مارثون إنسانى سياسى خاضته الدبلوماسية المصرية، خلال العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة والذى دخل شهره الثانى، نجحت من خلاله خوض معارك كانت لها الغلبة فيها، ونجحت فى إثناء الغرب عن مواقفه الداعمة لإسرائيل بشكل مطلق، عقب انتهاكات وجرائم وحشية بحق المدنيين لاسيما النساء والأطفال.
المسار الإنسانى فى الدبلوماسية المصرية تجسد فى تأكيد القيادة السياسية ووزير الخارجية سامح شكرى فى المحافل الدولية، وخلال لقاءات مسئولين من القوى الفاعلة على الساحة الدولية، على وقف اطلاق النار وحق دماء المدنيين، ورفع معاناتهم عن طريق ادخال المساعدات، بل وإدانة الجرائم الاسرائيلية، لغة الخطاب المصرية هذه نجحت فى تغيير واضح فى موقف بعض الدول الغربية.
على نحو ما جاءت تصريحات ماكرون خلال لقائه مع الرئيس عبد الفتاح السيسى، حيث اعتبر أن "حل الدولتين" أحد الأسس المهمة لحل القضية، مشددا على ضرورة عبور المساعدات الإنسانية لغزة وتعد بإرسال سفينة محملة بالمواد الغذائية والإغاثية للقطاع، وإرسال طائرة لمطار العريش، محملة بإمدادات رئيسية، بالإضافة إلى تأكيد على أنه من الخطأ استهداف المدنيين فى غزة ولا يتوافق مع قواعد القانون الدولي"
ليس ذلك فحسب بل جاءت إدانات على لسان منظمات دولية وأممية، وعلى لسان داخل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، أدان أنطونيو جوتيريش انتهاكات الاحتلال المتواصلة فى غزة وبعث برسائل مهمة خلال زياته لمعبر رفح أكتوبر الماضى قائلا: "ان أعمال العنف نشأت من صراع طويل الأمد، ادان قتل الأبرياء من الأطفال والنساء فى غزة، وشدد على انه يجب على إسرائيل احترام القانون الدولى واحترام المدنيين، ولقت إلى أن الاحتلال دام 56 عاماً ولا توجد نهاية سياسية فى الأفق، وأن الوضع الإنسانى مأساوى للغاية قبل هذه الأعمال العدائية، حذر من خطورة الحصار ونقل أكثر من مليون شخص إلى أماكن بلا ماء أو مأوى، مشددا على ضرورة توصيل المساعدات لقطاع غزة".
وفى هذا الاطار جاءت أيضا زيارة المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان معبر رفح الحدودى، وتصريحاته التى انتقد فيها الجرائم الإسرائيلية على نحو ما قال "يجب على إسرائيل احترام القانون الدولى الإنسانى، وأن القانون الدولى يحمى المساجد والكنائس والمدارس والمستشفيات، وعلى إسرائيل مسؤولية أخلاقية وقانونية لاحترام قواعد الاشتباك، ولا يمكن لأى طرف أن يفعل ما يحلو له كى يحقق أهدافه"
على الصعيد السياسى أسفرت المحادثات الدبلوماسية التى أجرتها مصر مع كلا من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والجانب الفلسطينى، إلى اتفاق نجحت القاهرة فى انتزاعه بعد مشاورات مكثفة ولقاءات، من أجل حقن دماء الفلسطينيين وأهالى غزة فى خضم عدوان إسرائيلى غاشم دخل شهره الثانى، وادخال مساعدات إنسانية لرفع معاناتهم بعد انقطاع المياه والغاز والكهرباء والاتصالات ونفاذ الوقود من المستشفيات.
وخلال الأسابيع الماضية، كثفت عدد من الدول الأجنبية والأوروبية تحديدا من اتصالاتها وزياراتها إلى العاصمة المصرية القاهرة، للتشاور حول تطورات الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة للاستماع إلى وجهة النظر المصرية فى كيفية معالجة التصعيد العسكرى فى قطاع غزة.
وتواصلت مصر مع كافة الأطراف الدولية الفاعلة وغيرها، وزار القاهرة قادة وزعماء دول أبرزها وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن ورئيس الوزراء البريطانى ريشى سوناك، المستشار الألمانى أولاف شولتس، رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلونى، الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون.
وفى أروقة قلعة الدبلوماسية المصرية "الخارجية"، أجرى وزير الخارجية سامح شكرى اتصالات مكثفة مع وزراء خارجية عرب وغرب، لمتابعة الوضع فى قطاع غزة، وتنسيق الجهود للتعامل مع الأزمة الإنسانية الطاحنة فى القطاع، وبحسب المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية السفير أحمد أبو زيد، هناك إدراك مشترك لضرورة بذل كافة المساعى لوضع حد لتعريض المدنيين للمخاطر.
ليس ذلك فحسب فقد وقفت مصر حائط صد أمام المؤامرة الإسرائيلية لتهجير سكان قطاع غزة وتصفية القضية الفلسطينية..وجائت قمة القاهرة للسلام 2023، التى احتضنتها مصر فى 21 اكتوبر الماضى، بمشاركة دولية واسعة.
أحد الإنجازات الأخرى التى حققتها قمة القاهرة للسلام 2023، هى إلقاء الضوء على جرائم الاحتلال الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة من استهداف وقتل وترويع كل المدنيين المسالمين.وفى الوقت ذاته، كانت فرصة لاستعراض الأزمة الإنسانية التى توصف بالكارثية، والتى يتعرض لها مليونان ونصف المليون إنسان فلسطينى، فى قطاع غزة، حيث تفرض إسرائيل عليهم عقاب جماعى، وحصار وتجويع، وضغوط عنيفة للتهجير القسرى، فى ممارسات نبذها العالم المتحضر الذى ابرم الاتفاقيات، وأَسَسَّ القانون الدولى، والقانون الدولى الإنسانى، لتجريمها، ومنع تكرارها، مما دفع القادة للتأكيد على توفير الحماية الدولية، للشعب الفلسطينى والمدنيين الأبرياء.
ووضعت القاهرة أيضا خارطة طريق تستهدف إنهاء المأساة الإنسانية الحالية، وإحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور، تبدأ بالتدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، ثم التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل، فى مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام، وصولًا لأعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التى تعيش جنبًا إلى جنب، مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولى، مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل، فى الأراضى الفلسطينية".
ولا تزال تكثف القاهرة اتصالاتها للتوصل إلى هدنة إنسانية بالقطاع، بهدف تبادل بعض الأسرى والمحتجزين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة