مع بدء مرحلة "الجد" فى سباق الانتخابات الأمريكية، وتبقى أسابيع على انطلاق السباق التمهيدى للحزب الجمهورى لاختيار مرشح الحزب الذى سيواجه على الأرجح الرئيس جو بايدن فى نوفمبر 2024، تزداد التحذيرات والمخاوف من تصاعد العنف السياسى، فى ظل بيئة خصبة سمحت للجماعات العنيفة بالصعود، ناهيك عن صعود وتيرة العنف بشكل تقليدى فى أعوام الانتخابات.
وقالت وكالة أسوشيتدبرس إن مخاوف العنف السياسى تزداد فى الولايات المتحدة مع اشتعال السباق فى الانتخابات الرئاسية المقررة بعد أقل من عام، وظهور نظريات المؤامرة.
وأوضحت الوكالة أن خبراء التطرف يخشون أن التهديد بالعنف ذي الدوافع السياسية سيزداد، حيث انتشرت نظريات المؤامرة التي "تشيطن" أعداء دونالد ترامب مع سعى الرئيس السابق للعودة إلى البيت الأبيض.
ونقل التقرير عن جاكوب واير، الخبير فى مركز العلاقات الخارجية الأمريكى والذى يركز على الإرهاب المحلى، إن نظريات المؤامرة والإيديولوجيات الشريرة والمثيرة للانقسام لم تعد قاصرة على الهامش فقط، لكنها تتسلل الآن للمجتمع الأمريكي على نطاق هائل.
وفى الأسبوع الماضى، أدان قاض فيدرالى ديفيد دي بايب بمهاجمة بول بيلوسى، زوج رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابق، فى منزله فى سان فرانسيسكو فى 28 أكتوبر 2022. وقبل الحكم، شهد دي بايب بأنه كان ينوى احتجاز نانسى بيلوسى رهينة، وكسر ركبتيها لو كذبت النائبة الديمقراطية عليه عند استجوابه لها بشأن ما رأى أنه فساد حكومي. وكانت نانسى بيلوسى فى واشنطن فى هذا الوقت.
ولفت تقرير أسوشيتدبرس إلى أن ترامب كان قد ضخم حسابات السوشيال ميديا التي تروج لجماعة كيو أنون، والتي نمت من اليمين المتطرف على الإنترنت لتصبح ملمحا فى السياسات الخاصة بالحزب الجمهورى.
وكان العديد من المشاركين فى اقتحام الكونجرس فى 2021 قد تبنوا معتقدات كيو أنون قبل أن يسافروا إلى عاصمة البلاد للمشاركة فى مسيرة ترامب تحت شعار "أوقفوا السرقة" فى هذا اليوم.
في حملته الانتخابية لعام 2024، كثف ترامب خطابه القتالي بالحديث عن الانتقام من أعدائه. وقد مازح مؤخراً بشأن الهجوم بالمطرقة على بول بيلوسي، واقترح إعدام الجنرال المتقاعد مارك ميلي، الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة، بتهمة الخيانة.
وقالت أسوشيتدبرس إن التهديدات ضد النواب ومسئولى الانتخابات غزيرة، مع أهداف متنوعة. فهناك رجل فى كاليفورنيا ينتظر محاكمة على خلفية اتهامات بالتخطيط لقتل القاضي بالمحكمة العليا الأمريكية، بريت كافانو، الذى عينه ترامب، فى ماريلاند.
ويقول بريان هيوز، الأستاذ فى الجامعة الأمريكية، والمدير الساعد لأبحاث الاستقطاب والتطرف فى جامعة كاليفورنيا، إن المشكلة تتفاقم بسبب التراخى فى الإشراف على المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعى وتنامى صناعة محلية تخلق المؤامرة، والتي تسعى لاستخدام الخطاب المتطرف لكسب المال أو لتوسيع جمهورها.
وأضاف هيوز إن البعض فى هذا الجمهور العريض سيلجأ للعنف مثل دى بايب، الذى ذهب متعمدا ارتكاب أحد أشكال العنف بناء على هذه المعلومات الخاطئة والمدمرة التي تم تقديمها له. ويشير الخبراء إلى أن للاستماع المتكرر إلى أن المعارضين السياسيين لو قادة الحكومة مسئولين عن الأفعال الشريرة يمنح المؤمنين بها كبش فداء لمشكلاتهم، ومهمة أخلاقية لفعل شيء حيال الأمر.
ويوضح الخبراء أن الأعوام المحددة لإجراء انتخابات أمريكية عادة ما تشهد عنفا، سواء كان ذلك جرائم كراهية ردا على هوية مرشح بعينه، أو ردود فعل عنيفة على النتائج غير المواتية، ويتوقعون ان تكون هناك بالتأكيد مثل هذه الحوادث ف 2024.
ونقلت أسوشيتدبرس عن خبراء قولهم إن عودة ترامب إلى صناديق الاقتراع العام المقبل، وأيضا المشكلات القانونية التي يواجهها ستضخم من الخطاب المسيس، ويمكن أن تقود إلى بعض أعمال العنف المتطرف.
ويقول هيوز إن ترامب لديه موهبة تأييد العنف ضمنيا دون أن يقول أي شيء يمثل تأييدا واضحا له بالضرورة.
ومن أجل مكافحة العنف المحتمل، يقول الخبراء إنه يتبغى على الأمريكيين أن يحاولوا خفض حرارة الخطاب السياسى والبحث عن أحبائهم الذين ربما يتجهون نحم التطرف.
وأشار هيوز إلى أن قضا ساعات طويلة ف استهلاك مواد نظريات المؤامرة أمر "مسكر"، فهو يخدر الناس من القلق اليومى بشأن الأوضاع الحياتية بنفس الطريقة التي تفعلها المخدرات. لذلك، يرى هيوز إن هناك حاجة إلى إعادة توجيه التفكير قليلا فى هذا الاتجاه، حتى يمكن البدء فى النظر إلى هذه المشكلة على أنهم مشكلة صحة عامة، وهى كذلك بالفعل.