جهود جديدة تقوم بها مصر بالتعاون مع دولة قطر، لوقف اطلاق النار فى غزة والافراج عن المحتجرين.. وساطة دبلوماسية معهودة وناجحة فى تاريخ الدبلوماسية المصرية، من أجل وقف الحروب الإسرائيلية الخمس السابقة على القطاع، وتأتى امتدادا لدور مصر التاريخي والقيادي في تبني القضية الفلسطينية ورعاية وحماية الشعب الفلسطيني، وإضافة جديدة إلى رصيد الدبلوماسية المصرية الناجحة فى إدارة الأزمات وتهدءة المنطقة التى باتت تعيش على برميل بارود.
الموقف المصري الساعي للتهدئة مدفوع بالحرص على استقرار المنطقة بالكامل، فضلا عن حماية الامن القومي المصري، ولا تتوقف حتى الساعة الاتصالات المصرية - القطرية بحسب قناة "القاهرة الإخبارية" قطرية لدفع جهود التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة والإفراج عن المحتجزين، ما يشير إلى صفقة تبادل أسري وشيكة تلوح فى الأفق بين الفصائل الفلسطينية والجانب الإسرائيلى.
الجهود المصرية أكدتها الإدارة الأمريكية أيضا، ففى السابق قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان لمحطة "سي إن إن"، إن"مفاوضات نشطة ومكثفة" جارية وتشمل إسرائيل ومصر وقطر والولايات المتحدة، بخصوص تأمين إطلاق سراح المزيد من المحتجزين، لكن لم يتضح إن كانوا جميعا ما زالوا على قيد الحياة.
تلك الجهود الدبلوماسية المتمثلة فى دور الوساطة ليست غريبة على مصر، فقبل سنوات أصبحت أحد الأدوات المصرية لإعادة الهدوء إلى الشارع الفلسطينى، فعلى مدار عقود ماضية، نجحت الدولة المصرية، فى وقف اطلاق النار وإعادة القطاع إلى الهدوء الأمنى فى جميع الحروب الإسرائيلة الخمسة فى قطاع غزة (2008، 2012، 2014، 2021، 2022)، وخلال عدوان أكتوبر الغاشم لعبت دورا محوريا للحيلولة دون إراقة المزيد من الدماء البريئة، نددت بسياسة العقاب الجماعى للنساء والأطفال ونادت بضغط المجتمع الدولى من أجل ايقاف اطلاق النار.
ففى خلال عدوان 2021، قامت مصر بدور كبيرا أدى إلى إنهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي أدى إلى استشهاد أكثر من 240 فلسطينيا، وإصابة المئات.
وخلال التوتر بين الفصائل وإسرائيل، اغسطس 2022 لعبت القاهرة دورا كبيرا فى وقف إطلاق النار بشكل شامل ومتبادل في قطاع غزة، لاحتواء التصعيد في القطاع غزة في إطار حرصها على إنهاء حالة التوتر، كما بذلت جهودها للإفراج عن الأسير الفلسطينى خليل العواودة ونقله للعلاج، كما عملت على الإفراج عن الأسير بسام السعدي، وبموجب اتفاق تم وقف إطلاق النار وإنهاء قتال استمرت 3 أيام بين إسرائيل والفصائل وخلف 49 شهيد في غزة.
وخلال 2023، على الصعيدين الدبلوماسي والإنسانى، بذلت مصر الكثير من الجهود لحقن الدماء الفلسطينية خلال العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة والذى دخل شهره الثانى، حيث نجحت من خلاله خوض معارك دبلوماسية، تمكنت من خلالها فى إثناء الغرب عن مواقفه الداعمة لإسرائيل بشكل مطلق، عقب انتهاكات وجرائم وحشية بحق المدنيين لاسيما النساء والأطفال، فضلا عن مسار إنساني تمكنت من خلالها رفع المعاناة عن شعب غزة، فضلا عن الدعوة الجادة بفتح تحقيق دولى فى جرائم الاحتلال لضمان حقوق الشعب الفلسطينى.
على الصعيد الإنساني شددت مصر عبر القيادة السياسية ووزير الخارجية سامح شكرى فى كافة المحافل الدولية، وخلال لقاءات مسئولين من القوى الفاعلة على الساحة الدولية، على وقف اطلاق النار وحق دماء المدنيين، ورفع معاناتهم عن طريق ادخال المساعدات، بل وإدانة الجرائم الاسرائيلية، لغة الخطاب المصرية هذه نجحت فى تغيير واضح فى موقف بعض الدول الغربية.
على نحو ما جاءت تصريحات ماكرون خلال لقائه مع الرئيس عبد الفتاح السيسى، حيث اعتبر أن "حل الدولتين" أحد الأسس المهمة لحل القضية، مشددا على ضرورة عبور المساعدات الإنسانية لغزة وتعد بإرسال سفينة محملة بالمواد الغذائية والإغاثية للقطاع، وإرسال طائرة لمطار العريش، محملة بإمدادات رئيسية، بالإضافة إلى تأكيد على أنه من الخطأ استهداف المدنيين في غزة ولا يتوافق مع قواعد القانون الدولي".
ليس ذلك فحسب بل جاءت إدانات على لسان منظمات دولية وأممية، وعلى لسان داخل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، أدان أنطونيو جوتيريش انتهاكات الاحتلال المتواصلة فى غزة وبعث برسائل مهمة خلال زياته لمعبر رفح أكتوبر الماضى قائلا: "ان أعمال العنف نشأت من صراع طويل الأمد، ادان قتل الأبرياء من الأطفال والنساء فى غزة، وشدد على انه يجب على إسرائيل احترام القانون الدولى واحترام المدنيين، ولقت إلى أن الاحتلال دام 56 عاماً ولا توجد نهاية سياسية فى الأفق، وأن الوضع الإنسانى مأساوى للغاية قبل هذه الأعمال العدائية، حذر من خطورة الحصار ونقل أكثر من مليون شخص إلى أماكن بلا ماء أو مأوى، مشددا على ضرورة توصيل المساعدات لقطاع غزة".
وفى هذا الاطار جاءت أيضا زيارة المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان معبر رفح الحدودى، وتصريحاته التى انتقد فيها الجرائم الإسرائيلية على نحو ما قال "يجب على إسرائيل احترام القانون الدولى الإنسانى، وأن القانون الدولى يحمى المساجد والكنائس والمدارس والمستشفيات، وعلى إسرائيل مسؤولية أخلاقية وقانونية لاحترام قواعد الاشتباك، ولا يمكن لأى طرف أن يفعل ما يحلو له كى يحقق أهدافه"
على الصعيد السياسى أسفرت المحادثات الدبلوماسية التى أجرتها مصر مع كلا من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والجانب الفلسطينى، إلى اتفاق نجحت القاهرة فى انتزاعه بعد مشاورات مكثفة ولقاءات، من أجل حقن دماء الفلسطينيين وأهالى غزة فى خضم عدوان إسرائيلى غاشم دخل شهره الثانى، وادخال مساعدات إنسانية لرفع معاناتهم بعد انقطاع المياه والغاز والكهرباء والاتصالات ونفاذ الوقود من المستشفيات.
وخلال الأسابيع الماضية، كثفت عدد من الدول الأجنبية والأوروبية تحديدا من اتصالاتها وزياراتها إلى العاصمة المصرية القاهرة، للتشاور حول تطورات الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة للاستماع إلى وجهة النظر المصرية فى كيفية معالجة التصعيد العسكرى فى قطاع غزة.
وتواصلت مصر مع كافة الأطراف الدولية الفاعلة وغيرها، وزار القاهرة قادة وزعماء دول أبرزها وزير الخارجية الأمريكي أنتونى بلينكن ورئيس الوزراء البريطانى ريشى سوناك، المستشار الألماني أولاف شولتس، رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وفى أروقة قلعة الدبلوماسية المصرية "الخارجية"، أجرى وزير الخارجية سامح شكرى اتصالات مكثفة مع وزراء خارجية عرب وغرب، لمتابعة الوضع فى قطاع غزة، وتنسيق الجهود للتعامل مع الأزمة الإنسانية الطاحنة فى القطاع، وبحسب المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية السفير أحمد أبو زيد، هناك إدراك مشترك لضرورة بذل كافة المساعى لوضع حد لتعريض المدنيين للمخاطر.، ولا تزال تكثف القاهرة اتصالاتها للتوصل إلى هدنة إنسانية بالقطاع، بهدف تبادل بعض الأسرى والمحتجزين.
ووقفت مصر حائط صد أمام المؤامرة الإسرائيلية لتهجير سكان قطاع غزة وتصفية القضية الفلسطينية..وجائت قمة القاهرة للسلام 2023، التى احتضنتها مصر فى 21 اكتوبر الماضى، بمشاركة دولية واسعة.
أحد الإنجازات الأخرى التى حققتها قمة القاهرة للسلام 2023، ووضعت القاهرة خارطة طريق تستهدف إنهاء المأساة الإنسانية الحالية، وإحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور، تبدأ بالتدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، ثم التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل، فى مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام، وصولًا لأعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التى تعيش جنبًا إلى جنب، مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولى، مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل، فى الأراضى الفلسطينية".
وجاءت القمة العربية الإسلامية لتؤيد موقف وجهود مصر السياسية والإنسانية وتعزز مفهوم الوحدة العربية والإسلامية للوقوف فى وجه الاحتلال، وتؤكد خارطة الطريق نحو الاستقرار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة