نجحت مصر فى تطبيق أولى مراحل خارطة الطريق التى أعلنت عنها خلال |قمة القاهرة للسلام 2023"، لوقف العدوان الإسرائيلى التى استضافتها أكتوبر الماضى، بإقرار هدنة فى قطاع غزة -خلت يومها الثانى- وعودة الهدوء للقطاع بعد نحو أكثر من 6 أسابيع من القصف الإسرائيلى المتواصل والمجازر البشعة بحق الفلسطينيين.
خارطة طريق التى أعلنت عنها مصر خلال "قمة القاهرة للسلام 2023" التى استضافتها اكتوبر الماضى، تستهدف إنهاء المأساة الإنسانية الحالية، وإحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور، تبدأ بالتدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، ثم التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل، فى مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام، وصولًا لأعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التى تعيش جنبًا إلى جنب، مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولى، مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل، فى الأراضى الفلسطينية".
ليس ذلك فحسب، بل جعلت القاهرة من فكرة "التهجير القسري" للفلسطينيين مبدأ منبوذ ومرفوض عربيا ودوليا "عالميا"، باعتباره يمثل جريمة دولية ومخالفة صريحة للقانون الدولي والإنساني"، ولما له من مخاطر على الأمن القومى المصري ودول الجوار الفلسطينى، وخطورة اتساع رقعة الصراع اقليميا، وأكدت القاهرة على ذلك خلال القمة وما تلاها من قمة الرياض "القمة العربية الإسلامية المشتركة" بالرياض"، فضلا عن الخطاب السياسى الذى تبنته مصر فى المحافل الدولية وخلال لقاءات المسئولين الأوروبيين، دفعهم لتغيير نبرتهم وتبنيهم رفض مبدأ التهجير بعد أن كانت المنابر الغربية تصدع به دعما لإسرائيل.
وجائت مرحلة الوساطة المصرية المعهودة منذ عقود فى بداية أى حل للقضية الفلسطينية، فبعد أسابيع من الاتصالات المكثفة والتشاورات، نجحت الجهود المصرية وبالتعاون مع قطر، في التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار مؤقت لمدة 4 أيام، كما بذلت مصر جهودا سياسية ودبلوماسية وأمنية مكثفة لمنع تفاقم الصراع والقيام بدور الوساطة للتوصل لاتفاق هدنة وصفقة تبادل أسرى، تهدف مصر من خلالها أن تسهم في خفض حدة التصعيد يعقبها هدن أخرى ثم وقف دائم لإطلاق النار، ولعبت القاهرة دورا رئيسيا ومحوريا خلال الحروب السابقة على غزة في الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار بوساطة مصرية.
وتكللت جهودها بنجاح الوساطة ودخول الهدنة حيز التنفيذ صباح الجمعة 24 نوفمبر 2023، ومع عودة الهدوء للقطاع، تواصل الصفقة طي مراحلها الأولى فى تبادل الأسري بين الطرفين بمشاركة جهات مصر السيادية، لضمان انجاحها، وفى اليوم الأولى من الهدنة كثفت مصر اتصالاتها مع الجانب الإسرائيلى والفلسطينى، من أجل تثبيت اتفاق الهدنة الإنسانية فى الأراضى الفلسطينية، ومنع حدوث تجاوزات خاصة بعد إطلاق إسرائيل النار بمحيط المستشفى الإندونيسى فى قطاع غزة، بحسب ما كشفت مصادر لقناة "القاهرة الإخباري.
وفى ثانى ايامها سيتم الإفراج عن 13 محتجزا إسرائيليا لدى حماس مقابل 39 معتقل فلسطيني، بموجب اتفاق الهدنة. وفقا للاتفاق، يتم يومياً إدخال 200 شاحنة من المواد الإغاثية والطبية لكافة مناطق قطاع غزة، وإدخال 4 شاحنات وقود يوميا وكذلك غاز الطهي لكافة مناطق قطاع غزة.
كما نجحت مصر فى انجاز اتفاق -رغم عرقلة اسرائيل- بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والجانب الفلسطينى، لإعادة فتح المعبر من الجانب الفلسطينى، وإدخال عددا من شاحنات المساعدات إلى غزة، ونقل مصابين من الحالات الحرجة بينهم أطفال ثم السماح للرعايا الأجانب ومزدوجى الجنسية من العبور، ولا تزال حتى اليوم تعبر شاحنات المساعدات وتستقبل الحالات الحرجة وبينهم أطفال.
وتأتى المرحلة الأخيرة من الخارطة التى اعلنت مصر وهى العودة لمسار الحل السياسى، وفق للثوابت المصرية تجاه القضية الفلسطينية، والتى تضمن حق الفلسطينيين المشروع فى اقامة دولة مستقلة، للوصول إلى الهدف النهائى هو إقرار تسوية عادلة للصراع الإسرائيلى - الفلسطينى من خلال مبدأ حل الدولتين على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية.
وأعلنت مصر عن رؤيتها التى تستهدف حلًا عادلًا وشاملًا يضمن الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، من خلال إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، رؤية أجهضت من خلالها المخططات الغربية تنحاز لإسرائيل وتستهدف استبعاد غزة من سيناريو حل الدولتين وتخطط لاستبعاد فصائل فلسطينية معينة من المشهد وإقصاءها.