغم من بعض الإشادات التي حصل عليها لقراره دعم إسرائيل بشكل واضح وقوي، إلا أن هناك أصوات متزايدة داخل الحزب الديمقراطي وخصوصا من الناخبين الصغار في السن والمسلمين والعرب الأمريكيين، تنتقد موقف واشنطن في ظل ارتفاع حصيلة القتلى من المدنيين والأطفال في قطاع غزة.
وأضافت "وول ستريت جورنال"، أنه حتى أعضاء الكونجرس المؤيدين لإسرائيل ويدعمون إرسال المساعدات العسكرية لها، أشاروا إلى ضرورة إظهارها لمزيد من ضبط النفس خلال عملياتها ضد حماس في غزة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة