أكد الدكتور علي عبد العزيز رئيس مشروع حقن التربة الرملية بالطين بمركز بحوث الصحراء التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، أنه تم دراسة وحصر وتصنيف مصادر الطين المختلفة فى مصر وتحليلها لتحديد افضلها علي الاطلاق وترتيب أولويات استخدامها لاستصلاح الاراضي الصحراوية وذلك لضمان أستدامة المشروع .
أضاف أنه تم تقسيم مصادر الطين فى المشروع إلى نوعين، مصادر طين رطبة وتشمل تكريك طمى بحيرة ناصر و الاستفادة منه، وكذلك نواتج تكريك وتطهير القنوات والترع والمصارف ، ومصادر طين جافة وهى منتشرة فى الصحارى المصرية بكميات كبيرة جدا.
زراعه الكرنب
بحيرة ناصر يبلغ طولها 500 كيلو متر طولى ويقع الجزء الأكبر منها داخل الحدود المصرية بحوالى 350 كم وحوالى 150 كم طولى داخل الحدود السودانية، ويلاحظ أن رواسب الطمي المستهدفة في بحيرة ناصر تبلغ حوالي 7 مليارات متر مكعب، 90 % من هذه الكمية تقع داخل الحدود السودانية، كما أن أغلب الرواسب الطميية تقع أقصى جنوب الأراضى المصرية فى أخر 150 كم بين مصر والسودان، والأعلى منها فى أخر 50 كم جميع كميات الرواسب الطميية داخل الأراضى المصرية تقع أسفل منسوب تشغييل السد العالى الأدنى "منسوب 147 م".
كما أوضحت الدراسة، أن كميات الرواسب الطميية الموجودة داخل الأراضى المصرية ومنسوبها أعلى من منسوب السد العالى الأدنى، لا تتخطى 60 مليون متر مكعب، كما أن عمق بحيرة السد 180 م3 ، وبالتالى ارتفاع التكلفة الاقتصادية لعمليات التكريك لاستخراج الرواسب الطميية من بحيرة ناصر، حيث أن عمق التكريك فيها أضعاف عمليات التكريك فى قناه السويس الجديدة والتى يبلغ عمقها 24م .
وبين أن الدراسة الاقتصادية التى قمنا بها فى المشروع أثبتت أن عمليات استصلاح الأراضي الصحراوية باستخدام هذه الرواسب لا يتجاوز 400 ألف فدان فقط، فضلا عن أن تكاليف النقل قد تصل إلي خمسة أضعاف تكاليف الاستخراج وبالتالى تتوقف جدواها الأقتصادية عند منطقة توشكى فقط، ولا يمكن الاستفادة من هذه الرواسب الطميية فى مناطق الاستصلاح الحديثة مثل محافظة الوادى الجديد، وهى تمثل حوالى 44% من مساحة مصر أو الأراضى المستصلحة فى شبه جزيرة سيناء وهى تمثل 6% من مساحة مصر أو حتى أحد المشروعات التنموية مثل مشروع المليون ونصف فدان او مشروع الدلتا الجديدة .
كما أن الفريق البحثى للمشروع قام بأخذ حوالى 15عينة من الرواسب الطميية لبحيرة ناصرفى اخر 150 كم فى من الحدود المصرية السودانية "بمعدل عينة /10كم " وتم تحليلها وتحديد نوع معادن الطين السائدة فيها ونسبة كل معدن، إلا أن الفريق البحثى توصل إلى أن معدن الطين السائد فى هذه العينات هو معدن الكالونيت وهو معدن طين 1:1 ضعيف جدا فى الاحتفاظ بمياه الرى والأسمدة المعدنية عند إضافته إلى الأراضى الرملية المستصلحة بهذه الطريقة، ويحتاج الى أحقاب جيولوجية ليتحول إلى معدن طين المنتومنوريت 1:2 وهو معدن قوى فى مسك مياه الرى والأسمدة الكيميائية كما حدث فى تكوين أراضى الدلتا المصرية الخصبة جيدة الاحتفاظ بالأسمدة بمياه الرى والعناصر الغذائية اللازمة للنبات مما ينعكس على ارتفاع انتاجيتها.
المزارعين
كما أن وجود التماسيح فى بحيرة ناصر يمثل خطرا كبيرا على القائمين بعملية التكريك للرواسب الطميية لبحيرة ناصر ، حيث بلغت أعدادها حسب الدراسات التى أجريت مؤخرا من 6000 – 30 ألف تمساح، وهى أحد أهم أسباب أنخفاض انتاجية بحيرة ناصر من الثروة السمكية، وقد تم تقديم العديد من المشروعات الجيدة لتنمية بحيرة ناصرومنها الصيد المحدود للتماسيح البالغة فى البحيرة دون الإخلال بالتوازن البيئى، وتصدير جلودها ولحومها إلى الخارج.
ويعد هذا المشروع ذو جدوى اقتصادية مرتفعة مقارنة بتكريك الرواسب الطميية لبحيرة ناصر، كما يجب الاتجاه نحوالاهتمام بتنمية الثروه السمكية فى البحيرة ، حيث أن بها حوالى أكثر من 50 نوع من الأسماك والتي انخفضت انتاجيتها من الأسماك تدريجيا لتصل حاليا الي 25 ألف طن سنويا فقط بعدما كانت تبلغ انتاجيتها عند انشائها حوالى 50 ألف طن سنويا .
كما يجب الاهتمام بإقامة المشروعات الأخرى مثل انشاء السدود الركامية عند مداخل الأخواروالتى قد تقلل مسطح البحيرة بأقل تكاليف ممكنة ومن ثم تقليل فواقد البخروغيرها والذى يمكن معه زيادة الضاغط الهيدروليكى على توربينات السد العالى بنفس حجم المياه المخزنة ، وبالتالى زيادة معدلات توليد الطاقة الكهرومائية من محطة توليد السد العالى، كما سيوفر هذا الحل مساحة من الأراضى تقدر بحوالى 300 ألف فدان خلف السدود الركامية يسهل ريها بالراحة حال امتلاء بحيرة السد بالمياه ولكن استصلاح هذه الاراضى سيكون له تأثيرا سلبيا على مياه بحيرة ناصر نتيجة لصرف هذه الأراضى الزراعية على مياه البحيرة، كما أن وجود مجتمعات سكانية حول البحيرة يلوث مياها فيجب مراعاة ذلك عند اقامة مثل هذه المشروعات .
ومن الأسباب التى حالت دون استخدام الرواسب الطميية لبحيرة ناصر، فى هذا المشروع، أن نواتج التكريك من الرواسب الطميية تخرج فى صورة مبتلة فيلزم لنقلها للأراضى الصحراوية المستهدف استصلاحها أن نقوم بنشرها وتجفيفها اولا لسهولة نقلها وبالتالى سوف يتم تبخير كميات كبيرة من المياه العذبة من هذه الرواسب الطميية أو نقلها كماهى، وهذا يحتاج إلى كونتينرات ضخمة وبالتالى تكاليف النقل تكون مرتفعة جدا، ومن ثم ارتفاع التكلفة الأقتصادية لأستصلاح الفدان بهذه الطريقة. وللأسباب سالفة الذكرقام الفريق البحثى للمشروع بأستبعاد اهم مصادر الطين الرطبة المتمثلة فى تكريك الرواسب الطميية لبحيرة ناصر لصعوبة أستخرجها وأنعدام جدواها الأقتصادية .
كما قام الفريق البحثى بدراسة المصدرالثانى من مصادر الطين الرطبة وهى أستخدام نواتج تكريك وتطهير المصارف والترع والقنوات والرياحات وفصل حبيبات السلت والطين منها وحقنها فى الأراضى الصحراوية المستهدف استصلاحها ولكن حال دون ذلك الممارسات الخاطئة مثل القاء مياه صرف المصانع والصرف الصحى والقاء القمامة والحيوانات النافقة بها ، ومن المعروف أن الطين يتمتع بسعة تبادلية كاتيونية مرتفعة ومساحة سطح معرض كبيرة جدا علاوة على انه سالب الشحنة مما يجعله يدمص العديد من العناصرالثقيلة على أسطح معادن الطين ، مما يسبب تلوث الأراضى الصحراوية المستهدف استصلاحها بهذه الطريقة بالعناصرالثقيلة التى تؤثرسلبا على صحة الأنسان والحيوان والأصابة بالأمراض والأوبئة الخطيرة.
استصلاح التربة الرملية
كما قام الفريق البحثى لمشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين بتنفيذ المرحلة الأولى من المشروع بعمل خريطة الكترونية لحصر تصنيف ودراسة مصادرالطين الجافة المنتشرة فى الصحارى المصرية ، وترتيب أولويات أستخدامها في حقن التربة الرملية بها لرفع خصوبتها وتحسين خواصها المائية ، ولكن الاستصلاح بهذه التقنية لابد أن يكون قائم على دراسة مستفيضة لمصادر الطين الجافة في مصر من حيث أماكن تواجدها بكميات اقتصادية وتحليل خواصها الطبيعية والكيميائية والمنرالوجية وتحديد معدن الطين السائد بها ونسبته، ويتم توقيع كل هذه المعلومات لكل منطقة دراسة بإحداثياتها على خريطة إلكترونية يتم تحديثها بشكل دوري عند دراسة منطقة جديدة ويتم ترتيب أولويات إضافة مصادر الطين الجافة المدروسة للظهير الصحراوى القريب من كل منطقة دراسة لتحسين الخواص الطبيعية والكيميائية والمائية للتربة الرملية ورفع خصوبتها ، وبناءا على هذه الخريطة سيتم تحديد أماكن وضع خطوط الإنتاج لفصل حبيبات السلت والطين في الأماكن المدروسة بحيث تكون قريبة من المناطق المستهدف أستصلاحها بهذه التقنية لتوفيرتكاليف النقل وذلك لضمان استدامة المشروع وجدواه الاقتصادية، لذا تم تقسيم مصر إلى 4 نطاقات (المنطقة الغربية التي تمتد من الضبعة إلى السلوم) - (محافظة الوادى الجديد والواحات) - (شبه جزيرة سيناء وتشمل شمال ووسط وجنوب سيناء) – (المنطقة الجنوبية (صعيد مصر) ويمتد من الجيزة إلى أسوان) من أجل استصلاح الظهير الصحراوى لهذه المناطق الأربع.
كما قام الفريق البحثى لمشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين بتنفيذ المرحلة الثانية من المشروع من خلال أنشاء خط الأنتاج (قادر1) لتكسير وطحن وفصل حبيبات السلت والطين من المصدر ويخدم هذا الخط الأراضى الصحراوية المستهدف أستصلاحها فى نطاق الساحل الشمالى الغربى (من الضبعة وحتى السلوم)، وتم وضعه فى مركز التنمية المستدامة لموارد مطروح بمنطقة القصر ويتم تغذيته بخامات الطين التى تم دراستها فى المنطقة الغربية ويقوم بفصل حبيبات السلت والطين منها تمهيدا لحقنها فى التربة الرملية المستصلحة حديثًا لتحسين خواصها الطبيعية والكيميائية والمائية ، ومن ثم توفير50 -60% من كميات مياه الري المضافة وتوفير35 – 50% من معدلات الأسمدة الكيميائية وكذلك توفير أكثر من 70% من الأسمدة العضوية المضافة، بالإضافة الى زيادة انتاجية الفدان المنزرع بالمحاصيل الحقلية والخضر المستصلح باستخدام هذه التقنية من 15 – 35%.
والجدير بالذكر أنه لا توجد تربة طينية تحتوى على نسبة 100% من حبيبات السلت والطين فأخصب أنواع الأراضي الطينية فى مصر لاتزيد نسبة حبيبات السلت والطين فيها عن 50% والباقى رمل وشوائب، لذا فإن خطوط فصل حبيبات السلت والطين من المصدرتوفر اكثر من 50% من تكاليف النقل من خلال فصلها لحبيبات السلت والطين وهو المكون الأقتصادى للمشروع وليس الرمل والشوائب.
أرض زراعية
وقام الفريق البحثى بتنفيذ المرحلة الثالثة للمشروع باستخدام تقنية حديثة لمعالجة الأراضي الرملية والرملية الجيرية المتدهورة بالملوحة والقلوية ورفع خصوبتها من خلال حقنها بحيبات السلت والطين المعالج ويحتاج الفدان المحقون كليا من 20 -25 طن فقط من خام السلت والطين المعالج، وذلك على حسب قوام التربة الرملية وذلك لعمق حقن 40 – 50 سم وهى منطقة انتشار الجذور الفعالة للخضر والمحاصيل الحقلية يتم ذلك من خلال معدات مبتكرة خاصة بذلك كما تحتاج الشجرة من 70 - 100 كجم فقط من خام السلت والطين المعالج وذلك على حسب قوام التربة الرملية وذلك لعمق حقن 1 - 1,5م ويتم ذلك من خلال حاقن خاص بالشجر.
وأوضح رئيس مشروع حقن التربة الرملية بالطين، أن خامات الطين الجافة تتوافر بمليارات الأمتار المكعبة فى شتى ربوع الصحارى المصرية مما يحقق الاستدامة لمشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين وتمكنه من التوسع الأفقى فى مشروعات أستصلاح الأراضى الصحراوية الحديثة من خلال مياه الرى التى يتم توفيرها بأستخدام هذه التقنية، كما تواجد هذه الخامات يفتح آفاق التصدير لتميز هذه الخامات بجودتها العالية مقارنة بالدول الأخري ، لذا أوصي بضرورة التوسع في إنشاء خطوط إنتاج للسلت والطين في مختلف المناطق المستهدفة بسعة انتاجية كبيرة لتحقيق المردود الاقتصادي للمشروع وضمان استدامة المشروعات القومية الزراعية الحالية والمستقبلية.