لا يزال الموقف الأمريكى من الحرب التى تشنها إسرائيل على قطاع غزة، وتأييد إدارة بايدن المطلق لتل أبيب يلقى بظلاله على أروقة الحكومة الأمريكية، لاسيما وزارة الخارجية، حيث ازدادات الانقسامات بشأن هذه القضية.
وقالت صحيفة ذا هيل إن الحرب الإسرائيلية على غزة تعمق الانقسامات بين مسئولى الحكومة الأمريكية غير المنتمين لأحزاب، والذين أثاروا القلق من أن التزام إدارة بايدن الصلب تجاه إسرائيل لا يأخذ فى الاعتبار قضايا رئيسية محل اهتمام.
حيث يتم تداول خطابات ومذكرات معارضة بين العاملين بالخارجية. وتوصف تلك الوثائق بأنها بقيادة مسئولين فى بداية ومنتصف حياتهم المهنية، والذين يتخذون موقفا يضعهم على خلاف مع كبار القادة.
وكان عدد الشهداء الفلسطينيين الذين قتلوا فى القصف الإسرائيلى على غزة، إلى جانب الشحن السريع للأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل قد ألقى بثقله على الدبلوماسيين الأمريكيين.
واستقال جوش بول فى 18 أكتوبر من منصبه فى وزارة الخارجية، حيث كان يعمل فى مجال نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وقال إن آخرين فى الخارجية قد تواصلوا معه منذ استقالته.
وقال بول فى مكالمه مع "ذا هيل" إن يستمع إلى خطين أساسيين من الجدل أو القلق، الأول يمكن أن نسميه موقف أخلاقيا، حيث ينضم الناس إلى الحكومة فى فعل الخير، ولا يحبون تسهيل الموت الجماعى للمدنيين، ولا يحبون عندما لا يكون هناك مجال للنقاش السياسى حول حقوق الإنسان الأساسية. أما الحجة الأخرى التى قال بول إنه يسمعها، هى أن نهج إدارة بايدن إزاء إسرائيل يعزل الولايات المتحدة فى المنطقة ويقوض مكانة أمريكا على المسرح العالمى.
وتابع بول قائلا إن نهج السياسة الحالية له تداعيات سلبية هائلة على السياسة الخارجية الأمريكية، سواء من حيث علاقة واشنطن فى الشرق الأوسط، وعلى مدى أوسع من حيث منافستها الإستراتيجية مع الصين.
من جانبه، قال رئيس اتحاد الخدمة الأجنبية الأمريكية، وهو الاتحاد الذى يمثل أعضاء الخدمة الأجنبية بالخارجية الأمريكيين إن الموظفين فى موقف صعب. وأوضح توم يازجيردى إنهم يعلمون أن هذه قضية مشحونة، وهناك الكثير من المشاعر التى تنطوى عليها، ولا أحد يمكنه ألا يتأثر وهو يرى هذه الصور كل ليلة للأخبار فى المساء.
وهؤلاء الدبلوماسيين موكلون بالقيام بخيارات صعبة بشأن ما هو ضرورة للأمن القومى الأمريكى فى مواجهة أى ضرر جماعى محتمل يمكن أن يحدث.
وأوضح يازدجيردى أن قيادة الخارجية الأمريكية، ورابطة أعضاء الخدمة الأجنبية التقوا، كل على حدة، بمنظمات الموظفين لضمان أن يتم دعمهم وسماعهم.
وأشار إلى وجود ثلاث منظمات للموظفين التقوا أو سيلتقون معهم، وهم العرب الأمريكيين فى وكالات الشئون الخارجية، والمسلمين والأصدقاء الأمريكيين فى الخارجية، والأمريكيين اليهود فى الدبلوماسية، وذلك للتأكد من دعمهم لأن ما يحدث فى إسرائيل وغزة كان له تداعيات داخلية. فالناس تشعر بعدم الأمن، ويشعرون أنه ربما لا يتم الاستماع إليهم.
وقالت ذا هيل إن إدارة بايدن كانت تسير على خط رفيع، تدعو لتوقفات إنسانية أو تكتيكية وتأمل أن تحفاظ على قدرة إسرائيل على تنفيذ الاستهداف العسكرى للفصائل والسماح بمكان لمحاولة حماية المدنيين.
وكان وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن قد قال الأربعاء، بعد زيارة لإسرائيل إنهم يعتقدون أنه يمكن وينبغى أن يتم اتخاذ خطوات إضافية لمحاولة تقليل الخسائر بين المدنيين.
وكان عدة مئات من العاملين فى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قد وقعوا دون كشف هويتهم على خطاب يطالب إدارة بايدن بوقف إطلاق النار ووقف العداوات، بحسب ما أفادت مجلة فورين بوليسى. كما أن بعض موظفى الخارجية الأمريكية يضغطون من أجل أن تدعم إدارة بايدن وقف إطلاق النار وتبنى لهجة أكثر قوة مع الإسرائيليين فى العلن، بما فى ذلك انتقاد تكتيكات الجيش الإسرائيلى وعلاج الفلسطينيين، وفقا لمشروع مذكرة معارضة على الأقل حصلت عليها مجلة بولتيكو.
وأوضحت الصحيفة أن مذكرات القنوات المعارضة تعتبر مقدسة فى وزارة الخارجية، ويفترض أن تظل سرية. وتسمح القناة للعاملين فى أى مستوى بإثارة المخاوف لدى كبار المسئولين، لاسيما وزير الخارجية، بشأن وجهات النظر المتعارضة مع سياسة الإدارة.
ودائما ما يكون مثير للجدل أن تصبح مثل هذه المذكرات علنية، حيث يقول البعض إن نشرها يمكن أن يكون له تأثير مروع على الموظفين الذين يشعرون بارتياح لإبداء معارضى لسياسة الإدارة خوفا من الانتقام.